أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس قيس سعيّد، وقع على مرسوم لتعديل القانون المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، من دون أن تفصح عن طبيعة التعديلات.
ويأتي ذلك في ظل حديث سعيّد عن اعتماد نظام الاقتراع على الأفراد وليس اللوائح في الانتخابات المقبلة، وهو ما تسبب في حدوث جدل ورفض حزبي واسع لهذه الخطوة.
وتؤكد رئيسة شبكة “مراقبون” غير الحكومية الناشطة في مجال الانتخابات رجا جبري، أن نظام الاقتراع على الأفراد يقصي المرأة والشباب، على اعتبار أنه عادةً ما يتم ترشيح الرجال فقط.
انقسام حاد
من جهته، اعتبر الباحث السياسي صلاح الدين الجورشي، أن سعيّد يواصل تطبيق أجندته الخاصة ولا ينوي إعطاء فرصة جديدة للأحزاب السياسية، مع سعيه إلى تحقيق هدف إستراتيجي مهم بالنسبة إليه، وهو تهميش كامل للنخبة السياسية التي برزت بعد الثورة التونسية واستبدالها بنخبة جديدة تكون داعمة له في تطبيق برنامجه.
وصرح الجورشي، إنه رغم أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تعتبر خطًا أحمر لدى العديد من الجهات الداخلية والخارجية، لكن الرئيس قرّر التدخل بشأنها وتعديل قانونها الأساسي.
وعن دستورية هذه التعديلات، أكد أنه لا يمكن الحديث في تونس عن القوانين والشرعية منذ أن اتخذ سعيّد الإجراءات الاستثنائية في 25 جويلية الماضي، مشيرًا إلى أن اللعبة السياسية باتت تحت سيطرة رئيس البلاد نفسه.
وأعرب الجورشي عن مخاوفه من أن تسير تونس تدريجيًا على خطى السيناريو الليبي، لا سيما أنّ سعيّد يسعى إلى الدفع باتجاه قراراته الخاصة، فيما تسير المعارضة باتجاه معاكس من أجل إضعاف الرئيس وسحب الشرعية منه، فضلاً عن وجود حديث الآن عن إمكانية تشكيل حكومة للمعارضة تختلف عن الحكومة التي تعتمدها الرئاسة، مضيفًا أن حالة الانقسام الحاد تتسارع وتيرته في تونس.
مؤسسات طالتها إجراءات قيس سعيّد آخرها هيئة الانتخابات
مع إصدار الرئيس التونسي قيس سعيّد المرسوم الجديد، بمنحه نفسه الحق في تعيين أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، يرتفع عدد المؤسسات الدستورية التي حلّها سعيّد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 جويلية الماضي.
فقد بدأ سعيّد الإجراءات الاستثنائية بحل الحكومة، ليليها بعد ذلك تشكيل حكومة نجلاء بودين، ثم أتبعها بتجميد أعمال مجلس النواب، قبل أن يحله بنهاية مارس الماضي، معمقًا بذلك الانقسامات داخل البيت السياسي التونسي.
شملت إجراءات الرئيس التونسي في الفترة الماضية وتحديدًا في 20 سبتمبر الماضي العديد من المؤسسات، حيث حل الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين التي كانت بمثابة تعويض للمجلس الدستوري الذي تم حلّه إثر الثورة التونسية عام 2011.
وبعد أسابيع قليلة من إعلانه التدابير الاستثنائية، علق سعيّد أعمال الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهي هيئة معنية بملاحقة الفساد وكشفه في تونس، ومع الأسبوع الثاني من فبراير الماضي، أعلن سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء الذي تم تعويضه بمجلس مؤقت تم تعيينه من جانب رئيس الجمهورية.
وأصدر الرئيس التونسي في 22 أفريل الجاري مرسومًا يمنح فيه لنفسه الحق بتشكيل مجلس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتعيين أعضائه، وشملت تلك التعديلات أن يقوم سعيّد بتعيين 3 قضاة في الهيئة إلى جانب 3 عناصر من الهيئة، ومهندس تقني مختص بسلامة المعلوماتية بمجموع كامل الأعضاء من صلاحياته.
وتكمن مهمة هذه الهيئة في الإشراف على سير الانتخابات المقررة من سعيّد نفسه بحسب خارطة الطريق التي أعلنت بعد أشهر من الإجراءات والتدابير الاستثنائية.
ويضاف إجراء الرئيس التونسي الأخير، إلى سلسلة من تجميد أو حلّ أو تعليق للمؤسسات الدستورية في البلاد في خطوات لاقت معارضة واسعة من الأحزاب السياسية وبعض منظمات المجتمع المدني، وهي تدابير تدفع بالشارع التونسي إلى مزيد الانقسام وتعزز من مركزية القرار بيد سعيّد.