
كان الكاتب البحريني البارز “خلف أحمد خلف” على موعد مع تجربة ثقافية نابضة بالحياة. وقف خلف أمام هذا المشهد المدهش وقد غمره الإعجاب بالحيوية التي يبثها المهرجان، معتبرا إياه مساحة فريدة تمزج بذكاء بين التعليم والترفيه.
يقول الكاتب “خلف أحمد خلف“: “هذه أول مرة أزور المهرجان، وقد تجاوزت الدورة الحالية كل توقعاتي. أكثر ما جذبني هو هذا التنوع الخلاق في الفعاليات التي تجمع بين الألعاب والندوات وورش العمل، إضافة إلى الأجنحة المتعددة التي تسعى للوصول إلى الطفل من كل اتجاهات الإبداع الممكنة”.
“خلف أحمد خلف”، ليس مجرد زائر عابر لعالم الطفل، بل هو أحد رواده الذين وضعوا اللبنات الأولى لأدب الطفل البحريني. بدأت رحلته مع الكتابة في أواخر سبعينيات القرن الماضي، مدفوعاً بشغف كبير لسد النقص في النصوص الأدبية الموجهة للطفل المحلي.
وجاءت انطلاقته متزامنة مع إعلان عام 1979 سنة دولية للطفل، حيث نشر أولى قصصه التي تبنتها وزارة الإعلام القطرية، وطبعتها في كتاب رسمي. عن تلك البداية يتحدث قائلاً: ” كتبت أول قصة للأطفال في نهاية السبعينيات، وكنت أول من خطّ هذا النوع الأدبي في البحرين. وبدعم وزارة الإعلام في قطر، نشرت قصتي الأولى، وكانت هذه خطوتي الأولى في هذا العالم الرحب”.
لم يرَ “خلف أحمد خلف” أن الكتابة للطفل تقل شأنا عن الكتابة للكبار؛ فبالنسبة له، تبقى القصة قصة من حيث البناء والأسلوب، لكن خصوصية الطفل تفرض معالجة تتناسب مع عقله ونفسيته. يوضح:” أكتب القصة ثم أراجعها بعين الطفل، لأضمن أنها تتماشى مع اهتماماته وحاجاته. هذه الرؤية كانت مدعومة بتجربته العملية كمعلم في إحدى المدارس الابتدائية بمدينة عيسى في البحرين، حيث كان على تماس يومي مع عقول الأطفال وتطلعاتهم
ومع تطور تجربته الأدبية، اتجه “خلف أحمد خلف” إلى المسرح، مستثمرا قصصه في تقديم عروض مسرحية موجهة للأطفال. هذا الانتقال إلى عالم المسرح عزز مكانته في المشهد الثقافي البحريني وسمح له بالوصول إلى جمهور أوسع. يقول في هذا السياق: “لاحظت أن كثيراً من قصصي يمكن تحويلها إلى عروض مسرحية، فكتبت نصوصاً لاقت صدى واسعاً بين الأطفال وعائلاتهم”.
ولأن “خلف أحمد خلف” يؤمن بأن الأدب ليس مجرد سرد قصصي، بل وسيلة لتعزيز التفكير النقدي لدى الأطفال، فقد حرص في كتاباته على الابتعاد عن الطرح المباشر، معتبراً أن القصة المثالية هي تلك التي تدفع الطفل إلى التفكير والتحليل. رغم التحديات التي يفرضها العصر الرقمي، يبقى خلف متفائلاً بقدرة القراءة على الحفاظ على جاذبيتها، خاصة إذا تم توظيف التكنولوجيا بشكل ذكي. يقول معلقاً على تجربته في مهرجان الشارقة: “رأيت كيف تم دمج التكنولوجيا بذكاء لجذب الأطفال إلى عالم القراءة. لا شك أن الكتابة للأطفال ستظل مزدهرة إذا أبدعنا في تقديمها بطرق معاصرة”.
وفي ختام حديثه، شدد “خلف أحمد خلف” على أهمية توفير دعم أكبر للكتاب الموجهين للأطفال، سواء من خلال التمويل أو إنشاء منصات للنشر والتوزيع، مشيدا بمهرجان الشارقة كنموذج ناجح في هذا المجال. وأكد قائلا: ” القصص الجيدة تحتاج إلى إعداد محترف وإنتاج راقٍ، وهذا لا يتحقق دون موارد كافية”.
إلهام. ط