تكنولوجيا

بدأت في الظهور والانتشار

روبوتات ذكية تقرأ رسائلك خفية على واتساب الذكاء الاصطناعي

لاحظ مستخدمو تطبيق واتساب في أيرلندا ظهور رمز جديد على شكل “حلقة” في واجهة المحادثات، وهو ما يمثل مدخلاً لأداة الذكاء الاصطناعي التي طورتها شركة “ميتا”، المالكة للتطبيق.

هذه الأداة، المعروفة باسم “ميتا إيه آي”، بدأت بالظهور تدريجيا في تطبيقات الشركة الأخرى، مثل “ماسنجر“، كجزء من خطة طموحة لجعلها المساعد الرقمي الأكثر استخداماً حول العالم. وتعتمد هذه الأداة على نموذج لغوي متطور تم تدريبه على كميات هائلة من البيانات، تشمل مواقع إلكترونية ومحتوى مكتوباً مثل الكتب. إلا أن هذا النموذج واجه انتقادات قانونية في الولايات المتحدة، حيث اتهمه مجموعة من المؤلفين باستخدام أعمالهم الأدبية دون ترخيص أثناء مرحلة التدريب.

الاستثمارات الضخمة والأهداف

تخطط “ميتا” لإنفاق أكثر من 60 مليار دولار هذا العام على تطوير الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تعزيز البنية التحتية مثل الخوادم ومراكز البيانات. وقد تجاوز عدد مستخدمي الأداة حاجز 700 مليون مستخدم، مع تطلعات للوصول إلى مليار مستخدم قريباً.

ومع أن الأداة توفر ميزة توليد الصور بالذكاء الاصطناعي للمستخدمين في الولايات المتحدة، إلا أن هذه الميزة غير متاحة بعد في دول الاتحاد الأوروبي بسبب القيود التنظيمية والتقنية. وتؤكد الشركة أن الأداة مصممة لمساعدة المستخدمين في حل المشكلات أو الإجابة على استفساراتهم العامة، مع وصول سهل عبر شريط البحث في واتساب.

خصوصية البيانات… بين التأكيدات والمخاوف

أكدت “ميتا” أن الروبوت لا يمكنه الوصول إلى محتوى المحادثات الخاصة في واتساب، والتي تبقى مشفرة من طرف إلى طرف. ومع ذلك، فإن الرسائل التي يرسلها المستخدمون مباشرة إلى الذكاء الاصطناعي تتم معالجتها، وقد تحتفظ الأداة ببعض هذه المعلومات لتحسين تجربة المستخدم.

وحذرت الشركة من مشاركة أي بيانات حساسة مع الأداة، مشيرة في تنبيه ظاهر للمستخدمين إلى ضرورة تجنب إدخال معلومات شخصية. لكن تجارب عملية، مثل تلك التي أجرتها إحدى الصحف الإيرلندية، كشفت أن حذف المحادثات لا يضمن إزالة البيانات تماما من أنظمة “ميتا”، حيث استمر الروبوت في استخدام معلومات سابقة رغم حذفها.

كما تنص سياسة الخصوصية على إمكانية مشاركة البيانات المدخلة مع “شركاء محددين” لأغراض تحسين الاستجابات. وأفادت متحدثة باسم الشركة بأن الرسائل المحذوفة لا تُستخدم في تدريب النماذج المستقبلية، لكنها لم توضح ما إذا كان ذلك ينطبق على جميع أنواع البيانات.

التدقيق الأوروبي والامتثال القانوني

أعلنت لجنة حماية البيانات الأيرلندية، المسؤولة عن تنظيم أنشطة “ميتا” في الاتحاد الأوروبي، أنها تتابع عن كثب إطلاق الأداة الجديدة وتقيم مدى امتثالها للقوانين الأوروبية. وأشارت إلى وجود استفسارات قيد المراجعة بالتعاون مع واتساب.

من جانبها، أكدت “ميتا” أن طرح الأداة في أوروبا يتماشى مع المتطلبات القانونية، وأنها ستواصل التنسيق مع الجهات التنظيمية. ومع ذلك، يبقى هناك قلق لدى بعض المستخدمين حول مدى شفافية الشركة في التعامل مع بياناتهم.

إمكانية التعطيل… بين الواقع والمأمول

رغم وصف “ميتا” للأداة بأنها “اختيارية”، إلا أن المستخدمين لا يستطيعون تعطيلها بشكل كامل من إعدادات واتساب. يمكن حذف المحادثات مع الروبوت، لكن الرمز الخاص به يبقى ظاهراً في الواجهة.

اقترحت بعض المصادر التقنية، مثل مجلة “وايرد”، استخدام الأمر “/reset-ai” داخل المحادثة لحذف نسخة المحادثة من خوادم “ميتا” وإعادة ضبط إعدادات الذكاء الاصطناعي. لكن محاولات المستخدمين للحصول على طريقة واضحة لتعطيل الأداة باءت بالفشل، حيث تشير ردود الروبوت إلى إعدادات غير متوفرة فعلياً.

خلاصة القلق والتساؤلات

يبقى السؤال الأبرز: إلى أي مدى يمكن الوثوق بضمانات الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي؟ بين التأكيدات الرسمية والتجارب العملية، يبدو أن المستخدمين أمام معضلة تقنية وقانونية معقدة، خاصة مع تزايد اعتماد الشركات على هذه التقنيات دون وجود خيارات واضحة للمستخدم للتحكم الكامل في بياناته.

في النهاية، بين الفوائد العملية والمخاوف المشروعة، يحتاج المستخدمون إلى مزيد من الشفافية والتحكم لضمان ألا يكون التقدم التكنولوجي على حساب الخصوصية الفردية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى