لك سيدتي

تزامنا مع شهرهن الوردي “تيك توك”.. منصة لتعافي الوردات الذابلة

وأنت تقلب بين دفات المنصات الرقمية لوسائل التواصل الاجتماعي، تشد انتباهك منصة “تيك توك” بالنشاط المباشر لعملائها (اللايفات)، والتي تعمل على دعم وتحفيز النساء المصابات بداء السرطان تزامنا مع شهر أكتوبر الوردي. 

 

حيث أصبح ولوج النساء محاربات السرطان يشهد ارتفاعا يوميا إلى وسائط التواصل الاجتماعي، وسط عفويتهن وبساطتهن في التواصل، دون تكلف ولا مشاكل “جمالية”، فتظهر المرأة خاصة الفتيات دون باروكة (شعر مستعار)، في تحد واضح للمرض وتفوق حقيقي على المظاهر المزيفة، بابتسامات جميلة تكشف الأمل الذي يحذوهن في مسيرتهن التي لا تتوقف، بل تزداد تحديات بمرور الوقت، بمواجهة الألم وأحيانا التنمر من أشخاص يعانون نقصا في الثقة ومشاكل نفسية، مقابل أشخاص يتفاعلون معهن بكل إيجابية ومستوى راقي.

 

“نينا”… من الجزائر إلى أمريكا… تجربة تحدي مذهلة

أصبحت “نينا” الشابة الجزائرية، التي اكتشفت إصابتها صدفة، منبع قوة لمواجهة تحديات الحياة وليس المرض فقط.

فقد أضحى حسابها على منصة “تيك توك” مصدر إلهام للاندفاع نحو الحياة الجميلة والسعي لتحقيق الأهداف مهما كانت نسبتها، بجعله مساحة للتواصل المباشر مع مختلف الأشخاص مرضى وأصحاء. يتفاعلون، يتبادلون التجارب والنصائح التي تجعلهم يتفوقون على الألم، بينما لا تتوقف “نينا” عن إعادة سرد رحلتها مع السرطان، ومرافقته بتشجيع غيرها على ضرورة التحلي بالقوة والصبر والثقة في النفس، فهي درس وعبرة، إذ أنها لا تتردد في نصح الآخرين بإلزامية زيارة أكثر من طبيب عند الاكتشاف الأول لأي تغير في الجسد، من أجل التأكد من الإصابة، خاصة وأنها مَثل حي عن ما تعيشه اليوم من مشاكل صحية، إذ أنها بعد شهرين من فقدان شقيقتها الصغيرة “رحمها الله”، انتقلت من الجزائر إلى أمريكا لتزور الطبيب هناك بعد شعورها ببعض الألم، فيواجهها بالحقيقة: “أنت مصابة بداء السرطان منذ عام كامل”، لكنها قاطعته بقولها: “لقد زرت الطبيبة وأنا بالجزائر وأجرت لي كل التحاليل اللازمة، وتبين أنه مجرد انتفاخ لا يتعدى حبة عدس”، إلا أنه أكد لها أن حبة العدس كبرت وأصبحت مثل حبة الليمون، والعلاج متأخر نوعا ما… لتنطلق رحلتها مع العلاج.

“نينا” تغلب على محياها الابتسامة وحديث التفاؤل، رغم تخوفها على نفسية والدتها، التي ما تزال لم تشف من فراق فلذة كبدها بعد لتصدم بإصابة “نينا”، التي بدأت تخضع لجلسات “الكيماوي” تحضيرا لخضوعها للعملية الجراحية من أجل استئصال الورم من ثديها، ورغم تأثير جلسات الكيماوي إلا أن “نينا” تفتح البث المباشر على حسابها “تيك توك” مباشرة، لتقاسم متابعيها ومن أصبحوا أصدقاء لها في هذا العالم الافتراضي لحظات الألم والأمل، وعوض أن تشتكي تتحول إلى منبع التحدي، تنشر القوة وتبث الحماس في متابعيها، خاصة النساء المتخوفات من العلاج واللواتي أصبن حديثا بالمرض، مانحة أياهن الشجاعة على المواجهة وتجديد الثقة بأنفسهن، لتخطي المرحلة بنجاح وثبات. كما أن “نينا” لا تتوقف عن تقديم تجربتها مع النظام الغذائي وبرنامجها اليومي المليء بالنشاط والحيوية، والذي لا يخلو من ممارسة الرياضة، المشي، القراءة، إدمان البرامج الهادفة، التواصل الاجتماعي عبر العالم الافتراضي للتعبير بكل سهولة عن ما تمر به من أحاسيس، تبادل الأحاديث مع الآخرين وتبادل التجارب والنصائح، لاسيما ما تعلق بالتداوي بالأعشاب، فهي لا تتردد في نصح المرضى بتجنب تناول الأدوية (الأعشاب ومُغَلاها) عقب الخضوع لجلسات الكيماوي مباشرة لأنها تتحول إلى خطر صحي على صاحبها، بينما تحرص على التأكيد على ضرورة شرب السوائل الخاصة بالفواكه والبنجر، لأنه شراب مقوي وصحي. حساب “نينا” على “تيك توك” تحول إلى فضاء لتلاقي الأشخاص وتعارفهم من مختلف الدول.

 

“محمد”… ناشط يتنقل بين المستشفيات لدعم مرضى السرطان

نشاط “نينا” عبر “تيك توك” جعل حسابها ملتقى لكل الأشخاص والفئات، وينتشر بسرعة، يتواصل من خلاله المتابعون ويتبادلون الأفكار، على غرار “محمد”، الذي تبين أنه ناشط متطوع يزور المرضى في المستشفيات ويزودهم بالمكملات الغذائية خاصة.

يستغل “محمد” تواجده عبر منصات التواصل الاجتماعي، ليتابع رحلة الاستماع لتدخل المرضى والمهتمين بهم، خاصة المصابين بداء السرطان، ليتدخل فيما بعد ويسأل عن معلومات المرضى خاصة ما تعلق بوضعيتهم المادية من أجل منح المساعدة (المكملات الغذائية وحتى الأدوية)، يمضي نهاية الأسبوع في التجول بين المستشفيات يوزع المساعدات الطبية، بعد قضاء أيام الأسبوع في تجميع تلك المساعدات سواء من طرف المتطوعين أو ماله الخاص كونه شخص مرتاح ماديا، يقدم الدعم دون الإفصاح عن هويته الحقيقية، ليبقى واحد من بين المئات من الأشخاص الذين يسخرون كل أوقاتهم لمنح الابتسامة والأمل لمن يتابعون العلاج.

 

جمعية “إيثار” بين الواقع والمواقع…

من جهتها، تستغل جمعية “إيثار” الخيرية والمؤسسة حديث المنصات الاجتماعية لتوسع نشاطها الخيري، خدمة للمحتاجين والمرضى على السواء.

حيث لا يتوانى أعضاؤها في نشر حاجة الأشخاص لكل ما يفتقدونه على غرار الأدوية، المكملات الغذائية، الكشوفات الطبية والتحاليل إلى جانب المساعدات الإنسانية، وهو ما يسهل الوصول إلى المحسنين من أشخاص ومؤسسات يقدمون مساهماتهم المادية دون الكشف عن هويتهم،وما سهل نشاط جمعية “إيثار” هو شبكة العلاقات التي نسجها رئيسها “رفيق بوريش”على مدار ما يقارب 30 سنة أمضاها رفقة عائلته في النشاط التطوعي الشخصي، ما أكسبهم خبرة في برمجة نشاطات على مدار السنة والمساعدة بشكل يومي، مع التركيز على تأهيل المحتاجين لكسب خبرة تسمح لهم بالحصول على مدخول يؤمن لهم حياة كريمة دون الحاجة للمساعدة، بينما تتم الاستعانة بالأصدقاء والمعارف المتواجدين خارج الوطن لتزويدهم ببعض الأدوية المفقودة، وحتى رحلات علاجية لبعض المرضى الذين يحتاجون إلى علاج خاص، ناهيك عن بقية المساعدات، فيما تبحث الجمعية عن فضاء يسمح لها باستقبال المريضات بالسرطان من أجل جلسات التشافي بإشراف نفسانيين، يكون فيها اللقاء متاحا لهم لتبادل الأفكار والفضفضة ،خاصة من أجل الراحة النفسية التي تسمح لهن بتفريغ الطاقة السلبية وإعادة شحنهن بالطاقة الإيجابية، للإقبال على الحياة بكل حب وشغف وذلك لمساعدتهن على رحلة العلاج ومسايرة الحياة بشكل طبيعي.

 

تيك توك فضاء للفضفضة وشحن الطاقة

أضحى “تيك توك” أفضل فضاء للمصابات بمرض السرطان، بعد الشجاعة التي تحلت بها النساء، من خلال انتشار نشاط المهتمين بهذا الداء عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وحسب “خالد بوداوي” الذي يعتبرمحاربا في ميدان العلاج من مرض السرطان كونها يعيش 4 أنواع سرطانات، حتى أصبح صديقا لها، فإن التوجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي يعود إلى حاجة المريض إلى الفضفضة دون خلفية أو تخوف أو حكم مسبق، لأن العائلة أو المحيط أحيانا يجهل التعامل مع المريض خاصة في علاج السرطان، ظنا أن المصاب يحتاج فقط إلى العلاج الجسدي بينما الحقيقة أنه يحتاج إلى المرافقة النفسية أكثر، لأنه يكون منهارداخليا ويرى المرض شبحا يهدده كل الوقت، في حين أنه يتعين على المصاب التعايش مع المرض،كما ذكر بأن مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر فضاء مناسب للفضفضة خاصة النساء اللواتي ترفض المواجهة بوجهها أمام العلن، لأن البعض منهن يتطرقن إلى المعاملة السلبية من طرف محيطهن، لاسيما ما تعلق بالعلاقة الزوجية، لجعل الزوج بالوضعية النفسية المتغيرة للزوجة المصابة، آملا أن تكون المرافقة النفسية عبر فضاءات تسمح بلقاءاتهن لتناول ما تمربه في يومياتهن من أجل تجديد طاقتهن وتجاوز السلبيات التي تعكرصفوحياتهن.

واعتبر المحارب “خالد بوداوي” الإصابة بمرض السرطان فرصة لإبداع المصاب وتجسيد شغفه في الحياة، من خلال القيام بالرياضة والنشاطات الحرفية والتقليدية وكل ما يتعلق بالشغف،على غراره بعد تحوله إلى رياضي يشارك في مختلف الماراطونات داخل وخارج الجزائر، إضافة إلى توجهه إلى عالم الكتابة، بعدما غادر مجال الكتابة الصحفية وعودته إليها مؤخرا، فقد نجح في تدوين 3 كتب، آخرها كتاب يروي فيه رحلته العلاجية مع مرض السرطان والتحديات التي تواجهه ويستمر في مواجهتها،مشجعا المرضى على التوجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الانضمام إلى مجتمع افتراضي يفتح المجال للجميع التعبير عن رغباته ومكنوناته بدون تحفظ ولا مراقبة لصيقة.

يذكر أن نشاط هؤلاء المرضى عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا ينفي وجود البرامج المكثفة التي تواصل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني في تجسيدها على أرض الواقع، من خلال حملات التحسيس والتوعية لفائدة النساء خاصة المتواجدات بالمناطق المعزولة والنائية، من أجل الكشف المبكر عن داء السرطان وكذا دور الرضاعة الطبيعية بالنسبة للمتزوجات في الوقاية من الإصابة به، ناهيك عن اللقاءات الحميمية التي تقوم بها الجمعيات لفائدة المريضات على غرار جمعية “فرد”.

أعدته: ميمي قلان 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى