تكنولوجيا

الحوكمة الإلكتروونية.. المثلث الذهبي.. محاربة الفساد

تحديات المحافظة السامية للرقمنة

تسعى كل وزارات الدولة إلى رقمنة قطاعاتها فيما تبقى بعض القطاعات بعيدة كل البعد عن مفهوم الرقمنة رغم أنها حساسة ومرتبطة ارتباطا بالإقتصاد، بحيث لن نتمكن من ولوج الرقمنة تحت العملية الوطنية الشاملة

إنشاء المحافظة السامية للرقمنة، هل سيحقق الأهداف المنشودة؟

لا يمكننا الجزم بأنه سيحقق بل سينظم لأن أهم ما في التحول الرقمي هو التنظيم، التوجيه والإستشراف، هذه النقاط كلها مهمة في رسم صورة الرقمنة في أي دولة. كما يجب أن يفهم المواطن الجزائري أننا قد خرجنا من مفهوم البسيط للرقمنة، بل تحويل بعض المواد الملموسة والمرئية والمسموعة على مواد رقمية يصبح تداولها واستعمالها رقميا, كما يُعنى أيضا من رقمنة المحتوى إلى رقمنة الخدمات وهو ما نعبر عنه بالحكومة الإلكترونية ويعتبر مفهوما مبدئيا لعملية الرقمنة في أي دولة ومعناها أيضا (الحكومة للمواطن)، في حين الكثير من الدول المتقدمة التي أنهت الحكومة الإلكترونية أصبحت تركز الان على المثلث الذهبي في هذه المعادلة التي نعبّر عنه في ثلاث نقاط وهي: حكومة للمواطن، حكومة للمؤسسات وحكومة حكومة) لأنه اليوم خاصة في (حكومة حكومة) نفتقر ربط الخدمات ما بين هيئات الدولة، لأن الخدمات الإلكترونية نستفيد منها بنسبة معينة إذا قدمناها إلكترونيا ولكن لا نستفيد منها كلية إلا إذا قمنا بربطها مع بعضها البعض، لأنه اليوم المواطن يعاني من الجهل بالخدمات الإلكترونية إلى نسبة معيّنة. اليوم هذا الربط في هذه النقطة سيقوم بسد التغرة على الأقل. النقطة الثانية تتمثل في ضرورة توحيد الخدمات الإلكترونية مع بعضها البعض، مثلا إذا كانت هناك شركة من القطاع الخاص تقدم خدمات معينة ربما تتداخل مع الخدمات التي تقدمها شركة الحكومية.

 الحكومة الإلكترونية والرقمنة بصفة عامة

 من المفروض ذلك ولكن كان غائبا دور المنظم (المايسترو) بتعبير فني هي مجموعة من المؤسسات تقوم بعزف مجموعة من النغمات على شكل سامفونية، وبالتالي فإن دور الماسيترو الذي ينظم هذه السامفونية هنا كان غائبا. وعليه فإنّ استحداث هذه الهيئة (المحافظة السامية للرقمنة) ستلعب بشكل خاص دورا إستشاريا وإستشرافيا بدرجة كبيرة وستقوم بتنظيم العملية بمعنى تسهيلها وتسريحها وسد بعض الثغرات بالإضافة إلى الجانب الرقابي الذي يتم تفعيله داخل هذه الهيئة. وعليه كان لزاما تفعيل هذه الهيئة قبل بداية العملية لأننا اليوم للأسف متأخرين بعض الشيء في الرقمنة، لكن مقابل ذلك قد استفدنا من التجربة البسيطة التي قامت بها الدولة خلال السنوات الثلاث الأخيرة (المشاكل التي واجهتها، الظروف، من خبرة معينة)  كما أن ترشيد النفقات لا يتماشى مع مفهوم الرقمنة لأن هذه الخيرة تتطلب ميزانية بالأخص الحكومة الإلكترونية أو المثلث الذهبي لتفعيله أكثر يلزم الموارد المالية والموارد البشرية لأنه إذا لم تكن هناك كفاءات موجودة سيكون من الصعب جدا الوصول إلى هذه المعادلة ولكن في ظل (المحافظة السامية للرقمنة) وتوجيهاتها وبالخص إذا كانت لديها صلاحيات أعلى من الصلاحيات الوزارية ستكون أمانها مهمة صعبة وشاقة في إضفاء عملية التناغم داخل التحوّل الرقمي. كما انه حان الوقت لتفعيل مجلس أو هيئة إستشارية متخصصة في الأمن السيبرالي لأنّهذا جانب أخر في عملية الرقمنة لأن كل خدمات إلكترونية لها ثغرات وبحاجة إلى حماية وهذا سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية في البلاد.. وبرأي بع ض الخبراء فإن (المحافظة السامية للرقمنة) جاء بعض الشيء متأخّرا ولكن نتمنى ان تكون لها صلاحيات أعلى ويجب تحقيق المثلث الذهبي الذي يعبر عنه بالحوكمة الإلكترونية وكذلك الجانب الإستشرافي لعملية التحول الرقمي، بحيث لا ننسى بأن في الرقمنة هناك ثلاثية الأبعاد وعوالم جديدة، وهناك مجموعة من التقنيات تتسابق عليها الدول الكبرى (مثلا في أمريكا تم عقد صفقة بعشرين مليار دولار لتدريب الجيش الأمريكي بأجهزة ميكروسوفت) ، مثل هذه الإمكانيات ستحد من قيمة التكاليف وخاصة ستقضي على الفساد.وهذه المسألة من أهم المسائل المطروحة دوليا. الأمر الآخر هو أن (المحافظة السامية للرقمنة) ستمكننا من جمع البيانات بدقة، لأننا نعاني فعلا من هذا المشكل الذي يتخبط فيه اقتصادينا حاليا، وأي وزارة لا تمتلك بيانات دقيقة، على سبيل المثال قطاع الفلاحة تفتقد لقاعدة بيانات دقيقة (الراضي الشاغرة، الأراضي المزروعة، ألخ) كما علينا أن نواكب العالم ولا ننسى بأن ألأمم المتحدة حسب خطط التنمية بحلول عام 2030 تحتّم على الدول تقديم خدمات إلكترونية وعلى الأقل تفعيل الحكومة الإلكترونية

 مُهمّات المحافظة السامية للرقمنة

إذا انتظرنا جمع المعلومات فإننا نضيع الوقت لأن هناك العديد من الدول مثل أمريكا وأستراليا وكندا وإيسطونيا وحتى بعض البلدان العربية على غرار قطر والإمارات العربية كلها انتهت من عملية الحوكمة الإلكترونية، ربما هناك من هذه التجارب ما هو أقرب لتجربتنا الحالية في الجزائر، وعليه يمكن وضع إسقاطات مبدئيا والأن أصبح تسطير التحول الرقمي في الجزائر بصفة كلية ونهائية تبقى من أبرز المهام التي يجب أن توليها (المحافظة السامية للرقمنة)، لأنه يكفينا تنصيبا لأنظمة رقمية مفتوحة المصدر وغير محمية بدون أي رقابة، لأن ثغراته ستكون معروفة لدى الجميع. وكما هو معروف أيضا أن الأنظمة الرقمية في الجزائر أصبحت مستهدفة بقوة، وفيما نجد مثلا فايسبوك تنفق ملايير الدولارات لحماية نفسها من الإختراقات إلا نها كم من مرة تكون عرضة لذلك فما بالك بالأنظمة الرقمية التي لا تنفق صفر دينار من أجل حماية نفسها؟ كما يرى نفس الخبراء أنه بات ضروريا على كل الهيئات والمؤسسات والإدارات التي تقدم خدمات إلكترونية أن تقوم بتفعيل نواة أو مجموعة متخصصة في الأمن السيبرالي، لحماية هذه الأنظمة لأن الحماية لا تأتي هكذا بل يجب الإنفاق عليها أي بتخصيص ميزانية معينة وباستمرار، بحيث أصبح تقريبا في كل الدول منصي مسؤول الأمن السيبرالي أصبح حتميا وضروريا ودائما. هذه كلها معايير تدخل في إطار النظرة الشاملة.  كما يجب على (المحافظة السامية للرقمنة) توصيل هذه المعلومات على كل القطاعات وأن تفتح الباب أمام الكفاءات والخبراء لأنها في حال العمل بمفردها قد تقوم بأشياء مثالية لكن ستظل نظرية فقط وليس واقعية، لأن حل المشاكل يأتي من الواقع، فما الفائدة من تقديم خدمة رقمية دون الأخذ بعين افعتبار تجربة ووجهة المستخدم، لهذا لا نتفاجأ حين نرى بأن المواطن الجزائري يلتجئ غالبا إلى إستخدام الفايسبوك وليس التطبيقات الخرى، لأنه بسيط الإستخدام وأن واجهة المستخدم تضمن الإستخدام السلس والبسيط والسريع له، والسؤال المطروح حاليا: هل لدينا مصممين ومهندسين قاموا بتصميم هذه الواجهات تتلاءم والمستوى الفكري للمستخدم الجزائري.

بقلم: رامــي الــحــاح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى