المجتمع

بعدما كانت تميز المرأة الموريتانية

هل التكنولوجيا سبب انتشار حفلات الطلاق؟!

بدأ المجتمع العربي يعرف ظاهرة جديدة تسمى “حفلة الطلاق”، وقد بدأت تتوسع وتنتشر ولم تعد مقتصرة على المجتمع الموريتاني، وهو ما يستدعي لحظة تفكير، لمعرفة سبب ذلك، خاصة وأنها تبدي المرأة في أوج سعادتها بحصولها على لقب “مطلقة”.

ورغم أن الطلاق يعتبر أبغض الحلال عند الله، وتسعى العائلات منذ القدم على الحفاظ على ذلك الرابط المقدس بين الزوجين (الزواج)، إلا أن اليوم أصبحت ظاهرة الانفصال بين الزوجين طاغية على المجتمعات العربية، ومنها الجزائر، مما يستدعي تدخل علماء المجتمع والنفس لدراسة الأسرة وبحث الأسباب الحقيقية التي تقف وراء نسبة الطلاق التي تعج بها المحاكم، ومعظم الحالات يكون فيها الزواج في بدايته، إلا أنه عكس ما كان يحدث سابقا، تعتبر كلمة “مطلقة” كانت تعتبر مسيئة للمرأة، فتسعى لتجنبها قدر الإمكان، عبر الصبر وتحمل المشاكل العائلية الحفاظ على لمتها الأسرية وإنجاحها في المجتمع، أضحت “المطلقة” اليوم تقيم الحفلات والعزائم لتفرح وتعبر عن سعادتها بطلاقها وحصولها على لقب “مطلقة”.

 

أصل حفلات الطلاق في المجتمع العربي

يعتبر مجتمع “موريتانيا” أعرق المجتمعات العربية في الاحتفال بحصول الطلاق بين الزوجين، وكانت إلى وقت ما، تعتبر الدولة العربية الوحيدة في هذا الموضوع.

حيث تعتبر تقيم المطلقة حفلتها، وتكون بحضور غفير وكأنه حفل زفاف، تنصب الخيم وتوزع المأكولات (تذبح النوق، أطباق متنوعة، حلويات، شاي…)، وتلبس أفخر الملابس وتتزين وتجلس بين صديقاتها تفرح وترقص على الموسيقى… . وتكون أكثر حظوة في الزواج مرة أخرى مقارنة بالفتيات العازبات، وذلك لأن سمعتها تكون متداولة، بمعنى أنها صاحبة خبرة في بناء الأسرة، وقد خبرت خباياها وعرفت أسرار نجاح العلاقة الأسرية، وكانت تهدد طلاقها كلما زادت قيمتها في المجتمع وإقبال الرجال عليها للزواج.

الطلاق في موريتانيا لا يعطي فرصة إعادة الزواج للمطلقة فقط، بل يمنحها الفرصة لتقلد مناصب في التسيير والترقية كذلك، ويزيد من هيبتها.

 

كيف انتشرت ظاهرة “حفلات الطلاق” في المجتمع العربي؟

أمام تزايد انتشار ظاهرة “الطلاق” وتزايد حالات الاحتفال بهذه الخطوة من طرف صاحباتها (المطلقات)، أصبح سؤالا ملحا يطرح نفسه: ما الذي جعل الطلقات تحتفل بطلاقهن؟. يرجع الكثير من الأشخاص انتشار ظاهرة “حفلات الطلاق” إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار هذا الموضوع، في تقليد أعمى لنساء يعتبر مجتمعهن الطلاق فرصة للرفعة في المجتمع واكتساب الخبرة.

بيد أن معظمهن ممن تقلد غيرها، لكسب شهرة أكثر على السوشل ميديا وصنع “ترند”، أي أنه لا علاقة لحفلة طلاقها بالواقع، لكنها فرصة لتحقيق مكاسب مالية من خلال متابعة وتعاليق مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لمنشورها، بينما لا أهمها التعليقات من متابعيها، بقدر ما يهمها ما تحققه من زيادة الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي وكسب نقاط تسمح لها بتحقيق مكاسب مالية وكسب متابعين جدد.

بينما يرى آخرون، ومنهم علماء اجتماع في أن حفلات الطلاق ليست لإظهار شهادة المطلقة، بقدر ما هي محاولة للانتقام من الطليق، واستفزازه، بأن الحياة في بعده راحة وفرح، أي أنها تخلصت من القيود وأصبحت أكثر تحررا، وهي الفكرة التي تروجها المنظمات النسائية الداعية للنسوية والتحرر، كونها تظهر الرجل ضد المرأة وحريتها، وأن سعادة المرأة في عيشها وحيدة بعيدة عن مؤسسة الزواج، مضيفين أن الفيديوهات المنتشرة لحفلات الطلاق، تكشف حالات عدم التوازن لدى المطلقة الذي تظهره “كعكات الطلاق”، التي تحتوي على مجسمين للمرأة والرجل، وفيها تضرب المرأة الرجل وتسقطه من أعلى أو تدير له ظهرها، إلى جانب تلك الإشعارات المرافقة للكعكة، على غرار: تهنيت بحريتي، وداعا للمشاكل، الحمد لله خرجت من حياتي…، وهي شعارات تكشف رغبة المعنية في إيذاء طليقها بعد الانفصال عنه.

 

تأثير “حفلات الطلاق” على عائلات المطلقات

وفي سياق الحديث عن “حفلات الطلاق”، أبدت “آمال” ندمها على الفيديو الذي تناول حفلة طلاقها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما قاطعتها عائلتها، عقابا لها على ما قامت به، بعدما اعتبرتها عارا عليها، لاسيما وأن لها شقيقة مازالت لم تتزوج، وهو ما يعرضها لسخرية المجتمع، كانتقام من أختها المطلقة.

ومن جهتها، “سليمة” أقرت أنها كانت سببا في طلاق أختها، بعدما تابعت عائلة زوج أختها لفيديو حفلة طلاقها على السوشل ميديا، لأنها أساءت للجميع، وهو ما جعل شقيقتها وعائلتها تقاطعها رغم وجودها معهم في البيت، بعدما أصبحت نذير شؤون لهم.

“رانيا” لم تتجاوز 19 عاما، طلقت وهي حامل، تؤكد أن والدتها احتفلت معها بطلاقها، وكانت سعيدة بذلك، لأنها قوية مثلها، وتطلقت هي الأخرى سابقا، رفضا للرجل الذي يتحكم في تصرفات المرأة ويريد أن تأخذ رأيه في كل ما تريد القيام به كالخروج من البيت والملابس التي ترتديها، وهذا ما ينقص من كرامة المرأة حسبها، لاسيما وأن الرجل يفعل ما يبدو له دون الرجوع للمرأة.

في المقابل، ترى “خديجة” أن الاحتفال بالطلاق بالأفراح والعزائم يسيء للمطلقة قبل عائلتها، لأنه يخلق نفورا لدى الرجل منها، ويصعب عليها إعادة بناء أسرة حقيقية. وتضيف أن الطلاق يعتبر أبغض الحلال عند الله، وأن حصوله يكون عندما تنتهي كل الحلول، وتصبح المعيشة بين الطرفين مستحيلة. الحاجة “خيرة” ترى أن حفلات الطلاق يكشف سوء التربية لدى المرأة التي تحتفل، كون أن الطلاق يؤكد فشل المرأة في بناء أسرة والحفاظ على علاقتها الأسرية، وعوض أن تحتفل عليها أن تخجل، وتحاول إعادة التفكير في الأسباب التي أدت إلى طلاقها، حتى تنجح في بناء أسرة عندما تتزوج مرة أخرى.

 

الظاهرة بحاجة إلى علماء الاجتماع والنفس

ما تم التطرق إليه سابقا، يكشف أننا أمام ظاهرة “حفلات الطلاق” أصبحت تمثل “ترند”، تأثيراتها السلبية على المطلقة نفسها قبل أسرتها والمجتمع عموما. وفي هذا الشأن، أصبح تدخل علماء الاجتماع والنفس لتشريح الظاهرة، ومعرفة الأسباب الحقيقية التي تقف وراءها، لاسيما وأن المرأة المطلقة فقط من تقيم الحفلات، في مقابل صمت الرجل المطلق، الذي ينصرف لحياته الخاصة دون ضجة ولا نشر لخبر طلاقه، وهو ما تراه معظم النساء تصرفا يكشف نضج الرجل ومسؤوليته المجتمعية، عكس المطلقة التي أصبحت تسيء للمرأة عموما، مما يستدعي دخول المختصين على الخط لوضع حد للظاهرة، ومنعها من التمدد والانتشار، لأنها مسيئة للمجتمع العربي، وفرصة لنشر الأفكار الغربية عن مجتمعنا الذي يقدس العلاقة الزوجية والحياة الأسرية.

ميمي قلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى