
يواصل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس زيارة العمل التي يجريها منذ أول أمس إلى جمهورية تركيا الشقيقة. والتقي الرئيس تبون خلال هذه الزيارة أخاه الرئيس، السيد رجب طيب أردوغان. وتعرف العلاقات الجزائرية – التركية المتجذرة في التاريخ وتيرة متسارعة لتعزيز وتنويع مجالات التعاون الثنائي خلال السنوات الأخيرة التي شهدت زيارات رسمية مكثفة ونوعية بين مسؤولي البلدين، سمحت بالتأسيس لشراكة مستدامة ومتكاملة الجوانب.
عرفت العلاقات الجزائرية – التركية قفزات نوعية وبوتيرة متسارعة بشكل خاص منذ دخول رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قصر المرادية، وأخذت إنطباعا ملفتا للإنتباه بأنّ العلاقات بين البلدين سيأخذ أبعادا أخرى وستكون له تداعيات إيجابية على كل مناحي التهاون الثنائي بين البلدين. ولعل اتفاقية الصداقة والتعاون الموقعة بين البلدين عام 2006، كانت كفيلة لتمهيد الطريق نحو علاقات وطيدة وعميقة وعرفت ديناميكية متسارعة وطفرات نوعية بعد عبد إنتخاب عبد المجيد تبون، رئيسا للجمهورية سنة 2019. إنّ زيارة العمل التي قام بها الرئيس عبد المجيد تبون إلى تركيا تلبية لدعوة نظيره رجب طيب أردوغان، ولو في ظرف قصير (يومين فقط)، تعد استكمالا للمسار العادي بين البلدين، خاصة أول زيارة لرئيس الجمهورية إلى تركيا تلبية لدعوة الرئيس أردوغان، بين 15 و17 ماي 2022. واعتبرت حينها حدثا بارزا شغل العالم باعتبارها أول زيارة من الجزائر إلى تركيا على مستوى رئيس الجمهورية منذ 17 عاما، بحيث وللتذكير فإنّ آخر زيارة على مستوى الرئاسة من الجزائر إلى تركيا كانت في فبراير 2005 من قبل الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، علما أنّ آخر زيارة على مستوى رئيس الجمهورية من تركيا إلى الجزائر، أجراها الرئيس أردوغان في جانفي 2020 وتم حينها التوقيع على بيان مشترك حول إنشاء “مجلس تعاون رفيع المستوى” بين البلدين.
وعليه، فإنّ العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة على المستوى الرسمي عادت بقوة، نظرا لعدة نقاط التجاذب والتوافق وتطابق في الرؤى حول العديد من القضايا الإقليمية ولعل أبرزها القضية الفلسطينية، ناهيك عن الأزمة في ليبيا والإتفاق على ضرورة إيجاد الحل السياسي في أقرب الأجال. وهذا ما أكد عليه الرئيس عبد المجيد تبون خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى الجزائر في جانفي 2020، بحيث صرّح حول اتفاق تام بين الجانبين على ضرورة تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين بشأن ليبيا، لضمان المن والسلام في هذا البلد الشقيق. للتذكير أيضا، زيارة وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو، إلى الجزائر في 10 ديسمبر 2022 لحضور اجتماع مجموعة التخطيط المشتركة بين البلدين، حيث كشف أنّ عدد الشركات التركية في الجزائر تجاوز 1400 شركة وتجاوز إجمالي الاستثمار 5 مليارات دولار، واستطرد قائلا بأنّ التعاون بين الجزائر وتركيا سيكون مفيدًا للمنطقة بأسرها، مضيفا أنّ العمل جاريا على الرفع في مستوى ليس فقط في التجارة وإنما في الإستثمارات ما يربو إلى 10 مليارات دولار. وقد صرح أيضا جاويش أوغلو بأنه بحث مع نظيره الجزائري حينها، وزير الخارجية السابق، رمطان لعمامرة، مسألة التعاون العسكري بين البلدين والإجراءات التي يمكن اتخاذها في مجال الصناعات الدفاعية، ناهيك عن افتتاح مراكز ثقافية في الجزائر وإسطنبول بشكل متبادل. وفي سياق متصل، سبق وأن أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز خلال زيارته إلى الجزائر في نوفمبر 2022 أنّ بلاده مع الجزائر عازمتان على تأسيس شركة مشتركة للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في بلدان المنطقة وعلى رأسها الجزائر، حيث أكد أنه تم التوصل إلى توافق حول تأسيس شركة مشتركة بين شركة النفط والغاز الوطنية الجزائرية سوناطراك وشركة البترول التركية، وتنفيذ أنشطة التنقيب عن النفط والغاز بشكل مشترك في دول المنطقة، وخاصة الجزائر، وبشكل خاص عزم البلدين على تأسيس شركة للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي. وإثر الزلزال العنيف الذي ضرب جنوبي تركيا الإثنين 6 فبراير 2023 وبلغت 7.6 درجات على سلم ريشتر وارتفع عدد الضحايا إلى 44 ألفا و218 قتيلا، أعلنت الجزائر عزمها تقديم دعم بقيمة 30 مليون دولار إلى تركيا، كما أبدت تضامنها المطلق مع تركيا، خاصة على المستوى الرسمي بحيث اتصل الرئيس تبون بنظيره أردوغان وقدم له التعازي والمواساة، كما أرسلت الجزائر إلى مناطق الزلزال فريق بحث وإنقاذ مكونا من 86 فردًا، ووفدًا طبيا من الهلال الأحمر الجزائري، إلى جانب 95 طنا من المساعدات الإنسانية، بل وأكثر من ذلك، تحولت دعوات دعم المتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا عبر منصات التواصل الاجتماعي في الجزائر إلى حملات إغاثة شاملة وواسعة. وأعرب الرياضيون والسياسيون والمواطنون الجزائريون عن وقوفهم إلى جانب تركيا دولة وشعبًا منذ اليوم الأول للزلزال. وليس أخيرا فقد قدم الرئيس الجزائري تبون في 19 جوان الماضي “وسام الاستحقاق الوطني الجزائري من الدرجة الأولى” إلى وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية الحالية ماهينور أوزدمير كوكطاش، عندما كانت سفيرة تركيا في الجزائر.
أحمد الشامي