تكنولوجيا

التراث والذاكرة

دور الرقمنة في الحفاظ عليهما

تكمن أهمية الوسائل الرقمية في انتشار المادة التاريخية ووصولها لخارج الجزائر، مع حفظها والتصدي لأطروحات الآخر المشوهة لتاريخنا الوطني.

بحيث أن المتعلم والقارئ الإلكتروني يختلف عن نظيره الورقي، وبينهما فجوة كبيرة، فالأول يتصفح البيانات ويصل للمعلومة في وقت وجيز، بفضل الوسائل الرقمية، في حين يأخذ المتعلم الورقي، خاصة إذا كان باحثا أو طالبا، زمنا طويلا للحصول على الوثيقة أو المطبوعة، ويجد نفسه يمر بالضرورة، من المكتبة، لمؤسسات بحث أخرى، وأحيانا إلى مؤسسات بالخارج، وعندما يكون الرد بعد زمن طويل، قد يتفاجأ المعني أن ذلك ليس هو المطلوب، وغير مطابق تماما، ليعيد الكرة، بالتالي فإن الوعي الرقمي اليوم مطلوب وضروري.

كما أن للرقمنة دورا مهم في حفظ ذاكرتنا الوطنية وتبليغها للأجيال، بل أيضا الولوج عن طريقها للفضاءات الرقمية، للدفاع عنها ونشر قواعد البيانات العلمية المتضمنة بكل ما يخص تاريخ الجزائر، وما فيه من مئات الكتب والوثائق والمقالات والأفلام وغيرها.

 

المواقع الإلكترونية

هناك بعض الكتب ممنوعة، لكننا نجدها متوفرة على المواقع الالكترونية، وقد يتم استغلالها، ما يتطلب الرقابة والتصدي، بحيث تصب في تزوير الحقائق التاريخية للوطن وتشويه سمعة الأبطال والشخصيات الصورية على سبيل المثال، لضرب الجزائر بشهادات مغرضة، ما يتطلب كسب رهان الندية الرقمية من طرف قطاعات مختصة، منها وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، بالتالي إنتاج محتويات للرد وتنوير الرأي العام، خاصة أن العالم يبحث عن تاريخنا، ويطلب مادة تاريخية دسمة مطلوب منا إيصالها.

 

التطبيقات والمنصات

وعليه، فإن وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، قامت في نفس المسعى وذلك من خلال التسيير الالكتروني للوثائق، منها مثلا المطبوعات والشهادات والمذكرات وغيرها، وتم إنشاء موقع (غلوريوس) المختص في تاريخ الجزائر منذ 1830 حتى 1962، وكذلك تطبيق (تاريخ الجزائر) على الهواتف، مع رقمنة مكتبة الوزارة، ومعها رقمنة الفهارس والملخصات وتحميل الكتب وبرنامج (سنجاب) بالجامعات وغيرها، كتدوين 8 آلاف عنوان بفهرسة آلية، يتم تفحصها عن بعد، كما يتم أيضا تحميل الكتب، علما أنه يتم رقمنة الشهادات الحية ومصادر التوثيق التاريخية، وحاليا نجد 36 ألف شهادة حية مسجلة بوزارة المجاهدين ومختلف المتاحف .

 

مواقع وأرضيات باللوغاريتميات

إن الاهتمام بمجال التاريخ والتراث، يجب أن يكون محفوظا ومتاحا في نفس الوقت، بحيث إن التجارب الرقمية تعود إلى عقود في العديد من البلدان على غرار أمريكا وألمانيا وكندا. تعزز هذا البعد الرقمي في فترة (الكوفيد)، حيث توقف النشاط الثقافي وأغلقت المتاحف، تماما كما حدث في الجزائر، وبدأت المتاحف في أوروبا وبعض الدول، تعرض مجموعاتها بتكنولوجيا وتجربة جديدة مختلفة، فزاد روادها افتراضيا، أكثر من الزيارات التي كانت في الواقع، وامتد زوارها حتى خارج الحدود.

وعليه، فإن التاريخ أصبح يروج بالتكنولوجيا وبمضامين وتقنيات اليوغاريتميات، وبدون ذلك يترسخ الغياب وتسود صورة وكلمة الآخر القوي في هذا المجال، كما هو الحال مع حرب غزة، حيث يتم الحديث بالآلة وحدها، التي تقرأ وتجيب على المتصفح، وهنا يجب أن تكون كتاباتنا التاريخية رائجة في العالم وتصل إليه، خاصة أن العالم يريد المزيد عن تاريخنا، بالتالي يتعين علينا أن نؤسس مواقع وأرضيات باللوغاريتميات، وقيل إن التاريخ يكتبه المنتصر، لكن اليوم قد تنقلب الآية مع الذي يعي خطورة التكنولوجيا كسلاح فعال.

بالمقابل، إن التكنولوجيا ليست لعبة، وليست هدفا في حد ذاتها، بل أداة توظف حسب الأهداف والاستراتيجيات، وتستلزم إبداعا ما، مثلا كوضع المادة المراد نشرها مع توابع، كأن نضع نصا تاريخيا مع ملاحق ومع صور ولقطات وغيرها، فمثلا متحف المجاهد ينتشر عبر العالم بمحتوياته، ويقول إن الجزائر بها كنوز، لكن لا تصل للآخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى