الــجــامــعــة

حول دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في توجيه الذكاء الاصطناعي نحو مستقبل مستدام

تنظيم ملتقى دولي بجامعة "جيلالي ليابس" بسيدي بلعباس

يُعد الملتقى الدولي الذي نظمه قسم علوم الإعلام والاتصال بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة “جيلالي ليابس” بسيدي بلعباس، تحت عنوان “العلوم الإنسانية والاجتماعية وعلاقتها بأبحاث الذكاء الاصطناعي: نحو ذكاء اصطناعي مسؤول ومستدام”، فرصة هامة لتعزيز هذا الحوار بين التخصصات المختلفة. الملتقى، يُعد حدثًا أكاديميًا بارزًا يهدف إلى تبادل المعرفة والخبرات بين الباحثين والمتخصصين من مختلف التخصصات.


ومن خلال هذه المناقشات، يهدف الملتقى إلى التأكيد على الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه العلوم الإنسانية والاجتماعية في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على أهمية الابتكار المسؤول والمستدام في تطوير هذه التقنيات.

التفاعل بين الذكاء الاصطناعي والعلوم الإنسانية والاجتماعية من أجل مستقبل مستدام ومسؤول


يشكل الذكاء الاصطناعي أحد أبرز التطورات التكنولوجية التي تؤثر في جميع مجالات الحياة البشرية اليوم، وهو يزداد تأثيرًا وتوسعًا مع مرور الوقت. ومع تقدم هذا المجال، تظهر الحاجة الماسة لفهم العلاقة التبادلية بين الذكاء الاصطناعي والعلوم الإنسانية والاجتماعية لضمان استدامته وتوظيفه بشكل مسؤول.

يبدأ هذا التفاعل من خلال مدخل شامل للذكاء الاصطناعي وتطوره التاريخي، حيث يعكس تطور هذه التكنولوجيا متعدد التخصصات والعديد من التطبيقات التي تتداخل مع مجالات متعددة مثل الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع واللغويات. ويعكس الجانب الفلسفي أهمية طرح أسئلة حول العقل والوعي، وما إذا كانت الآلات قادرة على امتلاك حالات عقلية وتجارب شخصية، مما يسلط الضوء على دور الفلسفة في تشكيل فهمنا للذكاء الاصطناعي.

من جهة أخرى، يساهم علم النفس في فهم سلوك البشر وتفاعلهم مع هذه الأنظمة الذكية، بينما يسهم علم الاجتماع في دراسة تأثيراتها على الأفراد والمجتمعات وابتكار أنظمة تتناسب مع احتياجاتهم. كما تلعب اللغويات دورًا حيويًا في تحسين التواصل بين الإنسان والآلة من خلال معالجة اللغة الطبيعية وفهم السياقات الثقافية المختلفة.

علاوة على ذلك، يعزز الإعلام والاتصال دورهما في نشر الوعي حول فوائد الذكاء الاصطناعي ومخاطره، بينما يسهم علم الاقتصاد في دراسة التأثيرات الاقتصادية لهذه التكنولوجيا وكيفية توجيهها لتحقيق التنمية المستدامة.

قيادة علمية وتنظيمية متميزة من الهيئة المشرفة على الملتقى الدولي


تحت إشراف نخبة من الأكاديميين والخبراء، ينعقد الملتقى العلمي حول الذكاء الاصطناعي، حيث تتولى مجموعة من الشخصيات البارزة إدارة وتوجيه فعاليات هذا الحدث الهام. على رأس الهيئة المشرفة، يتواجد البروفيسور  “بوزياني مراحي”، مدير جامعة “جيلالي ليابس” بسيدي بلعباس والرئيس الشرفي للملتقى.

أما “أ.د/ الأحمر قادة”، عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، فيتولى مهمة الإشراف العام على الملتقى، مستفيدًا من خبراته الواسعة في مجال العلوم الإنسانية. وفيما يخص التنسيق الشامل، يتولى “د. مراح سعيد” المنسق العام للملتقى، الذي يعمل على ضمان تنظيم وتدفق الجلسات العلمية والنقاشات بشكل متميز. كذلك، تقود “د.مطالس عائشة” دفة الملتقى كرئيسة له، مشرفة على توجيه المحاور وتنظيم الجلسات العلمية المتنوعة.

وفي جانب اللجان، ترأس “د. لحاج أحمد كريمة” اللجنة العلمية، بينما يقود “د. عمر أوسامة” رئيس قسم الاعلام والاتصال اللجنة التنظيمية، مقدمًا الدعم اللوجستي والتنسيق اللازم لضمان نجاح الملتقى بكل جوانبه. هذه الهيئة المشرفة تتسم بتعاونها المثمر وإدارتها الفعالة، مما يضمن نجاح الملتقى ويعكس مستوى عالٍ من الاحترافية في تنظيم الفعاليات الأكاديمية المميزة.

مشاركات دولية ومحلية


الملتقى الدولي هذا شهد مشاركة واسعة من الباحثين والمتخصصين من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك 04 مشاركين من السعودية، و03 من العراق، و02 من مصر، ومشارك واحد من تونس والهند. كما شاركت عدد من الجامعات الجزائرية، مثل جامعة قالمة، سكيكدة، عنابة، باتنة، تلمسان، وهران، ورقلة، بشار، إليزي، معسكر وتيارت، بالإضافة إلى جامعة “جيلالي ليابس”.

يُعقد الملتقى في شكل مزيج بين الجلسات الحضور والجلسات عن بعد، حيث يتضمن 05 جلسات حضورية و05 جلسات افتراضية، مما يتيح فرصًا أكبر للتفاعل والمشاركة من مختلف أنحاء العالم. ويُعتبر هذا الملتقى الأول من نوعه الذي يجمع بين الحضور والافتراضي، مما يعكس التوجه الحديث نحو تبني تقنيات الاتصال الحديثة في المؤتمرات العلمية.

أهمية العلوم الإنسانية والاجتماعية في الذكاء الاصطناعي


في الوقت الذي تشهد فيه المجتمعات تطورًا سريعًا في مجال التكنولوجيا، تبرز أهمية العلوم الإنسانية والاجتماعية في فهم التأثيرات العميقة لهذه التكنولوجيا على الأفراد والمجتمعات. إن التفاعل بين البشر والتقنيات الذكية يتطلب فحصًا دقيقًا للآثار الاجتماعية والأخلاقية التي قد تنشأ. وتعد قضايا مثل الخصوصية، التحيزات الخوارزمية، وتأثيرات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل من بين القضايا الرئيسية التي تشغل العلماء في هذا المجال.

من هنا تأتي أهمية التفاعل بين الباحثين في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية وبين علماء الكمبيوتر وتقنيات الذكاء الاصطناعي. يجب أن يتم تصميم وتطوير هذه الأنظمة بطريقة تضمن مصلحة الإنسان وحقوقه، مع الالتزام بالمبادئ الأخلاقية. وبذلك، يصبح الذكاء الاصطناعي أداة لخدمة المجتمع بشكل مسؤول ومستدام، بما يتماشى مع القيم الإنسانية ويحترم التنوع الثقافي والاجتماعي.

آراء المشاركين في الملتقى الدولي

الدكتورة “مطالس عائشة” (رئيسة الملتقى الدولي وأستاذة بقسم علوم الاعلام والاتصال)

“في ظل التطور التكنولوجي السريع الذي نشهده اليوم تقول رئيسة الملتقى الدكتورة “مطالس عائشة”، أصبح الذكاء الاصطناعي جزء أساسيًا من حياتنا اليومية، حيث أُدمج في مختلف المجالات مثل الطب، التعليم، الاقتصاد والسياسة. ومع هذه الثورة التكنولوجية، تبرز أهمية العلوم الإنسانية والاجتماعية بشكل لا يمكن تجاهله، إذ تعد هذه العلوم الأساس الذي يضمن توجيه استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وآمن. فالباحثون في مجالات مثل الفقه، القانون، الفلسفة وعلم الاجتماع يتحملون مسؤولية كبيرة في دراسة تداعيات هذه التكنولوجيا من الناحية الأخلاقية والقانونية والاجتماعية. إنهم يعملون على وضع الأطر والقيم التي تضمن استدامة هذه التكنولوجيا دون التأثير سلبًا على حقوق الأفراد أو تهديد استقرار المجتمع”.

الدكتور “علي عبد الله السواهري” (من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمدينة المنورة، السعودية، متخصص في علم النفس).

“أشارك في هذا الملتقى الدولي مع إخواننا الباحثين وأتشرف بأن أكون جزء من هذا الملتقى المبارك الذي يناقش تطبيقات الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالصحة النفسية والعلوم الإنسانية. تحت مظلة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة جيلالي ليابس، نناقش ونتبادل الآراء حول كيفية الارتقاء بالصحة النفسية للمواطن العربي في ظل هذه التطبيقات من الذكاء الاصطناعي، وكيفية التعامل معها وتحويلها لصالح شعوب الدول العربية. هذه أهداف رئيسية لهذا الملتقى.”

الدكتور سعود العنزي (من جامعة تبوك، السعودية)

“مشاركتنا في هذا الملتقى الدولي حول الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، لاسيما في مجال التعليم، تأتي في وقت حاسم، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي من متطلبات العصر في جميع مؤسسات التعليم. نشكر الجامعة على تنظيم هذا الحدث الذي يتواكب مع التطور التكنولوجي الحديث.”

الدكتور عمر أسامة (رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة جيلالي ليابس)

“إنه أول ملتقى دولي ينظمه قسم الإعلام والاتصال منذ نشأته، تحت عنوان: ‘العلوم الإنسانية والاجتماعية وعلاقتها بأبحاث الذكاء الاصطناعي’. هذا الملتقى لم يكن وليد الصدفة، بل جاء تتويجًا لتراكم فكري وتفاعل يومي مع التحولات العميقة التي يشهدها العالم الأكاديمي. لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مجال تقني، بل أصبح موضوعًا تقاطعيًا يفرض نفسه على العلوم الإنسانية والاجتماعية وعلى منظومة التفكير البشري”.

الدكتور الأحمر قادة (عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية)

“جاء هذا الملتقى الدولي من فكرة طرحت في أحد المجالس العلمية، حيث تم التساؤل: لماذا لا نسعى إلى عقد مؤتمر دولي جامع يجمع مختلف التخصصات في العلوم الإنسانية والاجتماعية؟ وكان لأساتذة قسم علوم الإعلام والاتصال السبق في ذلك، حيث اقترحوا فكرة تنظيم ملتقى دولي يضم التخصصات المختلفة في كليتنا، تحت إشراف رئيسة الملتقى، الدكتورة مطالس عائشة، والسيد رئيس القسم، عمر أسامة. اختيار هذا الموضوع لم يكن صدفة، بل هو تجسيد لتعليمات الوزارة الوصية، التي يشرف على تطبيقها المدير الجامعي، البروفيسور بوزياني مراحي، الذي يؤكد دائمًا على أن الملتقيات التي تُنظم يجب أن تواكب العصر”

الطالبة نسمة (سنة ثانية ليسانس في تخصص الإعلام والاتصال)

“حضورنا اليوم في الملتقى كان ضروريًا ومفيدًا لنتعرف على مدى أهمية الذكاء الاصطناعي في تخصصنا وأبحاثنا، إذ سهل علينا عملية البحث للباحثين في المستقبل، كما أنه مهم بالنسبة لنا كطالبات حاليًا.” ختامًا “آفاق التعاون بين العلوم الإنسانية والذكاء الاصطناعي نحو مستقبل مستدام ومسؤول، إن هذا الملتقى يعكس أهمية تنسيق الجهود الأكاديمية والبحثية بين مختلف التخصصات لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وآمن. إذ يشكل التعاون بين العلوم الإنسانية والاجتماعية والذكاء الاصطناعي حجر الزاوية في بناء مستقبل مستدام، يضمن للإنسانية تحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا المتطورة دون التأثير السلبي على القيم والمبادئ الأخلاقية الأساسية”.

فتحي مبسوط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى