تكنولوجيا

تجربة جديدة لـ “نيورالينك” لتحويل الأفكار إلى نصوص في أكتوبر

تجربة جديدة لـ “نيورالينك” .. تستعد شركة “نيورالينك” التي أسسها “إيلون ماسك” لإطلاق تجربة سريرية خلال شهر أكتوبر المقبل في الولايات المتحدة، وتهدف هذه التجربة إلى اختبار جهاز دقيق قادر على تحويل الأفكار البشرية مباشرة إلى نصوص مكتوبة، ويُنتظر أن يفتح هذا الإنجاز آفاقًا غير مسبوقة للتواصل خصوصا لدى الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في النطق أو إعاقات تعيق قدرتهم على التعبير بالكلام.


 

تجربة جديدة لـ “نيورالينك” .. قفزة نوعية في غرسات الدماغ

تُعد الخطوة القادمة لـ “نيورالينك” بمثابة توسع كبير في مجال غرسات الدماغ الذي يشهد سباقًا محمومًا بين الشركات المتخصصة، فبينما كانت هذه الأجهزة في السابق محصورة على تجارب مع حالات مرضية خطيرة فقط، تسعى الشركة الآن إلى اختبار إمكانية زرعها حتى لشخص سليم بحلول عام 2030، ويأتي ذلك في إطار الرؤية البعيدة المدى التي يطرحها ماسك والتي تقوم على تطوير تقنيات موجهة للمستهلكين العاديين، وبذلك لا تبقى غرسات الدماغ حكرًا على الطب العلاجي، بل تمتد لتشمل تحسين القدرات البشرية بشكل عام.

وقد أوضح رئيس الشركة “دي جي سيو” في مداخلة له أن العالم خلال 3 إلى 4 سنوات قد يشهد حصول أشخاص أصحاء تمامًا على شريحة “نيورالينك”، وهو ما يمثل تحولًا جوهريًا في مفهوم العلاقة بين الدماغ والتقنية، كما كشف أن الشركة تخطط لتجربة جديدة لقراءة الكلام مباشرة من الدماغ، فإذا تخيل الإنسان قول جملة معينة فإن الجهاز سيكون قادرًا على التقاطها وتحويلها إلى نص مكتوب دون الحاجة إلى استخدام الفم أو الأعضاء الحسية المعتادة.

 

تجارب سريرية متقدمة

حصلت “نيورالينك” على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية لاستخدام جهاز تجريبي غير معتمد ضمن التجربة المرتقبة، وهو ما يسمح للشركة بالانطلاق نحو مرحلة جديدة من الاختبارات، وتجدر الإشارة إلى أن الشركة تُجري بالفعل 5 تجارب سريرية أخرى لاختبار شرائح دماغية تتحكم في أجهزة إلكترونية متنوعة مثل الحواسيب أو الأذرع الروبوتية، لكن التقدم الحالي يركز على قراءة الأفكار وتحويلها مباشرة إلى نصوص، وهو ما يشكل نقلة نوعية في هذا الميدان.

ورغم غياب أي غرسة دماغية متاحة تجاريًا حتى الآن قادرة على قراءة ما يريد المريض قوله مباشرة، فإن محاولات عدة أظهرت إمكانية نقل ما يفكر به الشخص من الدماغ إلى أجهزة خارجية، ويؤكد باحثون أن هذه القدرة إذا طُبقت عمليًا فستسمح للمرضى الذين يعانون من الشلل أو السكتات الدماغية أو الأمراض العصبية التنكسية بالتواصل مع محيطهم بطريقة أسرع، وأكثر فعالية من الوسائل التقليدية التي تعتمد على لوحات المفاتيح الافتراضية أو المؤشرات البصرية.

وتعمل “نيورالينك” وغيرها من الشركات على تطوير واجهة متقدمة بين الدماغ والآلة، تسمح بالتحكم المباشر في الحواسيب والأجهزة الذكية، وهو ما يعني تجاوز الحاجة إلى الأطراف أو الأعضاء الحسية لنقل الأوامر، ويعتقد “سيو” أن هذه التقنية ستتيح للإنسان الاستعلام مباشرة من نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة بسرعة التفكير، بل أسرع حتى مما يتحدث به في العادة، حيث يمكن استقبال الإجابات عبر سماعات أذن صغيرة مما يغلق حلقة التواصل بشكل كامل بين الدماغ والآلة.

 

آفاق جديدة للتواصل البشري

الهدف القريب من مشروع “نيورالينك” يتركز على تحسين حياة المرضى الذين يعانون من إعاقات تحول دون قدرتهم على النطق، إلا أن الطموح البعيد المدى يتجاوز ذلك بكثير، إذ تسعى الشركة إلى فتح باب جديد لتعزيز القدرات البشرية والتواصل المباشر مع الأجهزة الإلكترونية، وقد أكد “سيو” أن القدرة على محادثة أنظمة الذكاء الاصطناعي بسرعة التفكير ليست خيالًا علميًا بل خطوة واقعية يمكن تحقيقها في المستقبل القريب، وهو ما قد يغير جذريًا الطريقة التي يتعامل بها الإنسان مع التكنولوجيا.

وتشير الدراسات السابقة إلى أن العلماء تمكنوا بالفعل من قراءة ما يحاول الشخص قوله أو حتى ما يتخيله مباشرة من دماغه باستخدام تقنيات تجريبية، وهو ما يعزز فرص نجاح “نيورالينك” في تحقيق هدفها، وإذا تم تطوير هذه التكنولوجيا لتصبح آمنة وموثوقة، فإنها قد تمنح الملايين من البشر وسيلة جديدة كليًا للتواصل مع محيطهم، سواء من أجل التغلب على إعاقات جسدية أو من أجل رفع مستوى التفاعل مع الأنظمة الذكية.

وبهذا، فإن تجربة أكتوبر المرتقبة لن تكون مجرد اختبار تقني محدود، بل قد تمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ العلاقة بين الدماغ البشري والتقنية الحديثة، وهي مرحلة تحمل وعودًا كبيرة وتحديات أخلاقية وعلمية لا تقل أهمية عن الإنجازات نفسها، لكن من المؤكد أن ما يجري الآن يضع العالم على أعتاب قفزة نوعية في مستقبل التواصل الإنساني.

بن عبد الله ياقوت زهرة القدس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى