تكنولوجيا

الإنترنت المظلم : أدوات مجانية تساعدك على كشف تسرب معلوماتك

في عالم موازٍ للإنترنت الذي نعرفه ونتعامل معه يوميًا، يقبع ما يُعرف ب الإنترنت المظلم، وهو فضاء رقمي سري لا يمكن الوصول إليه من خلال محركات البحث العادية، ويُستخدم في الغالب لأغراض غير قانونية. هذا الفضاء يعجّ بالأنشطة المشبوهة مثل بيع البيانات المسروقة، والأسلحة، والمخدرات، وتبادل المعلومات السرية، وتنظيم الهجمات الإلكترونية.


ومع تزايد الاعتماد على العالم الرقمي في مختلف نواحي الحياة، أصبحت البيانات الشخصية سلعة ثمينة ونادرة، يسعى القراصنة للحصول عليها بأي وسيلة. فالربح المادي هو المحرك الأساسي لمعظم الهجمات الإلكترونية. سواء عن طريق سرقة البيانات أو ابتزاز الضحايا لاحقًا.


البيانات كسلعة ثمينة في السوق السوداء الرقمية

ينظر إلى البيانات الشخصية على أنها إحدى أكثر السلع الاستراتيجية في الإنترنت المظلم. سواء تعلق الأمر بالبريد الإلكتروني، أو أرقام الهواتف، أو كلمات المرور، أو الحسابات البنكية، فإن كل معلومة يمكن بيعها أو استغلالها. وتشكّل هذه البيانات مصدر ربح ضخم للعصابات الإلكترونية، خصوصًا مع تزايد الطلب عليها من قبل مجرمي الإنترنت الذين يستخدمونها في سرقة الهويات أو تنفيذ هجمات أخرى معقدة.

كيف تصل بياناتك إلى الشبكة المظلمة؟

هناك عدة طرق يمكن من خلالها أن تجد معلوماتك طريقها إلى الإنترنت المظلم. ومن أبرزها اختراق قواعد بيانات الشركات الكبرى، أو استخدام شبكات إنترنت عامة دون حماية، أو الوقوع ضحية لهجمات تصيد احتيالي عبر رسائل مزيفة تطلب منك إدخال معلوماتك الخاصة. كما يمكن أن تتسرّب بياناتك بسبب ضعف تأمين المواقع التي تزورها. أو حتى بسبب تصرفات غير واعية كالتخلص من أوراق شخصية دون تمزيقها.

ولا تقتصر الأسباب على هذا الحد؛ فقد يكون موظف أو متعاقد لديه صلاحيات وصول إلى بيانات حساسة هو من يقوم ببيعها للجهات الإجرامية. وهناك أيضًا خطر متزايد من تسريبات بيانات تحدث من خلال أطراف ثالثة، كما أظهر تقرير أمني حديث يؤكد أن 15 بالمائة من التسريبات في عام 2024 كانت بسبب جهات خارجية.


كيف تعرف إن كانت بياناتك قد تسربت؟

لحسن الحظ، توجد أدوات مجانية تساعدك على التحقق مما إذا كانت بياناتك الشخصية قد تسرّبت أو وُجدت في قوائم الإنترنت المظلم. وهي أدوات بسيطة وسريعة الاستعمال، تمكّنك من معرفة مستوى الخطر الذي تواجهه، واتخاذ خطوات وقائية قبل أن تتعرض لمزيد من الأذى.

موقع “هل تم اختراقي؟”

يعد من بين الأدوات الأشهر والأكثر موثوقية، حيث يحتوي على قاعدة بيانات ضخمة تضم ما يقارب 15 مليار حساب مسروق من أكثر من 900 موقع تعرض للاختراق. كل ما عليك فعله هو إدخال بريدك الإلكتروني أو رقم هاتفك، وسيعرض لك الموقع تفاصيل التسريبات التي ظهرت فيها بياناتك. كما يمكنك تفعيل خاصية التنبيهات لتصلك إشعارات تلقائية إذا ظهرت بياناتك في اختراق مستقبلي.

أداة التحقق من “أخبار الأمن السيبراني”

تقدّم منصة متخصصة في أخبار الأمن الرقمي أداة فحص مجانية تساعدك على معرفة ما إذا كانت معلوماتك جزءً من تسريبات البيانات العامة. تتيح لك هذه الأداة إدخال بريدك الإلكتروني أو رقم هاتفك لتتحقق من وجود بياناتك. لكنها لا توفّر تفاصيل دقيقة كالأداة السابقة، بل تكتفي بعرض أسماء التسريبات التي ظهر فيها بريدك أو رقمك.

خدمة “مراقبة موزيلا”

أداة أطلقتها المؤسسة المطورة لمتصفح “فايرفوكس”. وتُعرف بتقديم تقارير مفصلة تشمل وقت ومصدر التسريب، ونوع البيانات المتضررة. ما يميز هذه الخدمة أنها توفّر تعليمات عملية لحمايتك بعد كل تسريب.

كما ترسل تنبيهات تلقائية في حال تسجيل اختراقات جديدة تخصّ بياناتك، وتتيح مراقبة عدة عناوين بريدية دفعة واحدة.

أداة الحماية من “شركة الأمن السيبراني العالمية”

تقدم هذه الشركة المرموقة أداة خاصة لفحص بريدك الإلكتروني والتأكد من عدم وجوده ضمن البيانات المسربة. ما يميز هذه الأداة هو إرسال تقارير مفصلة إلى بريدك تشمل نوع التسريب، وتاريخه، والمعلومات التي تعرّضت للسرقة مثل الاسم وتاريخ الميلاد وكلمة المرور. كما أن الخدمة مجانية ولا تتطلب تسجيلًا في الموقع.

خدمة “هل تم اختراقي من قبل؟”

وهي أداة شاملة طورتها شركة متخصصة في الحماية الرقمية، وتحتوي على قاعدة بيانات تضم أكثر من 183 مليار سجل. تتيح لك الأداة إدخال معلوماتك مجانًا لمعرفة مدى انتشارها في الإنترنت المظلم، لكن في حال رغبت في تقرير مفصل وخطوات وقائية، يتطلب الأمر إنشاء حساب.


إجراءات وقائية لحماية نفسك

إذا اكتشفت أن بياناتك قد تسرّبت، من المهم اتخاذ خطوات فورية لحماية نفسك. ابدأ بتغيير كلمات المرور فورًا، وتفعيل خاصية التحقق بخطوتين في حساباتك، ومراقبة نشاطاتك البنكية بشكل دوري. وفي حال تكررت الاختراقات، يمكنك الاستعانة بخدمات إزالة بياناتك من قواعد بيانات السوق السوداء الرقمية، وهي خدمات تقدمها بعض المواقع برسوم رمزية أو ضمن خطط مدفوعة.

البيانات في العصر الرقمي هي الثروة الحقيقية، وفقدان السيطرة عليها قد يؤدي إلى خسائر مادية ونفسية جسيمة. الإنترنت المظلم ليس خيالًا أو شائعة، بل واقع خفيّ يهدد أمننا الرقمي. لذا، من الضروري أن نكون على وعي بالمخاطر وأن نستعين بالأدوات المتاحة لحماية أنفسنا. الوقاية تبقى دائمًا خير من الندم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى