تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي والصحة النفسية: أدوات ذكية لتخفيف القلق

في زمن تزايدت فيه مشكلات الصحة النفسية. وتراجع فيه الإقبال على العلاج التقليدي، بدأ الذكاء الاصطناعي يطل كحل مساعد ” الذكاء الاصطناعي والصحة النفسية ” . إذ ظهرت تطبيقات حديثة ترافق الإنسان في لحظاته الصعبة. كما أنها تقدم دعما فوريا لتخفيف التوتر والقلق دون الحاجة إلى موعد أو تكلفة.



يعاني الملايين حول العالم من اضطرابات مرتبطة بالقلق. وقد أثبتت الدراسات أن هذا النوع من المعاناة لم يعد محصورًا في ظروف استثنائية . بل على العكس بات ملازمًا للحياة اليومية. مما يجعل الحاجة إلى وسائل مساندة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

وهنا يظهر دور التقنيات الحديثة. التي تستند إلى الذكاء الاصطناعي. حيث تقدم نماذج افتراضية ترافق المستخدم. وتستمع إليه، وفي الوقت ذاته تقترح عليه تمارين وأفكارا تهدف إلى تهدئة ذهنه وتوجيهه نحو التفكير الواقعي والهادئ.

الذكاء الاصطناعي والصحة النفسية .. جلسات ذات طابع شخصي ومتابعة يومية

من بين أبرز ما تقدمه هذه الأنظمة، أنها تعمل وفق منهجيات تعتمد على إعادة توجيه الأفكار السلبية,  وتعزيز التفكير المتوازن.  وتدريب المستخدم على تقنيات التنفس العميق والانتباه اللحظي.

وهي أساليب أثبتت فعاليتها في الحد من التوتر المتراكم. بالإضافة إلى ذلك، توفّر بعض التطبيقات إمكانية تتبع المزاج، إذ يقوم المستخدم بتسجيل مشاعره عبر نص مكتوب أو صوت قصير. فتقوم الخوارزميات بتحليل البيانات، ثم تقترح أنشطة مناسبة بناء على تكرار المشاعر وتحولاتها.وهكذا تسمح بتكوين صورة دقيقة عن نمط التفاعل العاطفي لدى الشخص.

ويتميّز هذا النوع من الدعم بالمرونة، إذ يمكن استخدامه في أي وقت دون قيد. سواء خلال ساعات العمل، أو قبل النوم، أو حتى أثناء السفر. مما يمنح المستخدم شعورًا بالاحتواء والخصوصية دون حكم أو نقد.

انخفاض ملحوظ في الأعراض وفق دراسات ميدانية

تشير بحوث حديثة إلى أن الاعتماد على هذه الوسائل الرقمية ساعد في تقليص مؤشرات القلق بنسبة تجاوزت 30 بالمئة في بعض الحالات. وذلك خلال فترات لا تتعدى بضعة أسابيع. مما يشير إلى فعالية واضحة لدى فئة كبيرة من المستخدمين.

وقد أعرب كثير من الأفراد عن ارتياحهم لهذه التجربة. معتبرين أن وجود جهة افتراضية تستمع لهم دون إصدار أحكام كان له أثر بالغ في تحسين حالتهم النفسية. خاصة أولئك الذين يخشون الوصمة الاجتماعية المرتبطة بزيارة العيادات النفسية. ومع ذلك، ورغم أن هذه الأدوات لا تعوّض تدخل المختصين. إلا أنها تقدّم بديلا عمليا لمن يفتقرون إلى القدرة على الوصول إلى المعالجين.  سواء بسبب التكلفة أو ضيق الوقت، وبالتالي تصبح خيارًا مساعدًا لا يُستهان به في مواجهة التوتر والضغوط اليومية.

خطوات للاستفادة المثلى دون تجاوز الحدود

رغم الجوانب الإيجابية، يوصي مختصون في المجال النفسي بضرورة استخدام هذه التطبيقات بوعي. وعدم الاعتماد عليها بشكل كلي.

إذ يجب تحديد الهدف من استعمالها، سواء لتحسين النوم أو السيطرة على نوبات القلق. إضافة إلى ذلك ينبغي الحرص على المتابعة المنتظمة.

كما ينبغي مراجعة الأطباء عند استمرار الأعراض أو تفاقمها. لأن الذكاء الاصطناعي يقدم دعمًا عاما، لكنه لا يملك بعد القدرة على التشخيص العميق أو معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة.لذلك تبقى المتابعة مع المختصين ضرورة لا غنى عنها في كثير من الحالات.

وفي حال استخدام هذه الوسائل لفترة طويلة، يستحسن تنويع المحتوى، وعدم الاكتفاء بنوع واحد من التدريبات. بل بالأحرى دمج التأمل مع الكتابة والتفكير الإيجابي. وهو ما يساعد على توسيع دائرة التأثير وزيادة فعالية النتائج النفسية المرجوة.

قد لا يكون الذكاء الاصطناعي بديلاً كاملاً للعلاج النفسي. إلا أنه يقدّم فرصة ثمينة لكثير من الناس لتخفيف أعباء القلق عبر أدوات متاحة وسهلة.

وفي النهاية، وبينما يستمر تطور هذه التقنيات، يبقى الحذر والوعي جزءًا أساسيا من طريق الاستفادة منها، خاصة أن الصحة النفسية لا تقبل المجازفة، مهما كانت الوسائل حديثة.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى