تكنولوجيا

الرقمنة وتحدي الهوية الثقافية 

كيف نواجه خطر التهميش؟

تواجه الهوية الثقافية المحلية اليوم تحدياً كبيراً في ظل التطور الرقمي المتسارع. فالرقمنة، التي فتحت آفاقاً واسعة للتواصل وتبادل الثقافات، قد تكون في الوقت ذاته سيفا ذا حدين، إذ تدفعنا للتفكير في قدرة المجتمعات على الحفاظ على خصوصياتها الثقافية في مواجهة التدفق الهائل للمحتوى العالمي، هذا التحول يتطلب وعياً جماعياً لضمان التوازن بين الاستفادة من الرقمنة وحماية الهوية المحلية من الذوبان.

الرقمنة ليست مجرد أداة لحفظ ونشر المحتوى الثقافي، بل أصبحت عنصراً مهماً في تشكيل الثقافة الحديثة، غير أن هذا التحول التكنولوجي يحمل في طياته تهديداً للخصوصيات الثقافية المحلية، حيث أن المحتوى الموجه إلى جمهور عالمي غالباً ما يعكس خصائص ثقافية محدودة، مما يؤدي إلى تجاهل التنوع الثقافي المتواجد في مختلف المجتمعات.

إضافة إلى ذلك، يعاني المحتوى المحلي من ضعف في التمثيل على المنصات الرقمية العالمية، ما يجعل الهوية الثقافية المحلية عرضة للخطر، خاصة مع انتشار نمط الحياة العصري الذي تروج له الرقمنة، فإن القيم والممارسات التقليدية أصبحت مهددة بالاندثار، لا سيما بين الشباب الذين يتأثرون بشكل أكبر بالمحتوى العالمي الذي يتمتع بالطابع المعاصر والمتجدد. على سبيل المثال، باتت بعض العادات والتقاليد المحلية في طريقها إلى الاندثار، حيث يفضل الشباب استهلاك محتوى عالمي على منصات مثل “نتفليكس” و”تيك توك” بدلاً من متابعة الإنتاج الثقافي المحلي.

ولتعزيز الهوية الثقافية المحلية في ظل الرقمنة، يجب الاستثمار في إنتاج محتوى رقمي يعكس الثقافة المحلية بشكل يتماشى مع التطور التكنولوجي. يمكن تحقيق ذلك من خلال دعم الصناعات الإبداعية المحلية، مثل السينما والموسيقى والفنون الرقمية، بالإضافة إلى تطوير منصات رقمية خاصة تروج لهذا المحتوى. كما يجب دمج الرقمنة في المناهج التعليمية، مع التركيز على الحفاظ على الهوية الثقافية، ليتمكن الأجيال القادمة من التفاعل مع الثقافة المحلية بشكل حيوي وفعال

الرقمنة قد تكون فرصة لنشر الثقافة المحلية وتعزيز التفاهم بين الشعوب، لكنها في الوقت ذاته تشكل تهديداً على الهوية الثقافية إذا لم يتم التعامل معها بحذر.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى