
لازالت البلوزة الوهرانية جمال تتغنى به النساء الوهرانيات، وتفتخر به كلباس متوارث عن الأجداد،فلطالما اعتبر قطعة مهمة في جهاز أي عروس وهرانية أو أي عروس منالجهة الغربية للبلاد،فقط تتغير بعض اللمسات في اللباس من ولاية إلى أخرى من الغرب الجزائري، لكن تبقى تحت مسمى البلوزة.
حيث تأبى البلوزة الوهرانية التي تعتبر عند الوهرانيين أيقونة اللباس التقليدي النسوي بغرب البلاد، أن تتنازل عن مكانتها في التراث الثقافي غير المادي، بفضل خياطين يقاومون تجارة الخياطة السريعة وتحديات التطور المتسارع في عالم الأزياء والموضة.
فعلى الرغم من هذا التحول، فإن البلوزة الوهرانية لم تختف من ورشات الخياطة أو من رفوف المحلات التجارية بسوق حي “المدينة الجديدة”، أو بوسط مدينة وهران وبقيت لحد الآن قطعة مهمة في جهاز (مستلزمات) العروس،وإذا كان ارتداء البلوزة الوهرانية لم يعد له أثرا في سائر الأيام إلا في الأعراس أو عند بعض النساء المتقدمات في السن، بسبب انتشار الألبسة التقليدية المختلفة عبر ربوع الوطن.
حيث لم تعد العروس الوهرانية تختصر زيها نهار عرسها على البلوزة وتتنوع فقط في الألوان ونوع القماش، بل باتت كعارضة أزياء تتباهى بلباس عدة البسة تقليدية من أرجاء الوطن من القبايلي، الذي أضحى هو الآخر لباس بموديلات متنوعة إلى القسنطيني،السطايفي،الكراكو،الفرقاني،الردى،القفطان،وغيرهم من الألبسة الجميلة ذات الألوان الباهية، إلا أن تعلق الوهرانيات بهذا الزي التقليدي”البلوزة”.
تاريخ نشأة البلوزة الوهرانية
يعود تاريخ البلوزة الوهرانية التي تعتبر عنصرا ضمن التراث الوطني غير المادي إلى القرن 19 واسمها الحقيقي “القندورة”، حسب مصادر تاريخية،وبالنظر لقيمتها التاريخية والتراثية والجمالية، يحتفظ المتحف العمومي الوطني “أحمد زبانة ” لوهران بـ10 نماذج من البلوزة الوهرانية.
يعود تاريخ تصميم البعض منها إلى النصف الأول من القرن الـ20 وأخرى إلى سنوات الثمانينيات والتسعينيات،وقد تم اقتناء هذه النماذج التي تزين وجهات قسم الاتنوغرافية في سنة 1994 ، وهي في أغلبها هبات من طرف عائلات الوهرانية.وقبل سنة 1800، كان شكل هذا الفستان الذي يعد قطعة فنية، عبارة عن “عباية” فضفاضة طويلة تحتوي على جبين، واتخذ شكلا آخر بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبح يطلق عليه اسم “البلوزة ” ثم تطور بعد ذلك بإدخال “التعميرة” في الجهة الأمامية العلوية واستعمال الخيط المطاطي (البلاستيك) عند الخصر والأكمام.
ويتفرع هذا الزي التقليدي إلى عدة أنواع من أشهرها “الزعيم”، “السوتاج”، “تشرشرك”، “جلفة البصل”، “نيدآباي” و”سموك” مع استعمال مختلف أنواع الأقمشة الفاخرة أو البسيطة، وفق ذات المصمم الذي له خبرة قرابة 50 سنة في خياطة البلوزة الوهرانية، حيث أشار المختصون إلى أن النسوة صممن لكل مناسبة بلوزتها، حيث يوجد “بلوزة الكرسي” الخاصة بالعروسة و”بلوزة القيمة” التي تلبس في المناسبات و”بلوزة الكبارات ” وأخرى تسمى “بلوزة الوقر”، خاصة بالأتراح (المناسبة الحزينة) وأخيرا بلوزة ” الدار”.
والمتعارف عليه، أن العادات القديمة في مجال صناعة البلوزة الوهرانية كانت تحرص الأمهات على أن تخيط بناتهن بلوزاتهن بأنفسهن، حيث أن أول لباس كانت تصنعه بيدها كان بمثابة أول ثوب تفتح به طاقم جهازها، وكان في أغلب الأحيان بلوزة الزعيم المرصعة بالعقيق والسمق، وفق ذات المتحدث الذي يحتفظ بتشكيلة رائعة من “البلايز”.
وفي الوقت الحالي،يعمل كثير من الخياطين المختصين في البلوزة الوهرانية على إدخال عليها بعض اللمسات الحديثة، حتى تكتسي حلة مبتكرة جديدة تماشيا مع إطلالات الموضة، ولمواجهة سوق الألبسة التقليدية المستوردة وجعلها علامة تجارية.
ج.إيمان