
فيما يبقى التحدي الأكبر إقناع النساء بالفحص… شهدت المؤسسات الصحية الجوارية بولاية سوق اهراس تحركا ملحوظا خلال الأيام الأخيرة، في إطار الحملة الوطنية للكشف المبكر عن سرطان الثدي وعنق الرحم، حيث نظمت سلسلة من الأنشطة التوعوية والفحوصات المجانية التي تستهدف النساء في مختلف المناطق، وتأتي هذه الجهود ضمن برنامج وطني شامل يمتد عبر جميع ولايات الوطن، بهدف مواجهة مرض يصنف ضمن الأسباب الرئيسية للوفيات بين النساء في الجزائر.
وفي هذا السياق، أكد القائمون على الحملة أن العقبة الحقيقية التي تواجههم لا ترتبط بنقص الإمكانيات أو المعدات الطبية، بل بمدى استجابة النساء للدعوات المتكررة لإجراء الفحوصات الدورية. فالكثير من الحالات المرضية، وفق ما أشارت إليه المصادر الطبية، لا تصل إلى المراكز الصحية إلا بعد تفاقم الوضع الصحي، بسبب الخوف من النتائج أو التهاون في المتابعة أو حتى قلة المعرفة بخطورة التأخر في الكشف.
من جهة أخرى، تتضمن الخدمات التي توفرها الحملة التصوير الشعاعي للثدي إلى جانب الفحوصات السريرية والمتابعة الطبية المتخصصة، بالإضافة إلى توزيع نصائح وإرشادات تتعلق بطرق الوقاية وضرورة المراقبة الصحية المنتظمة. ولا تقتصر هذه الأنشطة على المراكز الصحية فقط، بل تتعداها إلى العمل الميداني المباشر في الأحياء والمناطق النائية، حيث تسعى الطواقم الطبية إلى الاقتراب أكثر من المواطنات وتسهيل وصولهن إلى الخدمة.
وعلى صعيد متصل، أطلقت المؤسسة العمومية للصحة الجوارية في سدراتة جملة من المبادرات التحسيسية، التي تركز على توضيح مخاطر المرض وتشجيع النساء على التخلص من التردد والتوجه إلى المراكز الصحية لإجراء الفحوصات الضرورية. وقد لفت المشرفون على القطاع، إلى أن معظم حالات الشفاء المسجلة جاءت نتيجة التشخيص في المراحل الأولى من المرض، ما يبرز أهمية التوعية كأداة أساسية لكسر حاجز الخوف والجهل الذي يحيط بهذا الموضوع الحساس.
وفي سياق متصل، تجدد هذه الجهود كل عام خلال شهر أكتوبر الذي يعرف إعلاميا بـ “الشهر الوردي”، إذ تتكثف خلاله الأنشطة والحملات الإعلامية والصحية الرامية إلى تعزيز مفهوم الكشف المبكر الذي يعتبر السلاح الأنجع في التصدي لهذا المرض الفتاك.
وبموازاة ذلك، تعمل وزارة الصحة على وضع خطط مستقبلية لتوسيع نطاق الخدمات المقدمة، من خلال إطلاق برامج تشغيل على مدار الساعة في بعض التجمعات السكانية الكبرى، بالإضافة إلى تعزيز البنية التحتية للمرافق الصحية بتجهيزات حديثة تشمل أجهزة الأشعة والمخابر ووحدات الفحص المتقدمة. ويهدف هذا التطوير إلى ضمان تغطية أوسع للمواطنين، وتخفيف الضغط عن المستشفيات الكبرى في المدن.
بالإضافة إلى ذلك، تكثف الجهات المعنية من حملاتها الإعلامية والتواصلية لإقناع النساء بأن الفحص المبكر يمثل البداية الحقيقية للعلاج، وأن التعامل مع المرض في مراحله الأولى يكون أقل تعقيدا وأقل تكلفة، مقارنة بالمراحل المتقدمة التي قد تتطلب علاجات مكثفة وطويلة الأمد.
وفي الختام، تسعى هذه الحملة الوطنية إلى تحويل الفحص الدوري من مجرد إجراء موسمي إلى سلوك دائم ومسؤولية مشتركة بين الفرد والمجتمع، إذ إن كل خطوة في هذا الاتجاه تمثل استثمارا حقيقيا في حماية الأرواح، وبناء مجتمع أكثر وعيا ومعرفة بالقضايا الصحية بهدف محاربة هذا الداء على مدار السنة في إطار تجسيد البرامج الوطنية للصحة، ولكن الشهر الوردي كانت استجابة أكبر عدد ممكن ولترسيخ الثقافة الصحية وكسر الطبوات التي كانت عالقة بهذا المرض الخبيث الذي أصبح الآن يسمى كمرض مزمن (سرطان الثدي).
ج.غزالي