
تعتبر الجزائر دولة طاقوية بامتياز، توفر الطاقة على غرار الكهرباء التي تغطي كل ترابها الجغرافي، فيما توجهت إلى التصدير نحو باقي الدول الفائض منها، في وقت تعرف الكمية الموجهة إلى الداخل تعرف استنزافا في الاستغلال في غياب سياسة الترشيد وانتشار ثقافة التبذير والاستغلال العشوائي، ما جعل أصواتا تتعالى منبهة إلى ضرورة إعادة النظر في طريقة تسيير الطاقة بالداخل الجزائري وتفعيل سياسة لترشيد الاستهلاك.
وفي هذا الإطار، فإن “سمير شيباني” والي وهران، دعا المختصين إلى تنظيم ملتقى محليا يحضره المعنيون من الهيئات لاسيما البلديات، وحتى قطاع التربية من أجل اطلاع التلاميذ على كيفية ترشيد الطاقة وتفادي مخاطرها خاصة الصحية، وهو ما سهر على تنظيمه المنتدى الجزائري للاقتصاد الطاقة والطاقات المتجددة، وعنونه ب”الملتقى لترشيد استهلاك الطاقة مع تنمية المقاولاتية”، تحت شعار ” من أجل طاقة نظيفة ومستقبل مستدام”، على مستوى قاعة المحاضرات بالجامع القطب عبد الحميد بن باديس. حيث تأسف المتدخلون لغياب المعنيون لاسيما المصالح البلدية لأنهم الأكثر استهدافا، كونهم يستغلون الطاقة (الكهرباء) بكميات كبيرة وهناك مخاطر كثيرة تشكلها الكهرباء كحوادث الحرائق وتهديد سلامة الأفراد والمنشآت لغياب ثقافة الوعي بطريقة تسيير الكهرباء بطريقة صحيحة وآمنة. وفي هذا الإطار، فقد أكد الأمين العام لولاية وهران الذي ناب عن الوالي، بأن تنظيم الملتقى سيسمح بالخروج بتوصيات، سيتم دراستها وإعادة تقييمها من أجل التوجه نحو التنفيذ الميداني لترشيد استهلاك الطاقة، تفاعلا مع إستراتيجية السلطات العليا للبلاد.
“حسين بن شني” رئيس المنتدى الجزائري للاقتصاد الطاقة والطاقات المتجددة: 5 مليون نقطة ضوئية غير مؤهلة للدخول مباشرة في التسيير الذاتي
كشف “حسين بن شني” رئيس المنتدى الجزائري للاقتصاد الطاقة والطاقات المتجددة أنه توجد 5 مليون نقطة ضوئية غير مؤهلة للدخول مباشرة في التسيير الذاتي، وأنه يجب الخضوع للتأهيل الكهربائي، من أجل الإندماج الصحيح في عالم التكنولوجيا و الرقمنة.
وفي الملتقى الولائي الذي نظمه المنتدى برعاية الوالي “شيباني”، فقد أكد “بن شني” أنه يتعين على المشتغل في الكهرباء أن يكون مزودا ببطاقة التكوين والتأهيل في المستويات الثلاثة (أ، ب، ج)، وإلا فإنه موجود في خانة غير عادية. مشيرا إلى ضرورة المرور بالمراحل الأساسية اللازمة للوصول إلى مستوى التسيير الذاتي للنقاط الضوئية، في وقت أكد فيه أن إعادة النظر في مجال تسيير الطاقة، وتفعيل التنسيق بين مختلف الهيئات والأطراف سيتيح الفرصة لتوفير 555 منصب عمل سنويا في قطاع الطاقة،كما عرج “بن شني” على ظاهرة سرقة أغلاق الأعمدة الكهربائية من طرف المجرمين الذين يتاجرون في بقايا المعادن دون الانتباه إلى خطر الموت الذي يهدد البشر و الحيوانات في حال لمسوا الخيوط الكهربائية المتواجدة عارية بالعمود الكهربائية وإمكانية تعرضهم للصعق، مقترحا حلولا للمشكل.
وأضاف حسين بن شني” رئيس المنتدى الجزائري للاقتصاد الطاقة والطاقات المتجددة، أن 3 محطات لإنتاج الطاقة الشمسية ستدخل حيز الخدمة قريبا من ضمن 21 محطة مازالت في مرحلة الإنجاز، معلنا أن الأيام القادمة ستعرف امضاء اتفاقيات مهمة، بمشاركة 20 مؤسسة منها 5 مكاتب دراسات، المنتدى الجزائري للاقتصاد الطاقة والطاقات المتجددة ومراكز التكوين والتعليم المهنيين من أجل الانطلاق الميداني في تنفيذ مشروع ترشيد الطاقة.
الخبير “محمد خدام”: يجب الإندماج وتفعيل مواصفة إيزو 26000
أكد المتقاعد المدير السابق بالمعهد الجزائري للتقييس، الخبير “محمد خدام”، أنه يتعين على جميع الهيئات والمؤسسات الإندماج وتفعيل المواصفة إيزو 26000، من أجل الوصول إلى نجاعة سياسة الترشيد ليس فقط في الطاقة وإنما كل المجالات، خاصة وأن إيزو 26000 مهتمة وشاملة لكل ما يدور في عقل الإنسان.
وأضاف الخبير “خدام” في حديثه إلى يومية “البديل”، أن الملتقى لترشيد استهلاك الطاقة مع تنمية المقاولاتية”، تحت شعار ” من أجل طاقة نظيفة ومستقبل مستدام”، يعتبر فرصة لتعرف المؤسسات والهيئات ما يجب أن يتم تنفيذه لإنجاح فكرة ترشيد الطاقة، مشيرا إلى أنه يتعين على السلطات وضع نظام خاص من أجل التسيير الصحيح للإنارة العمومية، وذلك بالتنسيق مع المعهد الجزائري للتقييس، من أجل إنجاح الفكرة بتنفيذ مشروع مدروسة بدقة. مستدلا لتجربة تمت في 2018/2017، حيث تمت مرافقة 4 بلديات وطنيا (وادي تليلات بولاية وهران، برج بوعريريج وقسنطينة)، وقد النتيجة مخيبة، لأن البلديات تخضع للانتخابات وبالتالي المنتخبون الجدد يهمشون ولا يعيرون برامج مشاريع سابقيهم اهتماما، مما جعل المشروع يفشل.
بينما كشف أنه بمرافقة المعهد الجزائري للتقييس لمؤسسات أخرى، انضمت إلى النظام الإداري للطاقة، نجحت في تخفيض استهلاك الطاقة على مستواها بنسبة 25%، وهو ما يؤكد أن مزايا الإندماج في إيزو 26000 كثيرة، على الفرد و المنظمة و المحيط وحتى البيئة، لأنه يهدف إلى التنمية المستدامة.
الدكتور “عبد اللطيف رحمون”: المصابيح البيضاء خطر على الفرد والطبيعة
من جهته، حذر الناشط الجمعوي والطبيب “عبد اللطيف رحمون” من استعمال المصابيح البيضاء المعروفة ب”لاد”، لأنها تؤثر سلبا على الجهاز العصبي وتثير الأعصاب للأفراد، الحيوان وحتى النبات والأشجار.
وفي مداخلة له بالملتقى لترشيد استهلاك الطاقة مع تنمية المقاولاتية”، الذي نظم تحت شعار ” من أجل طاقة نظيفة ومستقبل مستدام”، أوضح الدكتور “رحمون” أن الضوء وإن كانت خافتة على غرار تلك الموجودة بالمقابس المتعددة، التلفاز، شاشة الهاتف و الحاسوب،إضافة إلى الإضاءات المألوفة (المصابيح)، لها تأثير كبير على صحة وسلامة الدماغ، لأن أشعتها ليست بيضاء كما يبدو لنا، بل هي أشعة زرقاء مضرة ومهددة لسلامة الصحة العقلية و الجسدية للفرد. كما أشار الدكتور “رحمون” إلى أن سوء تسيير الإنارة العمومية من طرف البلديات خاصة يؤثر على النظام البيئي ككل، بسبب التسيب في تسييرها، على غرار الإبقاء عليها مشتعلة حتى في النهار، مضيفا أن أثرها السلبي يؤثر على مسار الطيور المهاجرة، التي يتسبب لها النور الساطع في تشتيت بوصلة رحلتها، فتغير مسارها وبالتالي تتعرض للموت لعدم تحكمها في برنامجها الزمني (عدم التفريق بين الليل و النهار). كما تطرق ذات المتدخل إلى خطورة إدمان الأطفال لاسيما الذين هم دون 3 سنوات على الأجهزة الإلكترونية، وآثارها السلبية على أدمغتهم، وكذلك تأثير ذلك على المردود الدراسي للتلاميذ وتراجعهم الملحوظ في المستوى التعليمي في مختلف الأطوار.
وفي ختام تدخله، عاد الدكتور “عبد اللطيف رحمون” ليذكر بضرورة التخلي عن المصابيح البيضاء و التوجه إلى إستعمال المصابيح ذات الإنارة الصفراء، لأنها صحية أكثر سواء في الاستعمال الداخلي أو الخارجي.
“حسان منور”، رئيس الجمعية الوطنية “أمان”: الاستعانة بمكاتب دراسات لترشيد الطاقة ضرورة وليس تبذير
عبر “حسان منور”، رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك -الأمان- عن أسفه للتجاهل المتعمد من طرف المؤسسات، الهيئات والتنظيمات لمكاتب الدراسات واعتبارها عنصرا ثانويا لا فائدة من مساهمته بل هي تبذير للأموال فقط، في حين أن دورها رئيسي وضروري من أجل ضمان نجاح أي مشروع وديمومته طويلا.
حيث اعتبر خلال مداخلة له ضمن فعاليات الملتقى لترشيد استهلاك الطاقة مع تنمية المقاولاتية”، الذي نظم تحت شعار ” من أجل طاقة نظيفة ومستقبل مستدام”، أن تخلي البلديات والمؤسسات والهيئات عن مكاتب الدراسة فيما يخص تنفيذ مشاريع شبكات الكهرباء، غالبا ما تكون نتيجته وخيمة، تظهر آثارها لاحقا من خلال الصعقات الكهربائية، اندلاع الحرائق، تلف التجهيزات، وخسائرها الكبيرة. وبمراجعة شبكة الكهرباء تظهر الأخطاء المرتكبة أثناء الإنجاز سواء غياب التأريض، استعمال كوابل وأسلاك غير مسابقة للمواصفات القانونية، إستعمال منتجات مقلدة وغير آمنة، ضعيف نظام الشهادات والمطابقات، خلل في الأعمدة الكهربائية وداخل المباني، تدخل أشخاص غير مؤهلين….
وفي ذات السياق، دعا “حسان منور” إلى ضرورة فرض المراقبة التقنية عبر اعتماد مكاتب معتمدة، إنشاء هيئة وطنية باعتماد التجهيزات الكهربائية، تأهيل و تكوين الكهربائيين، مراجعة دفتر الشروط الخاص بالمستثمرين العقاريين…
يذكر أن الملتقى ورغم أهميته إلا أنه عرف غيابا للمعنيين خاصة البلديات، بينما حضر التلاميذ و المؤسسات المالية على غرار البنك الوطني الجزائري، والوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية “ناسدا” وعديد الجمعيات على غرار جمعية “كافل اليتيم” المكتب الولائي وهران ممثلة بلجنة البيئة والمواطنة بقيادة “يحياوي الهواري”، وممثلين عن الجامعة والتكوين المهني والتمهين.
ميمي قلان