تكنولوجيا

هاكاثون وهران 2025… برمجة من أجل بيئة مستدامة

انطلاق الطبعة الـ02 من التظاهرة التقنية بجامعة وهران 2

انطلقت أول أمس الخميس بالمكتبة المركزية لجامعة وهران 2 محمد بن أحمد، فعاليات الطبعة الثانية من “هاكاثون وهران”، الحدث الذي ينظمه نادي “ماستر مايند” بشعار يحمل رؤية عميقة: “البيئة والاستدامة ببرمجة عالم مصمم ليدوم”.


الحدث الذي يمتد على مدار 03 أيام كاملة (01، 02 و03 ماي) يأتي في إطار البرنامج السنوي للديوان الوطني للخدمات الجامعية لتعزيز الأنشطة العلمية والثقافية والرياضية داخل الوسط الجامعي.

مساحة للإبداع الطلابي وابتكار الحلول

الهاكاثون يمثل أكثر من مجرد فعالية تنافسية، فهو فضاء يجمع الطلبة الجامعيين من مختلف التخصصات والمناطق لتوظيف مهاراتهم البرمجية والمعرفية من أجل تطوير حلول رقمية تخدم البيئة وتحقق مفاهيم الاستدامة.

في طبعته الثانية، يؤكد “هاكاثون وهران” أن الجامعة الجزائرية قادرة على استيعاب الديناميكية التكنولوجية، وتحويل الأفكار الطلابية إلى مشاريع حقيقية تحمل طابعًا بيئيًا ومسؤولًا.

تنظيم محكم رغم التحديات

رئيسة نادي ماستر مايند، الطالبة “محيوز حبيبة”، عبّرت عن فخرها بالنجاح التنظيمي الذي عرفته الطبعة الثانية، مشيرة إلى أنّ الفكرة انطلقت من الرغبة في إعداد الطالب الجامعي نفسيًا ومهنيًا للانتقال من المقاعد الدراسية إلى ميادين العمل والإنتاج الفعلي. وقالت: “فكرنا في خلق فضاء محفّز يضع الطالب أمام التحدي الحقيقي، ووجدنا في الهاكاثون الصيغة المثلى لذلك”. ورغم الصعوبات اللوجستية المتعلقة بتوفير الأكل، النقل، ومتطلبات الراحة للمشاركين، إلا أن الفريق المنظم تجاوزها بالإصرار والعمل الجماعي، مضيفة: “نتمنى أن يرى أحد المشاريع المقترحة النور ويُطبّق فعليًا في الميدان”.

مشاركة وطنية واسعة ومنافسة قوية

شهدت الفعالية مشاركة 20 فريقًا من طلبة جامعيين ينتمون إلى عدة ولايات جزائرية، على غرار سوق أهراس، بومرداس، الجزائر العاصمة وغيرها، وهو ما يعكس البعد الوطني للحدث والانفتاح على مختلف المؤسسات الجامعية. خلال 56 ساعة من التحدي المستمر، سيتعين على الفرق تصميم مشاريع تقنية تحاكي مشكلات بيئية حقيقية وتقترح حلولًا ذكية، قابلة للتنفيذ، وتتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.

تحضير طويل ودعم مؤسساتي لافت

من جانبه، “نوّه نورالدين بومعزة”، المدير الفرعي للأنشطة الرياضية والثقافية بجامعة وهران 2، بالمجهود الكبير الذي بذله نادي “ماستر مايند”، مؤكدًا أن التخطيط لهذه الفعالية انطلق منذ أكثر من 05 أشهر.

الهدف حسبه، لم يكن فقط تنظيم حدث طلابي، بل إشراك أكبر عدد من المؤسسات الجامعية العريقة في الجزائر، منها جامعات العاصمة وسطيف. كما أشار إلى أن بعض الطلبة اتصلوا بشركات خاصة للحصول على رعاية ودعم مالي، في حين تكفلت الجامعة بتوفير البنية التحتية، المستلزمات التقنية، والخدمات الجامعية مثل الإيواء، الطعام والنقل. وأكد بومعزة: “نحن نؤمن بالطلبة ونرافقهم ماديًا ومعنويًا لإنجاح أي نشاط علمي هادف”.

الهاكاثون كمدرسة للتعلم من التحديات

مسؤولة الاتصال في النادي، الطالبة “لبنى”، رأت في الهاكاثون تجربة تعليمية من الطراز الأول، معتبرة أن أكبر مكاسب الطلبة تكمن في تعلمهم كيفية إدارة الوقت، العمل تحت الضغط، وتجاوز العقبات. تقول: “واجهتنا بعض الصعوبات في البداية، خاصة فيما يخص الوثائق الورقية وتنظيم الزمن، لكنها كانت تحديات إيجابية دفعتنا لنكون أكثر مرونة وتنظيمًا. لقد كانت بمثابة تمارين ميدانية”. وأضافت أن هدفهم من الحدث هو إشعال شعلة الابتكار داخل كل طالب وتحفيزه على التفكير خارج الصندوق.

ورشات، توجيه وتحكيم صارم

إلى جانب التنافس، يحتوي برنامج الهاكاثون على ورشات تكوينية في مجالات مختلفة، يؤطرها خبراء وأساتذة، من أجل مرافقة المشاركين وتوجيههم نحو تحسين جودة مشاريعهم. كما ستُقيّم الأعمال من طرف لجنة تحكيم مختصة، تراعي الجوانب التقنية، البيئية، والإبداعية. في ختام الفعالية، سيتم الإعلان عن الفرق المتوجة وتكريم المشاريع التي برزت بأفكارها وواقعيتها.

نحو ترجمة المشاريع إلى حلول ميدانية

رغم أن الهاكاثون ينتهي بعد 56 ساعة من التحدي، إلا أن الأمل يبقى في أن تتحول بعض الأفكار إلى مشاريع حقيقية ترى النور بدعم الجامعات أو الشركات الشريكة. وفي هذا الإطار، عبّرت رئيسة النادي عن أمنيتها في أن يُطبّق واحد على الأقل من المشاريع المقترحة، قائلة: “نريد أن نُحدث الأثر، لا أن نبقى في إطار الأفكار فقط”.

رسالة الهاكاثون: المعرفة في خدمة الأرض

في زمن تتسارع فيه التحديات البيئية ويتطلب فيه العالم حلولا عاجلة لحماية كوكب الأرض، يأتي “هاكاثون وهران” ليحمل رسالة مفادها أن الطالب الجامعي ليس متلقيا فقط، بل صانع تغيير، يمتلك من الأدوات والذكاء ما يمكّنه من تقديم الإضافة. فالبيئة، التي لطالما كانت ضحية، صارت اليوم محورًا للحلول، والتكنولوجيا أضحت ذراعًا في خدمة الحياة.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى