تكنولوجيا

الاقتصاد الكلي للذكاء الاصطناعي

نمو الإنتاجية (نموذجا)

يمكن أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على المجتمع في عدد من المجالات إلى جانب الاقتصاد، بما في ذلك الأمن القومي والسياسة والثقافة. ولكن في هذا المقال، نركز على آثار الذكاء الاصطناعي على ثلاثة مجالات واسعة ذات أهمية بالنسبة للاقتصاد (نمو الإنتاجية الاصطناعي ليس له مستقبل محدد سلفا).

إذ يمكن له أن يتطور في اتجاهات مختلفة جدا، والمستقبل المعين الذي سينشأ سيكون نتيجة لأشياء كثيرة، بما في ذلك القرارات التكنولوجية والمتعلقة بالسياسات التي تُتخذ اليوم. وبالنسبة لكل مجال، نعرض مفترق طرق: مساران يؤديان إلى مستقبل مختلف تماما للذكاء الاصطناعي والاقتصاد. وفي كل من هذه الحالات، سيكون المستقبل السيئ هو الطريق الذي ينطوي على أقل قدر من المقاومة. والوصول إلى المستقبل الأفضل سيتطلب سياسات جيدة، بما في ذلك:

يتعلق الطريق الأول بمستقبل النمو الاقتصادي، وهو إلى حد كبير مستقبل نمو الإنتاجية. فقد ظل الاقتصاد الأمريكي عالقا في حالة شهدت انخفاض نمو الإنتاجية بشكل مثير للقلق على مدار معظم الخمسين عاما الماضية، باستثناء انتعاش قصير في أواخر تسعينات القرن الماضي وبداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (دراسة Brynjolfsson, Rock and Syverson, 2019 ). وتعاني معظم الاقتصادات المتقدمة الآن من نفس المشكلة المتمثلة في انخفاض نمو الإنتاجية. فالإنتاجية، أي الناتج لكل وحدة من المدخلات، تحدد، أكثر من أي عامل آخر، ثروة الأمم والمستويات المعيشية لشعوبها. ومع ارتفاع الإنتاجية، تزداد إمكانية إدارة مشاكل مثل عجز الميزانية، والحد من الفقر والرعاية الصحية والبيئة. وقد يكون تعزيز نمو الإنتاجية التحدي الاقتصادي الأكثر أهمية في العالم.

على أحد مسارات مفترق طرق الإنتاجية، يكون تأثير الذكاء الاصطناعي محدودا. وعلى الرغم من التحسن السريع في القدرات التقنية للذكاء الاصطناعي، فإن اعتماد الشركات له قد يظل بطيئا ومقتصرا على الشركات الكبيرة (دراسة Zolas and others 2021). وقد يتضح أن اقتصاديات الذكاء الاصطناعي هي نسخة ضيقة جدا من الاقتصاديات التي توفر العمالة (ما يطلق عليه دارون أسيموغلو وسيمون جونسون “التكنولوجيا البَيْنَ بَيْن”، مثل ماكينة الدفع الآلية في متاجر البقالة)، بدلا من الاقتصادات التي تُمكّن العمال من القيام بشيء جديد أو قوي (راجع مقال “إعادة توازن الذكاء الاصطناعي” في هذا العدد من مجلة التمويل والتنمية).

والعمال المنتقلون بشكل غير متناسب قد ينتهي بهم الأمر في وظائف أقل إنتاجية وأقل ديناميكية، مما يؤدي إلى تقليل أي فائدة إجمالية لمعدل نمو إنتاجية الاقتصاد على المدى الطويل. وعلى غرار العديد من الحالات التي شهدت حماسا تكنولوجيا في الفترة الأخيرة في وادي السليكون (الطابعات ثلاثية الأبعاد، والسيارات ذاتية القيادة، والواقع الافتراضي)، قد ينتهي الأمر بأن يكون الذكاء الاصطناعي أيضا أقل مما يعد به أو أقل استعدادا للطرح في السوق عما كان مأمولا في البداية. فأي مكاسب اقتصادية حقيقية، حتى وإن كانت متواضعة، قد تظهر في البيانات بعد عدة عقود من اللحظات الأولى للوعد التكنولوجي، مثلما كان النمط في كثير من الأحيان.

ويمكن للمفارقة الشهيرة التي حددها الاقتصادي روبرت سولو في عام 1987، وهي أنه “يمكنك رؤية عصر الحاسوب في كل مكان إلا في إحصاءات الإنتاجية”، أن تصبح أكثر تطرفا، حيث يبدو أنه سيكون لدى كل شخص روبوت دردشة قائم على الذكاء الاصطناعي يذهل به أصدقاءه، ولكن لن يبدو أن الشركات أصبحت أكثر إنتاجية بعد استخدامها المتزايد للذكاء الاصطناعي. وقد تؤدي الشركات إلى إضعاف أي فوائد اقتصادية يمكن تحقيقها من الذكاء الاصطناعي إذا فشلت في تحديد التغييرات التنظيمية والإدارية التي تحتاج إليها للاستفادة منه على أفضل وجه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى