
خلال إحدى الندوات الفكرية التي نُظّمت ضمن فعاليات الدورة الـ16 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل، جرى تسليط الضوء على أهمية تبسيط المفاهيم الكبرى للأطفال من خلال القصة، ودور الكتّاب والمربين في بناء جسر بين العالم المعقّد وعقول الصغار.
افتُتحت الندوة بتأكيد إحدى الكاتبات المتخصصات في تبسيط المفاهيم المعقدة، أن الكتابة للأطفال لا تبدأ بالأسلوب، بل بالنية العميقة في فهم العالم ثم ترجمته بلغة تشبه دهشة الطفل، وأوضحت أن الكاتب الجيد للطفل يجب أن يكون أولاً باحثاً فضولياً، يمتلك القدرة على الغوص في جوهر الموضوعات، ثم إعادة تقديمها بشكل يتناسب مع الفهم العاطفي والعقلي للطفل دون أن يُفقدها عمقها. بالنسبة لها، القصة ليست مجرد تسلية، بل رحلة للبحث عن المعنى وتوسيع الخيال في وجه فوضى العالم.
وفي المداخلة الثانية، أكدت كاتبة عربية بارزة أن تناول الأسئلة الكبرى في قصص الأطفال يتطلب حساً سردياً متوازناً بين البساطة والعمق، وأن الطفل لا يتفاعل مع المعلومة المجردة بل مع الموقف والمشهد والمفارقة. وشددت على أهمية تقديم الرسائل بشكل غير مباشر، يسمح للطفل باكتشافها تدريجياً، حسب نضجه وخياله، مع رفضها الواضح لفكرة التلقين أو النهايات المغلقة. كما أشارت إلى أن المدرسة، بجانب الأسرة، تمثل حاضنة لخيال الطفل، وأن المعلم الذي يوظف القصة كأداة للنقاش والتفكير يمنح الطفل مفاتيح التعبير والتأمل.
واتفق المشاركون في الندوة على الدور الحيوي الذي يلعبه الأهل والمعلمون كوسطاء بين العالم الخارجي والطفل. فعندما يشاركون الطفل في القراءة، فهم لا يقدمون له المعلومة فقط، بل يرسخون القصة كوسيلة للتواصل والتفكير، ويغرسون فيه القدرة على رؤية المعنى وراء الكلمات.
جاءت هذه الندوة لتؤكد أن أدب الطفل ليس مجرد كلمات مصفوفة، بل هو فنٌّ له رسالة، يُنير طريق التساؤل، ويغذّي روح الاكتشاف، ويجعل من القصة بوابة لفهم العالم لا مجرد حكاية ما قبل النوم.
إلهام