
في زمن تتجه فيه الجزائر نحو تنويع مصادر دخلها خارج النفط، تُطل التجارب الشبابية من عمق الصحراء لتقدّم نموذجا جديدا في اقتصاد البدائل، حيث تتحول السياحة من نزهة إلى مشروع، ومن تراث إلى مورد، ومن تكوين إلى تمكين.
هذا، ما جسّدته ولاية تقرت في تظاهرتها النوعية التي احتضنها بيت الشباب بتماسين، ضمن فعاليات الأيام السياحية الصحراوية والتاريخية، المنظمة من طرف قطاع الشباب والرياضة بالتنسيق مع الجمعية الوطنية للأسفار والسياحة التربوية للشباب، بقيادة المستشار “دايري يعقوب جلول”، أحد أبرز الأصوات الداعية إلى جعل السياحة التربوية فضاء لتنشئة اقتصادية وثقافية متكاملة.
السياحة التربوية: مختبر وطني لصناعة الكفاءات
لم تكن مشاركة 50 شابا وشابة من 27 ولاية حدثا عابرا، بل كانت تجربة تكوينية رائدة حملت عنوان “المرافق السياحي الشاب”، تستهدف تكوين جيل جديد من المرافقين والمرشدين القادرين على تحويل التراث إلى طاقة إنتاجية.
من الزاوية التجانية إلى قصور تماسين وبحيرات تقرت، تجوّل المشاركون في مسار يجمع بين المعرفة الميدانية والوعي السياحي، في محاولة لإعادة تعريف العلاقة بين الهوية الوطنية والتنمية المحلية.
ويؤكد المستشار “دايري يعقوب جلول”، أن الهدف من هذه المبادرات هو”نقل السياحة التربوية من مجرد نشاط ترفيهي إلى مدرسة للقيادة والإبداع”، مضيفا أن الجمعية تعمل على خلق “شبكة وطنية من الشباب المكوّن القادر على قيادة التحول السياحي داخل الجزائر، خصوصا في مناطقها الصحراوية الغنية بالفرص غير المستغلة”.
من التكوين إلى التمكين: الشباب يكتشفون أنفسهم في الميدان
تحولت أيام التكوين إلى ورشة مفتوحة للتبادل والتكامل بين الولايات، حيث عرض المشاركون نماذج من الحرف والصناعات التقليدية المحلية، وناقشوا سبل تطوير المنتوج السياحي الجزائري انطلاقا من خصوصية كل منطقة.
وفي ختام الحدث، الذي امتد من 30 أكتوبر إلى 2 نوفمبر، تم تكريم المشاركين وتسليم شهادات التكوين، إيذانا بتخريج دفعة جديدة من المرافقين السياحيين الشباب، القادرين على تقديم صورة مهنية راقية عن الجزائر وثقافتها المتنوعة.
تماسين… من ذاكرة الواحة إلى مدرسة المستقبل
لقد قدّمت هذه التجربة في تماسين درسا بليغا: أن التنمية تبدأ من الوعي، وأن التراث حين يُقرأ بعيون الشباب يصبح منجما للابتكار.
فبين أزقة القصور القديمة، وتحت ظلال النخيل، كان جيل جديد يرسم بخطواته خريطة السياحة الوطنية القادمة، محمولًا برؤية مؤسساتية يقودها المستشار دايري”يعقوب جلول”، الذي يرى في السياحة التربوية “رسالة وطنية قبل أن تكون قطاعًا اقتصاديًا”.
الهوصاوي لحسن



