
كشفت شركة ميتا عن إصدار جديد من نظاراتها الذكية بالتعاون مع الشركة العالمية المتخصصة في صناعة الإطارات الرياضية، حيث تم الإعلان عن جيل يحمل طابعًا رياضيًا ويستهدف فئة المستخدمين النشطين الذين يبحثون عن دمج التقنية في نشاطاتهم اليومية، وقد تم تصميم هذا الإصدار بقدرات متقدمة تشمل تحسينات في جودة الصورة، وزيادة في عمر البطارية، ودعما مباشرا للتفاعل الصوتي، مما يجعل النظارات الذكية تدخل طورًا جديدًا من الاستخدام العملي لا يقتصر على الترف أو الترفيه فقط.
تتميز هذه النظارات بتصميم مقاوم لرذاذ الماء وفق معايير مخصصة، مما يجعلها مناسبة للأنشطة الرياضية في الهواء الطلق أو خلال التمارين التي تشمل الحركة والتعرّق، كما أن البطارية تدوم لثماني ساعات من الاستخدام المستمر، وتتوفر علبة شحن مرافقة تتيح تمديد مدة التشغيل إلى قرابة يومين، وهي خصائص تعد تطورًا ملحوظًا مقارنة بالأجيال السابقة، التي لم تكن قادرة على مواكبة الاستخدام الطويل في الأنشطة المكثفة أو السفر أو التمارين الممتدة.
وتحتوي النظارات على كاميرا أمامية بدقة عالية تتجاوز ثلاثة آلاف نقطة في البوصة، وهي قفزة كبيرة مقارنة بالدقة المحدودة في الإصدارات السابقة، ما يمكّن المستخدم من التقاط الصور أو تسجيل المشاهد بجودة أكثر وضوحًا وواقعية، كما تم تزويدها بسماعات صوتية دقيقة وميكروفونات مدمجة في الإطار نفسه، ما يسمح بإجراء المكالمات الصوتية أو التفاعل مع المساعد الصوتي بمرونة عالية حتى في الأماكن المزدحمة أو المتحركة.
نظارات ذكية تتجاوز الترف.. وتدخل صلب الممارسة الرياضية
تستهدف “ميتا” من خلال هذا الإصدار الجديد فئة الرياضيين والمهتمين بالأداء الجسدي، وهو ما يظهر جليًا في التصميم الانسيابي للنظارات وقدرتها على تحمل ظروف بيئية مختلفة، فقد تم التركيز على الخفة في الوزن والثبات عند الارتداء، كما تم توفير مجموعة متنوعة من الإطارات والعدسات التي تناسب الأذواق المختلفة، مع إمكانية تعديلها لتتوافق مع وصفات طبية للرؤية، وهو ما يضيف بعدًا عمليًا يجعل من هذه النظارات أداة وظيفية قابلة للاستخدام اليومي دون التضحية بالمظهر أو الراحة.
لم تعد النظارات الذكية مجرد أكسسوارات رقمية، بل أصبحت تطوَّر لتكون امتدادًا حقيقيًا لحواس الإنسان، حيث تتيح التفاعل المباشر مع البيئة من خلال تحليل الصور أو تقديم معلومات إضافية عما يراه المستخدم، ويمكن للمساعد الذكي المدمج في النظارات أن يقدّم شرحًا لما يوجد أمام العدسة أو يترجم ما يقال بلغة مختلفة، أو يعرض بيانات لحظية مرتبطة بالمكان أو بالمهام المطلوبة، مما يجعل هذه النظارات بمثابة وسيط ذكي بين الإنسان والعالم الرقمي.
وتعكس هذه الخطوة طموح ميتا في توسيع انتشار النظارات الذكية إلى ما هو أبعد من الاستخدام الترفيهي أو التجريبي، فالتوجه الحالي يهدف إلى تحويلها إلى منصة مركزية لتقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، بحيث تصبح أداة يومية لا غنى عنها في العمل، والرياضة، والسفر، وحتى التواصل الاجتماعي، في ظل تزايد اعتماد الناس على الأجهزة القابلة للارتداء كبديل للهاتف في كثير من المهام اليومية.
اتفاقيات استراتيجية وطموحات بملايين الوحدات
وقّعت “ميتا” اتفاقية طويلة الأمد مع الشركة المالكة للعلامتين الشهيرتين في مجال النظارات البصرية، وذلك في خطوة تؤكد نية الشركة دخول سوق الأجهزة القابلة للارتداء من أوسع أبوابه، حيث كشفت التقارير عن نية الشركة بيع عشرة ملايين وحدة من هذه النظارات سنويًا بحلول عام 2026، ما يدل على ثقة كبيرة في تقبل الجمهور لهذه التقنية وتوسّع رقعة استخدامها في مختلف القطاعات والمجتمعات.
وسيشمل إطلاق هذه النظارات عدة أسواق عالمية بداية من الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية والآسيوية، وهو ما يعزز حضور ميتا عالميًا ويزيد من تنافسها مع باقي الشركات التقنية التي تسعى بدورها إلى تقديم نماذج منافسة في مجال النظارات الذكية، كما أن تنوع الإطارات والألوان المتاحة يلبّي مختلف الأذواق، ويزيد من فرص انتشارها بين فئات الشباب والمهنيين والرياضيين.
من الجدير بالذكر، أن إطلاق هذا النوع من الأجهزة يتزامن مع تغيّر كبير في نظرة المستخدمين للتقنيات القابلة للارتداء، حيث لم تعد تعتبر كمالية أو مكمّلة، بل باتت تنظر إليها كأدوات تسهّل التفاعل مع العالم الرقمي دون الحاجة إلى النظر المستمر في شاشة الهاتف أو الحاسوب، وهو ما يدفع الشركات الكبرى إلى الاستثمار في تطويرها ودمج تقنيات أكثر ذكاء في إطارات أصغر حجمًا وأكثر بساطة في التصميم.
ويبدو أن مستقبل النظارات الذكية يتجه نحو أن تصبح جهازا موحّدا يجمع بين الاستماع، الرؤية، التفاعل والتوجيه، وكل ذلك في قطعة بسيطة ترتدى على الوجه، وهي رؤية تعد أقرب إلى تحقيق الحلم الذي كانت تسعى إليه الشركات التقنية منذ سنوات، أي أن يتمكن الإنسان من الاندماج في العالم الرقمي دون ان يشعر بأنه منفصل عن الواقع، بل يكون حاضرًا فيه ومتصلاً بكل ما يريده بمجرد النظر أو النطق.