تكنولوجيا

ملاحظات المجتمع تدخل تجربة جديدة لرصد المنشورات ذات القبول الجماهيري

في محاولة لاعادة الثقة الى ساحة النقاش الرقمي. شرعت منصة “اكس” المعروفة سابقا باسم “تويتر” في تجربة الية جديدة ” ملاحظات المجتمع ”  تهدف الى تحديد المنشورات التي تحظى باجماع واسع بين مستخدميها. وذلك عبر الاعتماد على مساهمات مجتمعية تركز على الراي العام وتنوعه.


وبدأت هذه التجربة يوم الخميس مع مجموعة مختارة من المشاركين ضمن ما يعرف بـ”ملاحظات المجتمع”. وهو نظام يتيح للمستخدمين التحقق من المعلومات والاشارة الى دقتها او عدمها بناء على معايير جماعية متنوعة. وتهدف هذه الخطوة الى الخروج من دائرة التقييمات الفردية او الموجهة. والتي قد تخضع لتاثيرات التكتلات الايديولوجية او الحملات المنسقة.
والاعتماد بدلا من ذلك على التفاعل المتوازن بين مستخدمين يملكون اراء متباينة. لضمان ان المنشورات التي تلقى قبولا واسعا تمثل بالفعل افكارا ذات صدى مشترك لدى مختلف الاطراف.

ملاحظات المجتمع .. الاعتماد على التنوع بدلا من الاجماع الاحادي

بعيدا عن اسلوب التصويت التقليدي الذي يسمح للمستخدمين بالموافقة او الرفض لمحتوى معين. وهو ما قد يفتح المجال للتلاعب من قبل مجموعات منظمة تشترك في التوجه. تسعى المنصة من خلال هذه التجربة الى اختبار خوارزمية جديدة تراقب توافق الاراء بين مستخدمين مختلفي التوجهات.

بحيث اذا اتفق هؤلاء على منشور ما.يصبح ذلك المنشور محل توصية ويظهر للجميع على انه يحظى باجماع متوازن. وتعمل الخوارزمية على استكشاف المنشورات التي تتلقى اهتماما مرتفعا. لتعرضها على مجموعة من المساهمين المجتمعيين الذين يطلب منهم تقييم سبب اعجابهم او رفضهم للمنشور. مع اعطاء الاولوية للاراء التي تخرج من دوائر التاييد المعتادة.

والهدف من ذلك هو رصد الافكار التي تلامس مشاعر وتطلعات جمهور متنوع. بدلا من تلك التي تثير اعجاب فئة معينة فقط.
وفي منشور توضيحي من الحساب الرسمي لمبادرة “ملاحظات المجتمع”. اكدت المنصة ان هذه الالية تهدف الى كشف المشاركات التي تتجاوز الفجوات الفكرية المعتادة. وتسهم في تقريب وجهات النظر. معتبرة ان هذه التجربة قد تساعد على كشف ما يوحد الناس بدلا مما يفرقهم. خاصة في زمن تتنامى فيه الانقسامات عبر الفضاء الرقمي.

هل تنجح المنصة في مكافحة التضليل وكشف الافكار الجامعة؟

رغم محاولات “اكس” المستمرة لتطوير وسائل مكافحة المعلومات الزائفة وتحقيق التوازن في الطرح. الا ان الية “ملاحظات المجتمع” تعرضت سابقا لانتقادات عديدة. خصوصا فيما يخص بطء التفاعل مع سيل المنشورات المتدفقة وضعف الاستجابة في اللحظات الحرجة.

ومع ذلك تبقى الفكرة محل اهتمام واسع. حيث بادرت بعض المنصات المنافسة الى اعتماد نماذج مشابهة.
بعد ان تبين لها ان التقييم المجتمعي المشترك قد يشكل بديلا عمليا لعمليات التحقق التقليدية.

وتؤمن ادارة “اكس” بان النسخة التجريبية الجديدة قد تسهم في دعم النقاش البناء. من خلال تسليط الضوء على المنشورات التي تعبر عن توافق حقيقي. بدلا من تلك التي تجذب الانتباه عبر الجدل او الاستفزاز. وهو تحول واضح من ثقافة الاصطفاف نحو مناخ يشجع على التقاطع الفكري والانفتاح على الراي الاخر.

ومع بدء تنفيذ التجربة سيتمكن المشاركون المختارون من رصد منشورات تحظى باعجابات كبيرة. ليطلب منهم ابداء الراي حول اسباب شعبيتها. وفي حال ظهر ان تلك المنشورات تلقى القبول من اشخاص ينتمون لتيارات فكرية متباينة.
فسيتم ابرازها للجمهور باعتبارها محتوى جامعا عابرا للفوارق. بين التفاعل المجتمعي والطموح للعدالة الرقمية.

تكمن اهمية هذه المبادرة في كونها تمثل تحولا من الاعتماد على الانظمة التلقائية فقط. نحو اشراك مباشر للمجتمع الرقمي في صياغة مسارات التفاعل ومحددات التقدير. فالمنصة تعول على وعي المستخدمين وتنوع رؤاهم للكشف عن النقاط المشتركة التي يمكن ان تبنى عليها نقاشات صحية.

هذا التوجه يعكس ادراكا بان العالم الرقمي لم يعد مجرد ساحة للتواصل. بل بات مراة للواقع الاجتماعي والسياسي.
وان تصحيح مسارات التفاعل فيه لا يمكن ان يتم الا من خلال اليات تاخذ في الاعتبار توازن القوى الرمزية والتعدد الثقافي.
لا مجرد ادوات تقنية صماء.

وفي خضم عالم يشهد يوميا تضخما في المعلومات وتضاربا في التوجهات. قد تمثل هذه المبادرة بوابة اولى نحو مناخ رقمي اكثر هدوء وتوازنا. لكن نجاحها يبقى مرهونا بالقدرة على تحفيز المشاركة الواعية. وحماية الالية من الاستغلال. وضمان ان التنوع لا يتحول بدوره الى ساحة اخرى للصراع المقنع تحت عباءة “الاجماع”.

ما تزال الطريق طويلة امام الوصول الى فضاء رقمي عادل. غير ان خطوات كهذه مهما بدت بسيطة قد تضع حجر الاساس لنمط جديد من التفاعل. يحترم الذكاء الجماعي ويمنح المنصات الاجتماعية دورا ايجابيا في اعادة ترميم الجسور بين وجهات النظر المتباينة.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى