تكنولوجيا

المهيمنة على عالم البحث على الإنترنت

هل يقف الذكاء الاصطناعي على حافة إنهاء سيطرة غوغل؟

لطالما كانت “غوغل” هي القوة المهيمنة في عالم البحث على الإنترنت، محرك بحث يشتهر بتقديم نتائج سريعة ودقيقة، ويعد من أبرز لاعبي التكنولوجيا في العالم. ولكن مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأ كثيرون يتساءلون عن مصير هذه الإمبراطورية الرقمية التي أسستها “غوغل”، وسط التوقعات بتغير المشهد التكنولوجي بشكل جذري.

يشير العديد من الخبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي، من خلال تقنيات مثل (ChatGPT)، قد يشكل تهديدًا حقيقيًا لمحرك البحث الأشهر. الرئيس التنفيذي لشركة (OpenAI)، سام ألتمان، أكد أن الذكاء الاصطناعي يملك القدرة على تغيير طريقة بحث المستخدمين على الإنترنت، وربما حتى استبدال محركات البحث التقليدية مثل « «غوغل». من جهته، يرى بيل غيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، أن الذكاء الاصطناعي سيكون له الدور الأكبر في المستقبل في تحسين عمليات البحث المتقدمة، مما قد يجعل الحاجة إلى محرك بحث تقليدي أمراً غير ضروري.

رغم هذا التحذير، تبقى “غوغل” متفائلة تجاه هذا التحول التكنولوجي. فمنذ الأيام الأولى لظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، سارعت “غوغل” إلى تطوير أدواتها الخاصة لتواكب هذا التغيير. فبدلاً من أن تعارض هذا التطور، يبدو أن “غوغل” تسعى إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتها التكنولوجية، بل قد تكون واحدة من أبرز المستفيدين من هذا التحول.

التاريخ يثبت أن التوقعات حول انهيار “غوغل” كانت دائمًا خاطئة. فعندما كانت شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك و”تويتر” قد بدأت في الظهور، كان يعتقد الكثيرون أن هذه المنصات ستؤثر على مكانة غوغل وتقلل من استخدامها. لكن، على العكس تمامًا، استمرت “غوغل” في الهيمنة على مجال البحث، مدفوعة بالابتكار المستمر والتكيف مع التغيرات في استخدام الإنترنت. ووفقًا للأرقام، فإن محرك بحث “غوغل” لا يزال يحقق تريليونات من عمليات البحث كل عام، بينما شهدت إيرادات الإعلانات التابعة لها زيادة ملحوظة.

وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد يغير بعض ملامح عملية البحث، إلا أن الخبراء يعتقدون أن “غوغل” ستظل جزءًا أساسيًا من هذه الثورة التكنولوجية. وفقًا لهيلدا معلوف، مستشارة الذكاء الاصطناعي في جامعة أكسفورد، سيكون الذكاء الاصطناعي التوليدي بمثابة ترقية طبيعية لمحرك البحث. بدلًا من أن يكون مجرد أداة لعرض الروابط، سيصبح محرك البحث الذكي أكثر تفاعلاً مع المستخدمين، حيث يستطيع فهم سياق الأسئلة وتقديم إجابات فورية ودقيقة.

وتدعم هذه الرؤية أيضاً حقيقة أن “غوغل”، كأكبر محرك بحث في العالم، لم تكن غافلة عن التغيرات التي يشهدها القطاع. فعلى الرغم من ظهور العديد من المنافسين، بما في ذلك محرك بحث “بينغ” من مايكروسوفت وتطبيقات مثل “تيك توك”، فإن “غوغل” استطاعت أن تستفيد من هذه التحولات. فمن خلال استثماراتها الكبيرة في أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “جمني – Gemini”، تحاول “غوغل” ألا تترك مجالًا للمنافسين للاستحواذ على هذه التقنية المتطورة.

لا شك أن الذكاء الاصطناعي سيُحدث تغييرات جذرية في الطريقة التي نبحث بها عن المعلومات على الإنترنت. لكن هذا لا يعني أن “غوغل” ستفقد مكانتها. بدلاً من ذلك، سيكون هذا التغيير بمثابة فرصة لها للاستفادة من هذه التقنية الحديثة لتحسين تجربة البحث للمستخدمين. وبالتالي، سيكون مستقبل “غوغل” في عالم البحث الرقمي مبنيًا على شراكتها مع الذكاء الاصطناعي، وليس في مواجهته.

في النهاية، يبدو أن “غوغل” ستظل، على الأقل في المستقبل المنظور، جزء من المشهد التكنولوجي العالمي، بل قد تكون الرائدة في دمج الذكاء الاصطناعي في عمليات البحث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى