
لم يعد “الذكاء الاصطناعي” مجرد خيال علمي أو تقنية مستقبلية بعيدة المنال، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. من مساعدات الهاتف الذكية مثل “سيري” و”جوجل أسيستنت”، إلى التوصيات المخصصة على “نتفليكس” و”يوتيوب”، وحتى السيارات ذاتية القيادة، الذكاء الاصطناعي بات يعرفنا أكثر مما نتصور.
لكن مع كل هذه التطورات، يطرح السؤال نفسه: هل نحن المستفيدون الحقيقيون من هذه التقنية، أم أننا أصبحنا جزءًا من نظام ذكي يدير اختياراتنا ويوجه قراراتنا دون أن نشعر
كم مرة استخدمت “الذكاء الاصطناعي” اليوم دون أن تدرك؟
ربما عندما فتحت هاتفك ببصمة الوجه، أو عندما اقترح لك “نتفليكس” مسلسلًا بدا وكأنه مصمم خصيصًا لك، أو حينما كتب هاتفك نصف الرسالة قبل أن تكملها. نعم، “الذكاء الاصطناعي” حولك طوال الوقت، لكنه ليس مجرد آلة صماء، بل هو “عقل إلكتروني” يتعلم منك، ويتطور مع كل خطوة تخطوها في العالم الرقمي.
“الذكاء الاصطناعي“… ذكي لكنه بلا عقل!
رغم قدرته الهائلة على تحليل البيانات، يظل “أبكم” في أشياء كثيرة. خذ على سبيل المثال “AI” المستخدم في الترجمة. قد تترجم جملة مثل: “Time flies like an arrow” إلى:” الوقت يطير مثل السهم”، في حين أن المعنى المقصود قد يكون “ذبابة الوقت تحب السهام”! هذه الأخطاء تكشف أنه، رغم دقته، يظل غير قادر على الفهم العميق كما يفعل البشر.
كيف يخدعنا “الذكاء الاصطناعي”؟
هل سبق أن دخلت لمشاهدة فيديو قصير على يوتيوب ثم وجدت نفسك، بعد ساعات، غارقًا في سلسلة لا نهائية من المقاطع؟ هذا ليس صدفة! الخوارزميات تتعقب تفضيلاتك، وتغذيك بمحتوى يبقيك مشدودًا أطول وقت ممكن.
مثال آخر هو التسوق الإلكتروني: هل لاحظت أنه بعد بحثك عن هاتف جديد، يبدأ الفيسبوك وإنستغرام بإغراقك بإعلانات عن هواتف مشابهة؟ ” هم يراقبون سلوكك الشرائي، ويستخدمه لدفعك نحو قرارات لم تكن تخطط لاتخاذها أصلاً.
هل سيجعلنا “الذكاء الاصطناعي” أقل ذكاءً؟
كلما اعتمدنا أكثر على “الذكاء الاصطناعي”، قلّ اعتمادنا على قدراتنا الذهنية. لماذا نحفظ المعلومات بينما يمكننا البحث عنها في ثوانٍ؟ لماذا نحل المسائل الرياضية بينما الهاتف يقوم بذلك بشكل أسرع؟ هل سنصل إلى مرحلة نصبح فيها غير قادرين على التفكير النقدي واتخاذ قراراتنا بأنفسنا؟
”AI” ليس خيرًا مطلقًا ولا شرًا مطلقًا، لكنه أداة قوية تعتمد على كيفية استخدامها. يمكنه تسهيل حياتنا، لكنه أيضًا قادر على التحكم في اختياراتنا دون أن نشعر. السؤال الحقيقي ليس “إلى أي مدى سيصبح ذكيًا؟”، بل “إلى أي مدى سنبقى نحن أذكياء في التعامل معه؟”.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله