احتضنت قاعة ابن زيدون برياض الفتح بالجزائر العاصمة، سهرة أمس الثلاثاء, العرض الشرفي الأول للفيلم الروائي الطويل “الحكيم فرانس فانون” سيناريو حوار وإخراج عبد النور زحزاح والذي يروي مسيرة الطبيب المناضل فرانز فانون (1925- 1961). ويسرد هذا الفيلم، الذي تم إنتاجه في إطار الأفلام السينمائية المدعمة من طرف وزارة الثقافة والفنون بالشراكة بين المركز الوطني لتطوير السينما وشركة “أطلس فيلم”، جانبا هاما من حياة الطبيب فرانز فانون، حيث يعود إلى فترة التحاقه بمنصب رئيس قسم بمستشفى الأمراض العقلية بالبليدة الذي يحمل اسمه حاليا وإلى غاية التحاقه بالثورة التحريرية، وهذا خلال الفترة الممتدة ما بين 1953 و1956.
وقصة الفيلم عبارة عن سيرة ذاتية تجمع بين الكتابة الروائية الخيالية والتوثيقية تغوص في حياة وعمل ونضال الطبيب النفسي والفيلسوف الاجتماعي المارتينيكي المولد فرانتز فانون، في فترة التحاقه بمنصب رئيس قسم بمستشفى الأمراض العقلية بالبليدة، وهذا إلى غاية التحاقه بالثورة التحريرية. وقد حاول المخرج أن يقترب من شخصية هذا المفكر الملتزم من خلال سيناريو قائم على حوار مستفيض بين الممثلين، وتسليط الضوء على الأساليب العلاجية التي اعتمدها فانون والقائمة على توطيد علاقة الطبيب بالمريض وإتاحة مساحة تحاور بينهم بعيدا عن برتوكولات العلاج القاسية. كما يقترب الفيلم بطريقة شاعرية من أفكار فانون باعتباره مثقفا مستنيرا ذي نزعة إنسانية وصاحب رأي فلسفي وموقف سياسي خاصة فيما يتعلق بقضايا التحرر وعلى رأسها الثورة الجزائرية المجيدة ومعاداة قوى العنصرية والكولونيالية.
وتوقف الفيلم، وعبر 90 دقيقة، عند محطات هامة في مسيرة فانون، مثل محاضرته التاريخية أمام الكشافة الإسلامية الجزائرية، ومحاضرته مع الشهيدة نفيسة حمود, ولقائه مع الفنان عبد الرحمن عزيز الذي أصبح مساعده في تعزيز منهجية معالجة المرضى، كما صادف حالات تتعلق بآثار التعذيب الممارس على الجزائريين ومعاناتهم على يد الجلادين الفرنسيين.
وأعاد المخرج بناء مشاهد درامية تستند على أجواء المصحة العقلية حيث تسود مشاعر القلق والوحدة والخوف والحاجة إلى تخطي العجز على تقبل الأشياء، كما ترجم معاناة المرضى الجزائريين وسوء معاملتهم من قبل الإدارة الفرنسية في المستشفى آنذاك. وقال زحزاح، بخصوص انتاجه السينمائي الجديد، أنه يعتبر شخصية فرانز فانون “مميزة، حيث أنها تركت بصمتها في تاريخ الجزائر والعالم أجمع، وهو يستحق أن نفرد له هذا الجهد من الأعمال التي تخلد مساره المهني والنضالي”، مؤكدا في السياق ذاته أن هذا الفيلم تطلب منه جهدا كبيرا من العمل منذ 2019 وكلفه التحضير سنتين متتاليتين والتصوير على مرحلتين. وختم المخرج بالقول أن فيلمه هذا سيدرج ضمن قائمة الأفلام الجزائرية التي ستبرمج إلى جانب أفلام أجنبية أخرى في قاعات السينما بالجزائر العاصمة، وهران وقسنطينة ابتداء من 29 نوفمبر المقبل.
وأج