
إختارت ثلاث طالبات شابات مبدعات وموهوبات من تخصصات مختلفة بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر الاندماج في مجال النحت المعدني وهو تخصص ناتج عن حرفة الحدادة القديمة المعروفة بأنها قاسية وجسدية وذكورية بشكل أخص.
فقد اختارت كل من اكرام بوساعة وجنات محفوف وميساء حواس متابعة تكوين في ورشات بالعاصمة للنحات عبد الغني شبوش وارتداء قفازات الأمان والتواصل مع عالم الحدادة والجمر وسدأ النحاس والمطرقة والسندان. في هذا الصدد، صرحت الطالبة إكرام بوساعة المعروفة باسم الفنانة “جو” التي رافقت النحات في معرضه الأخير أنها كانت شغوفة بالنحت وبفضولها لاختيار تكوين في النحت على المعدن وهو الخيار التي تعتبره “مثريا وممتعا” ل ” تطورها الشخصي والمهني”. كما أشارت تقول “ساعدني العمل بمعادن مختلفة على تطوير مهارتي الفنية واستكشاف آفاق ابداعية جديدة واكتساب مهارات عملية وتقنية جديدة وكذا على تطوير تصوري الفني”. ويمثل لها هذا التخصص الفني المعقد “تحديا محفزا” وتحسينا لمهاراتها في مجال الرسم والتصميم والنمذجة ثلاثية الأبعاد كما يوفر لها ادراكا أعمق لهذه المواد. وقد حفزت فنانات مثل لوريلي سيمس ولوسي ساندي كلارك وكاسي شاتيل إحدى الحدادات النادرات في فرنسا هذه الطالبة في اختيارها المتمثل في رفع “التحدي الجسدي والاجتماعي” وولوج مجال ذكوري تقليديا و”اظهار أنه يمكن للنساء أن تصبحن مبدعات وماهرات مثل الرجال”. من جهتها، طلبت جنات محفوف، طالبة في التصميم، خدمات النحات عبد الغني شبوش لصنع أثاث حيث فضل هذا الأخير تعريف الطالبة بالنحت لإنجاز مشروعها الدراسي بنفسها. وإضافة إلى رغبتها في رفع تحد غير نمطي المتمثل في “تليين النار والمعدن” و”كسر الصور النمطية”، وجدت جنات محفوف في هذه الورشة وسيلة “للجمع بين تصميم معاصر وعملية تصنيع متوارثة وتطوير اهتمامها الكبير بالنحت بعد انجاز بعض الأعمال لتعلم تقنيات هذا التخصص. وعلى اساس هذه المغامرة “المثرية”، صرحت الطالبة أنها نجحت في إشراك حرف قديمة مثل صناعة الجلد والحدادة في عملية تصميم وصناعة أثاث عصري. وتمثل الفرصة التي منحها عبد الغني شبوش في نظر ميساء حواس مناسبة لتعلم ممارسات فنية جديدة وكسر الاعراف الاجتماعية “للإظهار أن النساء قادرات على انجاز أشياء لا تصدق في مجال يعتبر ذكوريا بشكل حصري رغم الصعوبات الجسدية”. وقد اكتشفت هذه الطالبة المعرفة أكثر باسم “داست” المتخصصة في التصوير الفوتوغرافي وتصميم الرسومات البيانية والرسم أو حتى “فن الشوارع” التركيبات المهمة وصناعة الأعمال الحديدية معتبرة أن مناولة المعدن دفعها إلى “تطوير إبداعات جديدة وإثراء القدرات الفنية”. ومنذ أكثر من ثلاثين عام، أشرف عبد الغني شبوش، أحد النحاتين القلائل في الجزائر الذين اعتمدوا مسارا ابداعيا مستوحى من الحدادة على ورشة عمل والده في المرادية بالعاصمة. وبعد تخرجه في الهندسة المدنية، تعلم أولا حرفة الحدادة الفنية قبل أن يهتم ويصمم أول عمل معدني له ليتحول بعد ذلك من حرفي إلى نحات في سنة 1999 التي شهدت أول معرض له. وقد فتح هذا النحات منذ حوالي عشرين سنة أول ورشة له لشباب الحي ثم للمتربصين من مدرسة الفنون الجميلة وغيرهم من الفنانين الباحثين عن المعرفة أو الرؤى الفنية الجديدة. وإضافة إلى العديد من المعارض، وقع النحات أيضا على أعمال حضرية وأعمال دقيقة جدا في إنتاج الدعائم للسينما، كما قام مؤخرا بتقديم عمل المتربصة لديه “جو” خلال معرض “الحوار السمفوني” مع الفنان التشكيلي عبد الرزاق حفيان.
ق.ث