
أوضح الدكتور “بوحفص حاكمي”، أن قانون المالية 2024، جاء باجراءات جديدة من شأنها دعم الاستثمار، وحماية القدرة الشرائية، ومن ثمة إعطاء دفعة للاقتصاد الوطني، لاسيما عبر اعتماده على تسهيلات الجباية، عن طريق عملية الرقمنة، وهو ما سيفرض الامتثال الضريبي، كما يساهم في الحد من التهرب الضريبي وتعبئة الموارد الجبائية، لاسيما بعد إجبارية التصريح الإلكتروني بالسلع والعملة المحلية والأجنبية.
وفي حديث خاص ليومية “البديل”، ذكر الدكتور “حاكمي بوحفص”، الأستاذ الجامعي، بقسم العلوم الاقتصادية، جامعة وهران 2 ، المتخصص في المالية، بأن الجزائر تسلك طريق التحفيز الاقتصادي، في خطوة تعكس الإصرار على تعزيز الاقتصاد ودفع عجلة النمو. وبإفراجها عن قانون المالية لعام 2024، الذي يمثل عملية إعادة تقييم شاملة للسياسات الاقتصادية للبلاد، تظهر مؤشرات الاقتصاد الكلي تحسناً ملموساً، من خلال التركيز على دعم الاستثمار وحماية القدرة الشرائية، وفقًا لتقارير الخبراء في البنك الدولي. وأضاف المتحدث، أن قانون المالية 2024، وهو ما يعكس تحولًا استراتيجيًا في سياسات البلاد، حيث يركز على الأهداف والنجاعة، بدلاً من الاعتماد السابق على ميزانية التسيير والتجهيز. ومن بين التدابير الرئيسية في هذا القانون، تخفيض الضرائب على الشركات وتشجيع الاستثمار، إلى جانب إعفاء المواطنين من الضرائب لتعزيز القدرة الشرائية. كما يركز على دعم القطاعات الحيوية مثل صناعة جمع الحليب الطازج وتقديم التسهيلات الجبائية للشركات المسجلة في البورصة. حسب الدكتور “بوحفص”. مشيرأ إلى أن ظهور مؤشرات اقتصادية كلية باللون “الأخضر”، يظهر تحسن كبير في استقرار عام للاقتصاد الجزائري، بشهادة خبراء البنك الدولي. وفي إطار إعادة النظر في القوانين المسيرة للاقتصاد الوطني، بدءا بتغيير قانون الإستثمار، الذي يشجع المتعاملين والقطاعات والمناطق الاقتصادية، هذه الأخيرة التي تحظى بالأولوية على غرار الجنوب والجنوب الكبير والهضاب العليا وغيرها من التدابير والتحفيزات، مرورا بإصدار قانون الصفقات العمومية والقانون البنكي والمصرفي. وأردف الدكتور “حاكمي” ل”البديل”، أن قانون المالية 2024، يعتبر ثاني قانون في إطار القوانين العضوية للمالية المبنية على الأهداف والنجاعة، من خلال محفظة البرنامج بدلا من سياسة ميزانية، تعتمد على ميزانية التسيير والتجهيز، التي كانت تعتمد عليها المالية قبل صدور أول قانون مالية 2023. معتبرا أن رصد مبلغ يصل إلي 110مليار دولار، يعتبر مبلغا كبيرا، يجسد طموح السلطات لدفع عجلة الاستثمار والوفاء بالالتزامات الاجتماعية، على رأسها انعدام الضرائب على المواطنين، إلى جانب توسيع مجال الإعفاء من الضريبة على الدخل الاجتماعي، على أرباح الشركات، التي تنشط في مجال “جمع الحليب الطازج”، بهدف دعم الدولة لهذا القطاع، إضافة إلى تدبير أخر، يتعلق بتخفيض معدل الضريبية الجزافية، الوحيدة المطبقة على الأنشطة المؤهلة للمقاول الذاتي، وكذا الإعفاء المؤقت لمدة سنة، على بعض المواد واسعة الاستهلاك (البقوليات، الفواكه، البيض، لحوم الدجاج المنتجة محليا..)، في إطار محافظة الدولة على استقرار الأسعار والأسواق، وكذلك الإعفاء من رسوم القيمة المضافة على الحبوب الموجهة لصناعة الدقيق والسميد والخبز …الخ، إل جانب إعفاء لمدة 3 سنوات للشركات التي تُسعِّر أسهمها في البورصة. الدكتور “حاكمي”، تطرق في حديثه إلى “البديل”، إلى استحداث الرسم المحلي للتضامن، الذي تستفيد منه البلديات والولايات وصندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية، وكذا إعادة هيكلة الإتاوات الخاصة بعقود الامتياز، والأهم إعفاء “زيت الصوجا” من الحقوق الجمركية، والرسم على القيمة المضافة، لدعم هذا المنتوج الأكثر طلبا في السوق، لضمان استقرار أسعار الزيت. بالإضافة إلى عدة تدابير أخرى تتعلق باستيراد الحافلات الأقل من 5 سنوات. وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه المالية والميزانية في الجزائر، أكد الدكتور “حاكمي”، أنه رغم التدابير والتحفيزات في مجال الاستثمار والاقتصاد، وعدم فرض ضرائب جديدة على الموطن، والتي نثمنها، حسبه، تبقى هناك العديد من العراقيل، تتعلق بكيفية تمويل العجز المزمن، وأثر ذلك على الاقتصاد الوطني، وتحدي ثقل الإدارة الجبائية ومساعي رقمنتها، وكيفية دعم مسار زيادة الإيرادات والجباية العادية والعدالة الضريبية، ومساهمة أرباح الشركات أكثر مما هو حاليا، واحتواء السوق السوداء ودمجها في الاقتصاد الوطني للاستفادة من العوائد، التي تتسرب سنويا جرّاء بقاء هذا القطاع خارج مراقبة الدولة.
وخلص الدكتور “حاكمي” في حديثه، إلى أن الميزانية تعتبر أداة لتجسيد السياسات العامة، مؤسسة على التسيير عبر النتائج مع تحديد الأهداف حسب غايات المصلحة العامة .
مريم بن عيادة
من هو الدكتور “حاكمي بوحفص“ ؟
الأستاذ الدكتور “حاكمي بوحفص” أستاذ جامعي، بقسم العلوم الاقتصادية، جامعة وهران 2، وهو رئيس “فوج بحث تكويني” حول “التكنولوجيا المالية ودورها في تعزيز الشمول المالي في المصارف الإسلامية”، كما أنه رئيس “مشروع ماستر” حول “المالية والبنوك الإسلامية”.
له عدة كتب وإسهامات ومقالات ومداخلات في عديد الجرائد، إضافة إلى مساهمته في تنشيط العديد من الحصص التلفزيونية، وله تجربة في مجال البحث العلمي ورؤية عميقة للقطاع، من خلال اختصاصه واحتكاكه بالخبراء والمتعاملين الاقتصاديين.