
تقنية الترميز الكامل لمراسلات الأعمال .. أعلنت شركة “عملاق البحث” العالمية بشكل رسمي، عن تدشين خاصية الترميز الكامل من المرسل إلى المستقبل ضمن خدمة بريدها الإلكتروني “بريد المؤسسات”، وذلك حصريًا لعملاء “منصة العمل” في خطوة غير متوقعة.
تمثل هذه الخطوة تطورًا كبيرًا في مستوى الحماية والسرية الذي تقدمه الشركة للمستخدمين، حيث ستمكنهم من تبادل رسائل إلكترونية مشفرة بالكامل حتى خارج نطاق الخدمة نفسها،بدأت الشركة في تجربة هذه الخاصية بشكل تجريبي في شهر أفريل الماضي، وأصبحت متوفرة الآن على مستوى العالم بأكمله، حيث تعمل التقنية الجديدة على تحويل محتوى الرسائل إلى رموز غير مقروءة يستحيل فهمها إلا من خلال مفتاح خاص. يحتفظ بهذا المفتاح كل من الشخص الذي أرسل الرسالة والشخص الذي يستلمها، بالإضافة إلى القسم المسؤول عن التقنية داخل المؤسسة بحسب ما نشر موقع متخصص في التقنية.
لا يتم حفظ مفاتيح التشفير على أجهزة الخادم التابعة للشركة، مما يعني أن حتى الشركة نفسها لا تملك القدرة على الوصول إلى محتويات هذه المراسلات. وفقًا لتصريحات الشركة فإنه يمكن الآن إرسال المعلومات الحساسة مثل البيانات الطبية أو السجلات المالية عبر البريد الإلكتروني دون الشعور بالقلق من عمليات الاختراق أو التجسس. مما يجعل خدمتها منافسًا قويًا لخدمات البريد الإلكتروني الآمن الأخرى التي ركزت على هذا المجال.
تقنية الترميز الكامل لمراسلات الأعمال.. الميزة الجديدة ليست متاحة للجميع
تقتصر هذه الخاصية الجديدة في الوقت الحالي على مستخدمي الحسابات المؤسسية المشتركة في “منصة العمل” ولا يمكن للأفراد العاديين استخدامها. مع ذلك وفرت الشركة وسيلة بديلة لتأمين الرسائل الشخصية عبر ما يسمى “نمط الخصوصية” الذي يمنع إعادة إرسال الرسائل أو نسخها أو تنزيلها. كما يتيح هذا النمط تحديد تاريخ انتهاء صلاحية الرسالة أو إضافة كلمة مرور يتم إرسالها عبر رسائل الهاتف النقال،يشكل هذا التمييز بين المستخدمين نقطة مهمة في استراتيجية الشركة، حيث تركز على قطاع الأعمال بشكل أساسي في هذه الخطوة.
يعتبر الخبراء أن هذا القرار منطقي من الناحية التجارية، حيث إن المؤسسات والشركات هي الأكثر حاجة لمثل هذه الخدمات المتقدمة، كما أن القطاع التجاري يمثل مصدر دخل مهم للشركة مقارنة بالمستخدمين المجانيين.
الجدير بالذكر، أن الشركة توفر خيارات أمان أخرى للمستخدمين العاديين، لكنها لا ترقى إلى مستوى التشفير الكامل. يبقى المستقبل مفتوحًا أمام إمكانية توسيع نطاق هذه الخدمة ليشمل جميع المستخدمين، لكن الشركة لم تعلن عن أي خطط في هذا الشأن حتى اللحظة. ما يضع المستخدمين العاديين أمام خيارين إما الانتظار أو التحول إلى خدمات بريد إلكتروني أخرى توفر تشفيرًا كاملاً بشكل افتراضي.
“كيفية تشغيل التقنية الجديدة.. خطوات عملية لتمكين الترميز الكامل”
لتفعيل خاصية الترميز الكامل، يجب على المسؤول التقني في الشركة تمكينها أولا من خلال إعدادات “منصة العمل” الخاصة بالمؤسسة. بعد ذلك يمكن للموظف اختيار خيار “حماية الرسالة” ثم تفعيل “الترميز الإضافي” أثناء كتابة أي رسالة بريد إلكتروني جديدة. تعمل هذه العملية على ضمان أن محتوى الرسالة سيبقى مشفرًا خلال رحلته من المرسل إلى المستقبل.
في حال كان المستقبل يستخدم حسابا ضمن “منصة العمل” أيضا، فإن النظام سيقوم بفك الترميز تلقائيا داخل صندوق الوارد الخاص به. أما إذا كان المستقبل يستخدم خدمة بريد إلكتروني مختلفة، فسيتم إرسال رابط خاص له لقراءة الرسالة من خلال واجهة مؤقتة وآمنة تابعة للخدمة. تضمن هذه الآلية أن عملية القراءة تتم في بيئة محمية حتى مع استخدام خدمات بريد أخرى.
تحاول الشركة من خلال هذه الخطوة إعادة بناء الثقة مع مستخدمي خدماتها في فترة تشهد منافسة متزايدة من قبل شركات أخرى، ركزت على الخصوصية كأولوية أساسية. يأتي هذا الإطلاق في وقت تتصاعد فيه المخاوف العالمية حول حماية البيانات وخصوصية المستخدمين، حيث تسعى العديد من الشركات التقنية إلى تعزيز ميزات الأمان في منتجاتها لمواكبة هذه المتغيرات.
تشكل هذه الخطوة تحديا مباشرا للخدمات الأخرى التي تخصصت في مجال البريد الإلكتروني الآمن، حيث تقدم الشركة الآن ميزة مشابهة ضمن منظومة متكاملة من الخدمات. من المتوقع أن تؤثر هذه الخطوة على حصة هذه الشركات في السوق، خاصة بين الشركات والمؤسسات التي تفضل العمل ضمن بيئة متكاملة. كما تمثل نقلة مهمة في استراتيجية الشركة التي لم تكن معروفة سابقًا بتركيزها على جوانب الخصوصية.
يبدو أن المنافسة في سوق خدمات البريد الإلكتروني تدخل مرحلة جديدة تركز على الخصوصية والأمان كعوامل رئيسية للجاذبية، حيث لم تعد السرعة وسعة التخزين واجهة المستخدم العوامل الوحيدة في اختيار الخدمة. من المرجح أن نشهد المزيد من التطورات في هذا المجال من مختلف الشركات العاملة في القطاع، مما سيعود في النهاية بالنفع على المستخدمين النهائيين بمزيد من الخيارات الآمنة.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله