
ليلة ليست ككل الليالي، فقد كانت طويلة سنوات إلى الوراء، مرت على أب لعائلة داخل بيته محاصرا من طرف مجرمين، جعلته يعايش مستقبلا بذاكرة ماض يحاول التملص من حاضره الذي أتعب فكره وأجهد جسده. المسرحية التي اختار لها صاحبها الكاتب والصحفي السابق “سيد احمد سهلة” عنوانا بارزا موسوما بـ”ذيك الليلة”، في دلالة واضحة أن ما حدث في تلك الليلة صعب النسيان ومستحيل المحو من الذاكرة، بل هو جزء مهم من الذاكرة. ومجرد سماع العنوان، فإن العقل الباطن يسحب صاحبه إلى ماض تكاد تلفت عليه خيوط النسيان، لينتعش من جديد ويندمج في قراءة جديدة لماض ظن أنه لن يعود، على غرار بطل المسرحية الذي يعود إلى ماضيه بعد 15 سنة.
“ذيك الليلة” انتهى من كتابتها “سيد أحمد سهلة” باللغة الفرنسية قبل ست (6) سنوات، وترجمها إلى العربية الجزائرية الكاتب الكبير “رشيد بوجدرة”، يؤدي أدوارها 4 شخصيات، رجلي أمن (2) والأب الذي يؤدي دورين (أب في الحاضر وكذلك في زمن آخر)، تعود بالأذهان إلى المأساة الوطنية، تعتمد لغة الشعب الجزائري (الدارجة)، لأنها الأقدر على إيصال الرسالة، للجمهور كما يقول كاتبها. وقد تعمدها الكاتب “سيد احمد سهلة”، ليبقي على العمق الروحي على فصولها. بينما يعمل على إخراجها الفنان المتألق “محمد فريمهدي”، وينتجها “المسرح الجهوي عبد القادر علولة”، وهو ما جعل “”سهلة” يعبر عن ارتياحه وسعادته كونها سبق وأن اشتغل مع المخرج “فريمهدي” في عملين مسرحيين سابقين، لاسيما وأن “فريمهدي” يجيد القراءة في التراجيديا خاصة الاغريقية، والمتحكمين فيما يعرف بـ”القراءة تحت النص”. تعتبر المسرحية التي شرع المشتغلون عليها مرحلة القراءة الإيطالية، من المسرحيات التي تعالج حقيقة معاشة ومرحلة تاريخية مهمة في مسيرة الشعب الجزائري، من خلال طريقة القراءة لها القديمة الجديدة، تعمد كاتبها “سيد احمد سهلة” إدماج المتلقي فيها من خلال جعله يستغل تلك المساحة الزمنية للذاكرة وإعادة تصوير مفاهيمها وعباراتها وفق حبكة فنية أبقت على الاصالة اللغوية الممارسة من طرف الشعب، على غرار ما قام به كتاب كثر مثل “سيد لخضر بن مخلوف، الخالدي، سيدي بومدين”.
يذكر أن للكاتب والصحفي “سيد احمد سهلة” مسرحيات مهمة على غرار “حبس المدينة” التي أنتجها مسرح قسنطينة… .
ميمي قلان