الجهوي‎حوار

أستاذ التاريخ السيد إسماعيل عمر بمعسكر في حوار للبديل

معركة "جبل مناور" منعرج في تاريخ بني شقران

 

  • محطة بارزة في تاريخ الثورة التحريرية المجيدة

حاوره سلطاني مختار

بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال 66 لمعركة “جبل مناور” كان لنا لقاء مع أستاذ التاريخ السيد إسماعيل عمر بمعسكر الذي يعتبر من أقدم الأساتذة ورئيس الجمعية الولائية انسان تيغنيفين وأجرينا معه هذا الحوار

حدثنا عن موقع المعركة

اعتبرت معركة جبل المناور، حلقة فاصلة في تاريخ الثورة الجزائرية، وبمقارنتها بمثيلاتها من المعارك الكبرى التي شهدتها ثورة أول نوفمبر، والتي برزت فيها براعة مجاهدي جيش التحرير الوطني في مجالي التكتيك والاستراتيجية الثوريين، فإن هذه المعركة لم تنل حقها من العناية والاهتمام اللازمين وتعد معركة “جبل مناور” بولاية معسكر والتي وقعت في 5 سبتمبر 1957 من أهم المعارك التي ميزت أحداث ثورة التحرير المجيدة بالمنطقة بالنظر للخسائر الكبيرة التي تكبدها الجيش الاستعماري الفرنسي. جرت أحداث المعركة في منطقة جبل المناور الذي يعلو عن سطح البحر ب 697 م ويعتبر الفاصل الطبيعي بين المنطقتين الرابعة والسادسة من الولاية الخامسة التاريخية، توجد به مسجد تحت أرض الذي كان في الأصل مغارة وبقمته مقبرة قديمة للمسلمين. بقرية سيدي عبد القادر بن يسعد لجبل المناور الذي شهد معركة من معارك الثورة التحريرية الكبرى وهي معركة جبل المناور الشهيرة في الناحية الأولى للمنطقة السادسة للولاية الخامسة الشهيرة يوم 5سبتمبر 1957 اذ تمر الذكرى 66لاندلاعها بقيادة الشهيد سي رضوان الذي شارك في معارك الهند الصينية وفر من الجيش الفرنسي والتحق بالثورة. وتعتبر سادس معركة على المستوى الوطني من حيث الأهمية وخسائر فادحة لقوات الاحتلال. واستعملت فرنسا السلاح المحرم دوليا انه سلاح النابالم. 

كيف وقعت وما هي الأسباب

عمر إسماعيل: تُذًكر الخلف ببطولات وأمجاد السلف، وحصيلة ثقيلة من الخسائر في صفوف المستعمر هذه الملحمة التاريخية شكلت منعطفا حاسما زاد من شعلة العزيمة والنزعة التحررية اتقادا، جاءت بعد سلسلة من المعارك الضارية بين جيش التحرير الوطني والقوات الاستعمارية المستبدة، التي حاولت كبح جماح الثورة بشتى السبل والوسائل الحربية، دون أن تكلل محاولاتها بنتائج تحفظ على الأقل ماء الوجه السبب المباشر للمعركة يعود إلى وشاية من أحد الأشخاص القاطن بالناحية، وكان المجاهدون قد غنموا في الكمين الذي نصبته كتيبة القائد شقال النعيمي “سي رضوان” ضد وحدة من قوات الاستعمار بعين فارس، مدفعا رشاشا من نوع ” 30 أمريكان” لكنه معطوب ثم انسحبوا إلى دوار “أولاد علي” التابع لدائرة تيغنيف ، فبعث به “سي محمود” مع أحد المدنيين إلى هذا الشخص لإصلاحه فاستغل الفرصة وأبلغ القوات الاستعمارية الفرنسية، انتقاما لابيه الذي اعدمته الثورة فيما سبق، بمكان تواجد المجاهدين، فجمع المستعمر قواته، واستدعى وحدات مقاتلة من كل جهات غرب البلاد لمحاصرة المنطقة  معركة جبل مناور بمنطقة حبوشة التابعة لبلدية مناور حاليا وقائعها تعود إلى محاولة جيش المستعمر الفرنسي رد الاعتبار لنفسه بعد ثلاث معارك شهدتها المنطقة خلال شهر أغسطس من نفس السنة حيث جهز لعملية تمشيط بالقرب من جبل المناور. وتعرضت قوات كتيبتي جيش التحرير الوطني بالمنطقة، اللتان كانتا بقيادة المجاهدين سي محمد وسي رضوان خلال عملية التمشيط، للحصار من قبل جيش الاحتلال حيث لم يكن هناك أمام هاذين القائدين رفقة كتيبتيهما سوى خيار واحد هو الوصول إلى جبل المناور والتمركز فيه. وأسندت مهمة قيادة الكتيبتين معا إلى المجاهد سي رضوان الذي يعد قائد الكتيبة الثالثة في المنطقة السادسة بالولاية الخامسة التاريخية الذي أصدر أوامره إلى المجاهدين للتوجه الى قمة جبل المناور للسيطرة على الموقف والتموقع مما يمكن من السيطرة على تحركات وحدات الجيش الاستعماري الفرنسي. واستطاعت الكتيبتان السيطرة على أرض المعركة بالرغم من تدخل طيران الاحتلال الفرنسي وكذا النيران الكثيفة للمدفعية الفرنسية، وفق ذات المصدر الذي أضاف أنه في حدود الساعة الواحدة زوالا من يوم الواحد سبتمبر 1957 أطلق المجاهد سي رضوان النار على طائرة عمودية فرنسية ليتمكن من إسقاطها مما أدى الى هلاك جميع ركابها من بينهم ضابط برتبة عقيد لتنهار معنويات جيش الاحتلال وتسود الفوضى في صفوفه حيث بدأوا في الانحسار والتراجع. ونجحت الكتيبتان بالخروج من هذا الحصار وحمل المجاهدون جرحاهم على أكتافهم وظهورهم حيث كان من بينهم المجاهد البطل سي رضوان الذي أصيب في هذه المعركة جراء قنابل النابالم المحظورة التي استخدمها جيش الاحتلال الفرنسي لصد هجمات المجاهدين وتكبد الجيش الاستعماري الفرنسي خلال هذه المعركة خسائر كبيرة تمثلت في هلاك 650 جندي فرنسي وإصابة عدد معتبر من الجنود بجروح فضلا على إسقاط ست طائرات منها عمودية وقاذفة من نوع “بـ 50 ميستر” و”جاغوار” و”كشافة” إضافة إلى تضرر الكثير من الآليات.

 كم عدد المجاهدين الذين استشهدوا؟

عمر إسماعيل: خلال هذه المعركة لم تنجُ إلا فصيلتين كان من ضمنهم المجاهد المدعو محمد الثنوي عبد الواحد سي علي حيث تمكنوا من الخروج من الحصار ونجوا بينما خرج سي رضوان وتم نقله فيما بعد إلى دوار أولاد بوعزة أما البقية فقد استشهدوا تحت القصف استطاع المجاهدون القضاء على 650 عسكري فرنسي وإصابة عدد كبير منهم، وإسقاط 6 طائرات وإعطاب 17 أخرى، بينما استشهد 69 مجاهدا و10 مدنيين جزائريين، وأصيب 23 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، ومن بينهم القائد سي رضوان، لينسحب بقية المجاهدين والجرحى نحو جبال تيميكسي بشرق ولاية معسكر، أين توفي المجاهد سي رضوان.

هل من كلمة أخيرة؟

عمر إسماعيل: يعتبر الحدث محطة لاستخلاص العبر والدروس التي تنير معالم مستقبل الأجيال المتعاقبة، لتحصينها من انعكاسات التشويه والتحريف المنبعث من أبواق فرنسا الرسمية وأدواتها المحلية من خلال دعوة المجاهدين وشهود العيان عن المعركة إلى تسجيل شهادتهم الحية لاسيما هؤلاء القلة الذين ما يزالون على قيد الحياة يواجهون انعكاسات صحية مؤلمة أثرت على ذاكرتهم، على غرار مجاهدين ومجاهدات يلازمون فراش المرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى