تكنولوجيا

بين العلاقة بالأخلاق الأكاديمية والنزاهة العلمية

إيجابية وسلبية الذكاء الاصطناعي

يطرح عامة الناس بشكل عام والخبراء بشمل خاص أسئلة حول ما مدى تأثير الذكاء الإصطناعي على الأخلاقيات الأكاديمية والنزاهة العلمية، لأنه يتميز بإمكانات هائلة من شأنها التأثير إيجابيا بوجه خاص على البحث والتعلم، وعليه فإنّ الإعتماد عليه كليا قد يأخذ منحى سلببا على الأخلاق الأكاديمية والنزاهة العلمية، برأي الخبراء والمختصين. ويبقى التساؤل الجوهري مطروحا في هل الخطر الرئيس بمكن حين نتحيز إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي.؟. هذا لا يجعلنا نسيان عامل مهم جدا، وهو تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي لا بد أن يستند أساسا على مجموعة بيانات مخزنة قد تحتوي بالفعل على تحيز مضمّن فيها وبيانات تعكس عدم المساواة والعنصرية في العالم الحقيقي، مما يؤدي إلى تنبؤات وإصدار قرارات غير عادلة.

على ضوء ما سبق ذكره، في المقابل، وموازاة لذلك، هناك فعلا جهود مبذولة من طرف الخبراء، الهدف منها محاولة تخفيف هذه المعضلة أو بالأحرى حل أجزاء منها لكن تحت إشراف علماء البيانات المعاصرين، هذا ما يحدث على سبيل المثال في جامعة نيويورك كورانت، بحيث تقوم حاليا في تدريس هذه المواضيع عن الذكاء الاصطناعي، وبشكل خاص التركيز على أهمية التحقيق في بيانات التدريب واستخدام عدة خوارزميات تقييم “العدالة” لاختبار التحيزات وتصحيحها قبل إدراجها في خوارزميات الذكاء الاصطناعي. ويكمن الهدف هنا إلى التأكد من أن البينات المقدمة تمثل بصدق العالم الحقيقي وتخلو من التحيزات ذات “الميزات الحساسة”، مثل الجنس والعرق. ولهذا السبب، يؤكد الباحثون والخبراء على عدم الاكتفاء بتدريس الخوارزميات في الجامعات فقط كمحاضرات نظرية للطلاب، بل ينبغي على هؤلاء الطلاب والباحثين القيام بتقييم مفصل لأخلاقيات مجموعات البيانات ومراقبة صلاحيتها والتشكيك بالنتائج والتنبؤات في أثناء تطويرهم أدوات الذكاء الاصطناعي. إنها عملية مستمرة ومتكررة.

إن الذكاء الاصطناعي يملك كل المقومات الضرورية لإستحداث ثورة في عالم التعليم على أوسع نطاق وكافة المستويات، فبرأي الخبراء دائما، يمكن تصميم أنظمة التوصية القائمة على الذكاء الاصطناعي ونشرها والهدف من ذلك توفير تعلم أكثر تخصصا ودقة. وستتعلم هذه التقنية من البيانات التعليمية المخزنة مسبقا وتستخدم احتياجات الطلاب وتفضيلاتهم لتصميم مناهج مخصصة. هذا وليس أخيرا، بل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بدور في توفير أدوات التدريس ومزيد من الدعم للطلاب، بحيث يستطيع المدرسون تقديم تجربة تعليمية مخصصة والإجابة على الأسئلة المفاهيمية للطلاب. من جهة أخرى، كما تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي الأساتذة ومساعديهم في عملية التصحيح والدرجات لبعض واجبات الطلاب، وهو ما سيسهم في توفير الوقت للتقدير وتقديم ملاحظات سريعة أو اقتراحات بشأن الموارد والمراجع لمزيد من الاضطلاع.

الحديث عن الأدوات الأخرى المساعدة، يظل مُوسّعا وليس متشعّبا أو مُعقّدا كما يعتقد الكثير، بل يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتنبيه الأستاذ بشأن الطلاب الذين قد يكونون في ضائقة أو بحاجة لمساعدة من خلال تحليل رسائل البريد الإلكتروني لقياس أدائهم ومستواهم، وهذا في حدّ ذاته يمنح فرصة أخرى لتوجيه الأستاذ كي يركز أكثر على طلاب معينين وتقديم الدعم الفوري لهم، خاصة إذا كانت الأقسام مكتظة بالطلاب. ويجدر الإشارة هنا كخلاصة القول بأنّ الذكاء الاصطناعي لا ولن يتمكن من استبدال قيمة الأستاذ أو الطبيب أو الفنان، هذا شيء مؤكد لا نقاش فيه، لأن الحكم البشري والتفكير النقدي والمنطقي مهارات أساسية لا يمكن استبدالها في مجالات مثل التعليم والطب والهندسة والفنون، بحيث بمكن فعلا للذكاء الاصطناعي تقديم المساعدة في هذه المجالات ويعززها، لكن من رابع المستحيلات أن يقوم بتكرار عمق الخبرة والإبداع والتواصل البشري بشكل كامل. هذا ما اتفق بشأنه معظم الخبراء.

بقلم: محمد الأمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى