المجتمع

من تنظيم مسجد ستراسبورغ الكبير في قصر المؤتمرات بفاكن فرنسا

الجالية الإسلامية والعربية المغاربية تحيي ذكرى المولد النبوي

بقلم: الأستاذ الحاج نور الدين أحمد بامون (ستراسبورغ –  فرنسا)

 

الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بالحدث العظيم، هو أسعد الأعياد الدينية عند المسلمين ويعتبر عطلة رسمية يصعب الحديث ويعجز اللسان عن سيد البشرية نبي الرحمة، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما، بحيث لا يتوقف ولا ينتهي اليوم وغدا ودائما أبدا سرمدا. فإحياء ذكرى مولده له معانيه ومغزاه ودلالاته، كل يحييه على طريقته ورؤيته لأجل التعريف بأعظم شخصية أرسله الله رحمة للعالمين.

 

حيث تولي الجالية الإسلامية والعربية عامة والمغاربية بستراسبورغ بعاصمة الآلزاس بمختلف جنسياتها معية طاقم لجنة إدارة المسجد الكبير خاصة، اهتماما كبيرا بإحياء مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف اهتماما كبيراً وقدسية واضحة تليق بمولد سيد الخلق، من خلال طريقة الشعائر المقامة والاحتفالات الممارسة والتي تعبر عن موروث سلفنا الديني التاريخي من العادات والتقاليد المرتبطة بهذه المناسبة الخاصة جدا، بحيث اعتادت الاحتفال بالمولد النبوي في كل سنة بحرص شديد أكثر من ذي قبل، على نهج خطى سلفنا رحمهم الله منذ سنين خلت، وتبرز مظاهر الاحتفال لدى الجالية المسلمة.

 

تجند أفراد الجالية وازدهار المساجد  

وتمثل هذه المناسبة جزءا لا يتجزأ من الشعائر الدينية والكيان الروحي للجالية، حيث يواظبون على إحيائها ويحرصون على الإلتقاء في بيوت الله لإستذكار الرسالة المحمدية وتلقين سيرة خاتم الأنبياء العطرة للأجيال الصاعدة. ولإحياء المناسبة تتجند سواعد القائمين على المساجد بكل فرح وسرور، فتزدهر المساجد في هذا اليوم التاريخي المشرف للأمة الإسلامية بكل فخر واعتزاز، فيعدون برنامج خاصة وحفلات تمتلئ بها المساجد بالعبادات بداية من الخطب والدروس والمحاضرات للحديث عن الرسول الكريم وإقامة جلسات ذكر والصلاة والسلام على النبي الحبيب، إضافة لتلاوة القرآن بدون توقف، ومن بين هذه المساجد التي عاصرنها وحضرنا نشاطها الكبير لسنوات متتالية مسجد ستراسبورغ الكبير، المسجد الأم الجامع لعشرات مساجد ستراسبورغ بمنطقة الآلزاس بفرنسا منذ نشأته ووضعه حيز الخدمة سنة2012.

جدير بالذكر، أن أعضاء إدارة المسجد الكبير يحرصون ككل سنة، كل الحرص على إحياء مناسبة المولد النبوي الشريف، التي تهدف أساسا في التعريف بتراثنا التاريخي الديني الثقافي الزاخر من خلال إحياء عادات وتقاليد السلف على خطى الآباء والأجداد، ولتعريف الجالية برمتها وأبنائها خاصة من ثقافاتهم الأصلية، وتقريبهم من بعضهم البعض وفضلا عن تهذيب حسن الأخلاق والسمو بالروح الإسلامية المنبثقة من الشمائل المحمدية وفضائلها وتأصيلها. هذا من جهة ومن جهة فتح الأبواب لغير المسلمين للتقرب والتعرف على نبي الرحمة من علمنا الصفح والسلم ونبذ العنف والكراهية والعنصرية وأوصانا بحسن الجوار وحسن الخلق لإحلال السلام.

برمجة الحفل بمسجد ستراسبورغ الكبير

فقرات متنوعة على مدار أيام متتالية، عاش أفراد الجالية برمتها من خلال نشاط المسجد الكبير ورواده ومحبيه، البرنامج الثري المسطر من اللقاءات المتنوعة جمعت بين التلاوات القرآنية العطرة والمؤتمرات العلمية المقامة والأناشيد الروحية المختارة لمدح الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه والأذكار المنتقاة.

وضمن البرنامج الفقرات التالية: البداية بقراءة كتاب جوهر العلم في المولد الكريم للإمام ابن الجزري، عرف التعريف بالمولود النبوي الشريف، كل يوم بعد صلاة المغرب من طرف فضيلة الشيخ الأستاذ حليلو سيلا إمام المسجد الكبير. وفقرات الأيام المحمدية لشهر ربيع الأول شهر أنوار الحبيب، جزء من سرد السيرة النبوية العطرة (الضياء اللامع بذكر مولد النبي الشافع) تحت إشراف إمام المسجد سيلا خليلو برفقة فرقة المسمع البارع سيدي محسن نورش، حلقة جلسة تلاوة وذكر جمعت العديد من الحضور لاسيما عنصر الشباب، بعد المغرب انطلقت فعالياتها بكلمة ترحيبية حضرته عديد الأشخاص.

 

معرض صور مساجد أوروبا

معرض الصور الفوتوغرافية للمصور الألماني الكبير السيد “إيكهارد نوراني كراوزن”، تحت عنوان (بين الظل والنور)، دعا المصور زوار المعرض للسفر من خلال صوره المعروضة للتعرف على مساجد أوروبا بكل من روما إلى لندن مرورا بستراسبورغ وباريس وعديد المساجد بدول مختلفة، حيث سافر المصور الخبير الفوتوغرافي من خلال معرضه والصور المختارة بالحضور في رحلة عبر أثير الصور المعروضة إلى الأماكن المقدسة للتعرف على إلإسلام من خلالها وإلى روائع تلك اللمسات السحرية لعدسته وما التقطته من لقطات جذابة من مختلف التي الزوايا والتي كانت تنتظر الزوار لتفاجئهم مع هذا المعرض الجميل لمساجد أوروبا عامة.

 

مائدة مستديرة

تضمن الحفل برنامجا ثريا ومتنوعا، حيث افتتحت فعالياته بداية من الساعة الرابعة زوالا بمائدة مستديرة حول بناء المقدس نشطت من طرف ديان ليفران وبول ميشيل المهندس المعماري في ستراسبورغ الذي يمثل باولو بورتوغيسي أثناء أعمال بناء المسجد الكبير في ستراسبورغ بعنوان (الروح المعمارية للمسجد الكبير في ستراسبورغ)، وأحمد نوراني كراوسن، بعنوان (مساجد أوروبا على مسارات الإيمان)، ومحمد موسوي الرئيس المشارك للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ورئيس مسلمي فرنسا، مدينة أوروبا مسجد الغد.

مجموعة المعارض المعروضة عبر الأجنحة المخصصة لذات الغرض والتي استقطبت زوارا كثيرين وشغوفين بالمعروضات، معرض شامل غني بالمعلومات عن روائع مساجد أوروبا وبناة مسجد ستراسبورغ الكبير.

إضافة إلى ذلك، أكشاك لمختلف سلاسل الكتب وما تضمنته من كنوز معرفية، كما تم عرض أروقة خاصة للمنتجات الحرفية برمتها لمختلف الصناعات الحرفية اليدوية والتقليدية الشعبية والتراثية.

 

فقرات سهرة الحفل

(01)- تنشيط الحفل: كالمعتاد بصمة التنشيط تبقى شاهد حي حاضرة ومميزة في ثوبها المعهود ككل مناسبة، لكن هذه المرة بإشراك عنصر جديد اكتشفت مرة أخرى تحت الأضواء، بداية من الساعة الثامنة وعرض فقرات برنامج السهرة من حنجرة المنشطة الأستاذة “سامية ربيعي” الصادحة النجمة المتألقة لهاته المناسبات التاريخية، الدينية، الثقافية والاجتماعية بمسجد ستراسبورغ الكبير وغيره لما لها من خبرة وتجربة بحنكة مكتسبة من خلال المشاركات الفارطة في مجال التنشيط.

استهل الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم شنفت مسامع الحضور، ثم كلمة ترحيبية وكلمة السيد رئيس المسجد الأستاذ “سعيد علاء” وكلمة رئيس مساجد فرنسا، وبختامها عرض فيلم بعنوان مسجد ستراسبورغ الكبير في ملتقى الشرق والغرب، ثم استراحة فنية مع روائع فرقة جنان الأندلس الوافدة إسبانيا للمشاركة التاريخية في تنشيط سهرة حفل إحياء المولد النبوي الشريف لسنة 1446/2024. ثم العودة مجددا لعرض فيلم عن بناء المسجد الكبير في ستراسبورغ، ثم توزيع جوائز مسابقة الشعر لأجمل وأروع قصائد صفات النبي الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم للفائزين فيها والتي كانت فيها الجائزة الأولى عمرة ومبالغ مالية للثاني والثالث. وعودة فرقة جنان الأندلس مرة إلى ركح منصة قصر الموسيقى بفاكن لعرض أجمل من تم انتقاؤه من القصائد المختارة من المدائح.

(02)- مسابقة المولد الشعرية لسنة 1446/2024: نظرا لأهمية المسابقة وإعطائها سبغتها الأدبية والعلمية الأكاديمية، أوكلت مهمة الإشراف للجنة التحكيم المؤهلة لكل من الخبير الصوفي الأستاذ الجامعي بجامعة ستراسبورغ صاحب عديد المؤلفات إيريك جيفروي، دراسة عربية إسلامية أكاديمي متخصص في الصوفية ويعمل في القضايا الروحانية في العالم المعاصر والأستاذ “عبد الرحيم بوزلمات”، مدرس الأدب الحديث الثانوية في مرسيليا ومتخصص في أدب القرن التاسع عشر، نشر آخر الأخبار من عالمنا، تعلم الشك مع مونتين والأستاذة “حبيبة أواستي”، نائبة مدير المركز الاجتماعي والأسري “فيتور هوغو ليو لاغرانج”، المنسقة السابقة ومدرب اللغة الفرنسية كلغة أجنبية وميسرة ورشة الكتابة، شاركت لعدة سنوات في مسابقة الكتابة متعة الكتابة لاختيار الفائزين لأحسن القصائد المشارك بها كتابة وصوتا.

(03)- بصمة بلمسة فنية: سجلت فرقة جنان الأندلس القادمة من إسبانيا حضورها بصمتها الفنية بذوق رفيع من خلال وصلاتها المنتقاة من روائع المقامات الإنشادية من موشحات ومختلف الطبوع في مدح الحبيب المصطفى، والتي شنفت مسامع الحاضرين و تفاعل معها الجمهور بكل أريحية، خاصة لمقطوعات أديت استجابة لأذواقهم، تلبية كانت هدية لمحبي الفرقة ومشجعيها.

 

خلاصة القول

كانت مناسبة جد سعيدة نسأل الله لها الدوام على مدار السنين التي تعتبر هذه المناسبة فرصة للمسلمين عامة للتعريف بنبي الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, للمسلمين نفسهم ولغير المسلمين حبا وعشقا في نبينا الحبيب ولأجل تقديم الإسلام بصورة واضحة كاملة المعالم ببياض ناصع تبين الأخلاق الفاضلة والسيرة العطرة بالشمائل المحمدية وذلك لأجل ربط الأجيال الصاعدة بالإسلام والمحافظة على تعاليم ديننا الحنيف، وقد لقي الحفل استحسانا وتجاوبا وتفاعلا كبيرا من جميع الحاضرين، إذ بات المولد النبوي الشريف يجمع الجالية الإسلامية عامة والمغاربية خاصة بحضور الآلاف من أبناء الجالية من مختلف ربوع فرنسا، سواء من المقيمين بستراسبورغ أو الوافدين من ألمانيا وبلجيكا وسويسرا وإيطاليا وبلجيكا وغيره.

كان مهرجان المولد النبوي الشريف لحظة لقاء ومشاركة بدعوة من رئيسه الأستاذ سعيد علا، الذي ذكر بأهمية الحوار بين الأديان في منطقتنا الإنسانية، وهو الحضور المميز الذي شجع كثير من غير المسلمين على التعرف على الإسلام و التعمق في البحوث لمعرفته اللهم أعز الإسلام وأنصر المسلمين وجازي القائمين على هذه الفعاليات خيرا ووفقهم للمزيد.

ختامها مسك

وبختام إحياء ذكرى مولد الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، رفع الدعاء وأكفف التضرع للمولى عز وجل من طرف الأستاذ الشيخ “صالح صاليو فاي” إمام مسجد الأخوة بلامينو ورئيس جمعيته للجميع عموم عباد الله للصلاح والفلاح لجميع الأمة الإسلامية بكل ربوع المعمورة بالشفاء لجميع المرضى واستجابة الدعاء وتحقيق طموح الجميع فاللهم أمين فمنا الدعاء ومنك الاستجابة. وبانتهاء فقرات السهرة وختامها. مسك أسدل الستار على طبعة 1446/2024 على أمل اللقاء مجددا.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى