
في خطوة تعكس التحديات التي تواجه شركات التكنولوجيا العالمية، أعلنت شركة “ميتا”، المالكة لمنصات فيسبوك وإنستغرام وواتساب، عن تقليص قوتها العاملة بنسبة 5 بالمائة، ما أدى إلى تسريح حوالي 3 آلاف موظف حول العالم.
وتشمل هذه التخفيضات موظفين في أكثر من 12 دولة، مع تأثير ملحوظ في القارة الأفريقية، حيث تسعى الشركة إلى إعادة ترتيب أولوياتها بما يتماشى مع خططها الاستراتيجية الجديدة.
انعكاسات على السوق الأفريقية
منذ منتصف العام الماضي، بدأت “ميتا” بتقليص عملياتها في نيجيريا، حيث أغلقت جزءا من مكتبها في لاغوس وسرّحت كامل فريقها الهندسي، في خطوة كانت بمثابة مؤشر على التحولات القادمة. ومع القرارات الأخيرة، يبدو أن نطاق التخفيضات سيتوسع ليشمل دولا أخرى، مثل كينيا وجنوب أفريقيا وغانا، حيث تدير الشركة مشاريع حيوية في مجالات التكنولوجيا المالية والاتصالات. ويرى محللون أن هذه الإجراءات قد تعطل مسار التنمية الرقمية في أفريقيا، خاصة أن “ميتا” كانت تلعب دورا محوريا في بناء البنية التحتية الرقمية وتوفير فرص عمل للشباب في مجال التكنولوجيا.
حزم تعويضات وإعادة هيكلة
وفقًا لمذكرة داخلية مسربة، سيتم إبلاغ الموظفين المتأثرين بين 11 و18 فبراير، مع تقديم حزم تعويضات سخية تتضمن مكافآت نهاية الخدمة ودعما مهنيا لمساعدتهم على الانتقال إلى وظائف جديدة. وتسعى الشركة من خلال هذه الخطوة إلى إعادة توجيه استثماراتها نحو مجالات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وهو ما يعني إعادة هيكلة عميقة للفرق الهندسية والتقنية لضمان التكيف مع التحولات الرقمية السريعة.
تداعيات أوسع على المشهد التكنولوجي
يأتي قرار “ميتا” ضمن موجة عالمية من عمليات التسريح التي تجتاح قطاع التكنولوجيا، حيث تسعى الشركات الكبرى إلى تقليل النفقات في ظل تحديات اقتصادية مثل تباطؤ الاقتصاد الرقمي وتغير توجهات الاستثمار.
لكن التأثير في أفريقيا يبدو أشد وطأة، نظرا لاعتماد دول عديدة على استثمارات هذه الشركات في تعزيز الابتكار التكنولوجي. ويرى خبراء أن هذه التطورات تضع الحكومات الأفريقية أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على استقطاب الاستثمارات الكبرى، مع ضرورة تعزيز بيئة عمل أكثر استدامة تدعم الشركات الناشئة المحلية كبديل محتمل لأي انسحابات مستقبلية من الشركات متعددة الجنسيات. فهل تدفع هذه التغييرات الدول الأفريقية إلى البحث عن نماذج جديدة للنمو التكنولوجي، أم أنها ستواجه صعوبات أكبر في سد الفراغ الذي ستتركه الشركات العملاقة؟
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله