
أكد “العيد ربيقة”، وزير المجاهدين وذوي الحقوق، أن معركة البناء اليوم لا تقل عن معركة التحرير، التي خاضها أسلافنا لأكثر من قرن، حققوا من خلالها الاستقلال لجزائرنا التي مازالت تنتظر منا البناء والتشييد، لتبقى في مصاف الدول المستقلة التي لها مكانة بين الأمم.
وفي كلمة له، خلال إشرافه على افتتاح المؤتمر الوطني الموسوم بـ” ذاكرة لا تموت وأمة لا تقهر”، الذي نظمته الجمعية الوطنية لكبار معطوبي حرب التحرير بمقرها بمارافال بولاية وهران، أوضح وزير المجاهدين أن شباب اليوم مدعو للالتفاف حول وطنه والمشاركة والانخراط بقوة في صنع مستقبله، من خلال تعزيز وجوده ومشاركته في صنع القرارات المصيرية للوطن، واتخاذ موقعه في المناصب والحفاظ على ذاكرتنا التاريخية.
وهي الأهمية التي يوليها رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون” اليوم، للتاريخ والذاكرة والأرشيف عبر متابعته الشخصية لما ينجز في هذا الإطار، حفاظا على هوية أمتنا ووحدة شعبنا واستقلال أرضنا، لأن ملف التاريخ والذاكرة ينبع من تلك الصفحات المجيدة، ومن تقدير رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون” لمسؤولية الدولة، تجاه رصيدها التاريخي والوفاء لعهد الشهداء الأبرار، مشيرا أن الذاكرة تعتبر أول وأهم المقومات التي صهرت الهوية الوطنية الجزائرية، ومبدأ جوهري، بناء واستشراف المستقبل على أسس ومبادئ رسالة نوفمبر الخالدة. من جهته، دعا الوالي “سمير شيباني”، إلى ضرورة التأكيد على التضحيات الجسام التي قدمها من سبقونا، للحفاظ على الاستقلال والعمل على مواكبة ما يجري في العالم للإبقاء على استمرارية قوة وجودنا وحماية جزائرنا من الأخطار المحدقة بها من كل الجوانب، في ظل التغيرات والاضطرابات الحاصلة، موضحا أنه واجب شباب اليوم لأنهم عماد الغد.
كبار معطوبي حرب التحرير يؤكدون مساندتهم للرئيس “تبون”
وفي سياق مداخلته خلال المؤتمر التاريخي الوطني، أكد المجاهد “حي عبد النبي”، رئيس الجمعية الوطنية لكبار معطوبي حرب التحرير، أن المجاهدين يقفون إلى صف رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”.
حيث أوضح أن رئيس الجمهورية لم يتوان في الدفاع عن الجزائر وتاريخها، واجتهاده في استرجاع أرشيفها وتوثيق ذاكرتها، من خلال عمليات تسجيل الشهادات الحية، ناهيك عن الاهتمام الكبير بعائلات الشهداء والمجاهدين وأبنائهم. مضيفا أنه يتعين اليوم على الشباب حمل المشعل ومواصلة النضال من مواقعهم في الدفاع عن الجزائر، والعمل على تطويرها وحماية حدودها، وذلك بالعلم والتطور، في الوقت الذي أصبحت فيه الجزائر منفتحة على العالم، وتوفر المناخ اللائق من أجل الإبداع والابتكار، مع التركيز على الحفاظ على الذاكرة الوطنية لأنه لا مستقبل لشعب بدون ماض وتاريخ.
وكذا العمل على الحفاظ على الهوية الجزائرية، داعيا وسائل الإعلام للانخراط في حماية الجزائر من خلال المواضيع التي تتناولها، النضال بالكلمة يضاهي النضال بالسلاح، لأن دوره كبير في تنوير الرأي العام وتوحيد الصفوف، فهو يعتبر سلاحا فتاكا ضد كل من يريد بالجزائر شرا.
كما ذكر المجاهد معطوب حرب التحرير “حي عبد النبي”، بما قاله الزعيم الراحل “هواري بومدين”، حول أهمية الإعلام في تحرير الجزائر، عندما خاطبهم خلال الثورة التحريرية، بالقول: “ما يقوم به مسعودي في الترويج الإعلامي للثورة 50 بالمائة، بقيت 50 بالمائة هي مهمتكم أنتم المجاهدين بالسلاح”، داعيا إلى ضرورة الرفع من مستوى الرسالة الإعلامية للدفاع عن الوطن والترويج لصورته الخارجية، معرجا على أفراد الجيش الوطني الشعبي، الذين لهم اليوم عيونا ساهرة تحمي حدود وطننا وتحفظ أمننا القومي بكل عز وشجاعة، واقفين ضد أي محاولة تستهدف زعزعة استقرارنا.
يذكر أن المؤتمر الوطني الموسوم بـ”ذاكرة لا تموت وأمة لا تقهر”، يندرج ضمن احتفاليات الذكرى 63 لعيد الاستقلال، وقد عرف مشاركة واسعة من الجيلين، مما سمح بفتح نقاشات وحوارات سمحت بتداول الأفكار وتذكر الأحداث لإضفاء نوع من التواصل الناجح والمثمر بين الطرفين، كما شهد مداخلات لمجاهدين وباحثين ومؤرخين.
بعدما سبق وأن أحيت الجمعية الوطنية لكبار معطوبي حرب التحرير ذكرى “اليوم الوطني الذاكرة”، بندوة وطنية حول ذكرى 8 ماي 1945 الأليمة مبقية على جروحها الغائرة، مذكرة الأجيال بقساوة ما عاش رجال عاهدوا الله على تحقيق الاستقلال واسترجاع الوطن، فكان مصيرهم جنات الخلود، بأكثر من 45 ألف شهيد، بعدة ولايات على غرار قالمة وخراطة، حيث سمحت تلك الندوة للمشاركين بالتركيز على ضرورة صون الذاكرة، من خلال تسجيل سلسلة وثائقية لشهادات مجاهدين معطوبين خلال مقاومتهم للاستعمار بمختلف مناطق الوطن، على غرار المجاهدين الذين كانوا على خطي شال وموريس، من إنتاج التلفزيون الجزائري، محطة وهران.
تعهد بمواصلة النضال وحمل رسالة الشهداء
وفي خضم حيثيات المؤتمر الوطني التاريخي، فقد أكد الحضور من جيل اليوم أنه لن يتخلى عن رسالة وعهد الشهداء، الذين قدموا أرواحهم قربانا على مذبح الحرية، متعهدين بصون الأمانة والحفاظ على وحدة الجزائر ترابا وشعبا، لأنه لا أمة بدون تاريخ ولا هوية.
وأضافوا أنهم مطالبون اليوم بصون الذاكرة، لأن الماضي يحدد لهم طريق المستقبل على أن يبقى التواصل دائم وصلب بين الأجيال حتى يستمر النضال، عبر تحمل كل فرد لمسؤوليته في المنصب الذي يتولاه، لأن الحرب اليوم هي حرب عقول وعلم متطور جد، لا مكان فيه للأسلحة التقليدية، والبقاء للأقوى بين الأمم، وما يدور في الساحة العالمية إلا دليل على ذلك.
في الوقت الذي اعتبر المجاهدون الحاضرون والأساتذة الباحثون والمؤرخون “شباب اليوم، بناة الغد”، وهو ما يفرض عليهم حماية الجزائر والدفاع عنها وخدمتها، كل من موقعه، مركزين على ضرورة التوحد لأن التوحد وحده فقط، ما يخدم الوحدة الوطنية والجغرافية للجزائر، درء لكل الإشاعات المغرضة والمحاولات الفاشلة لزرع الفتنة.
ميمي قلان