
أزمة تيك توك .. منذ سنوات قليلة، دخل تطبيق “تيك توك” في مسار مليء بالتقلبات نتيجة المخاوف المتعلقة ببيانات المستخدمين، الأمر الذي فتح الباب أمام نقاشات حادة حول بقائه أو اضطراره إلى تغيير مساره، وقد انطلقت شرارة الأزمة عام 2020 حين وُضع التطبيق تحت ضغوط قانونية معقدة، ما جعله مهددًا بالاختفاء أو الدخول في مفاوضات شاقة، ومع مرور الوقت تحولت القضية من مجرد جدل قانوني إلى سباق اقتصادي ضخم للاستحواذ على واحدة من أشهر المنصات الرقمية في العالم، وارتفعت قيمة النقاشات إلى تقديرات تتجاوز 60 مليار دولار.
أزمة تيك توك .. تحركات تشريعية وتغيرات في المواقف
عرف الملف تقلبات متسارعة، خاصة مع دخول قوانين جديدة تلزم المنصة ببيع عملياتها أو التوقف عن العمل، وقد أدى ذلك في إحدى المرات إلى إغلاق خدمات التطبيق في الولايات المتحدة لساعات محدودة قبل أن يعود من جديد بعد تدخلات مفاجئة، وتوضح هذه الحادثة أن مصير التطبيق ظل رهينًا بتطورات قانونية متلاحقة، فكل قرار كان يعيد رسم مسار جديد سواء نحو الإغلاق المؤقت أو العودة إلى التفاوض، ومع تجدد النقاش في بداية العام الجاري أصبح من الواضح أن الحل النهائي لن يكون إلا عبر صفقة ملكية جديدة تسمح بمواصلة نشاط المنصة بشكل مستقر.
المشترون المحتملون وتنافس الشركات الكبرى
اليوم، أصبح التنافس على أشده بين مستثمرين وأطراف اقتصادية متعددة، تسعى للفوز بفرصة تاريخية، فهناك عروض يقودها رجال أعمال معروفون بدعم من شخصيات بارزة في عالم التقنية والإعلام، كما يبرز اتحاد آخر يضم أسماء وازنة من مؤسسي شركات الألعاب والمحتوى الرقمي، إلى جانب مشاركة يوتيوبر شهير له قاعدة جماهيرية واسعة.
وفي المقابل، دخلت شركات كبرى ذات حضور عالمي في السباق، مثل شركات البرمجيات والتجارة الإلكترونية وتوزيع التجزئة، لتزيد من حدة المنافسة، كما ظهرت شركات ناشئة مبتكرة ترغب بدورها في اقتناص نصيب من هذا الكيان الضخم، وهو ما يعكس أن الصراع لم يعد مجرد مسألة بيع وشراء، بل اختبارا لقدرة الأطراف المختلفة على السيطرة على منصة تشكل جزء من الحياة اليومية لملايين المستخدمين.
بين الاقتصاد والمستقبل الرقمي
إن ما يجري حول “تيك توك” اليوم يتجاوز كونه صفقة عادية، فهو يمثل نقطة تحول في مسار المنصات الاجتماعية الكبرى، إذ سيحدد القرار النهائي مستقبل ملايين الحسابات التي ترتبط بالتطبيق بشكل يومي، كما أن مآل المفاوضات سينعكس على خريطة المنافسة في عالم التقنية والترفيه الرقمي، فاستحواذ أي طرف من الأطراف المرشحة سيمنحه نفوذًا واسعًا وفرصة لإعادة تشكيل سوق المحتوى القصير الذي أصبح جزء لا يتجزأ من ثقافة العصر.
وبذلك يظل المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات، في انتظار لحظة الإعلان عن الكيان الجديد الذي سيحمل اسم “تيك توك أمريكا”، والذي قد يرسم مرحلة جديدة في تاريخ واحدة من أسرع المنصات نموًا وانتشارا في العالم.
بن عبد الله ياقوت زهرة القدس