تكنولوجيا

نموذج ذكي جديد من الصين يفرض نفسه في سباق الذكاء الاصطناعي

في خطوة جديدة تبرز التقدّم المتسارع الذي تحققه الشركات الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي. ” نموذج ذكي جديد من الصين” . وكما  كشفت شركة “زد إيه آي” عن نموذجها الجديد “جي إل إم 4.5” الذي قالت إنه يتفوق على بعض النماذج البارزة سواء من حيث الأداء أو الكلفة التشغيلية. ويأتي هذا الإعلان في وقت تحتدم فيه المنافسة على مستوى العالم. ولاسيما بين الصين والولايات المتحدة في ساحة الذكاء الاصطناعي.


 

ويعد هذا النموذج من الجيل الأحدث في سلسلة نماذج تقوم على أسلوب جديد يعرف بـ”الذكاء الوكيل”. حيث يقسم النظام المهمات المعقدة إلى أجزاء صغيرة ليتمكن من معالجتها بدقة أعلى.

وهو ما تعتبره الشركة نقلة نوعية في طريقة معالجة البيانات ورفع كفاءة المخرجات دون الحاجة إلى طاقة حسابية ضخمة.

 

نموذج ذكي جديد من الصين .. قدرة حسابية عالية بتكلفة منخفضة

من أبرز ما يميز النموذج الصيني الجديد هو قدرته على العمل بكفاءة. باستخدام عدد محدود من الشرائح الحاسوبية التي تعد ركيزة تشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة.

حيث أوضحت الشركة أن النموذج يحتاج فقط إلى 8 شرائح من النوع الذي خصصته شركات التصنيع للأسواق الصينية. نتيجة للقيود المفروضة على تصدير الشرائح المتقدمة. وهو ما يجعل تشغيل النموذج أقل تكلفة وأكثر مرونة في ظل التحديات التقنية والرقابية المفروضة على الشركات الصينية.

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة “زد إيه آي”. أن هذا النموذج لا يحتاج إلى توسيع القدرات الحاسوبية في الوقت الراهن. مما يدل على كفاءة البنية التحتية المتوفرة لديه.

غير أنه رفض الكشف عن الكلفة الإجمالية لتدريب النموذج الأمر الذي يترك مساحة من الغموض حول مدى فعالية الإنفاق الفعلي مقابل النتائج المعلنة.

ويرى خبراء أن القدرة على تحقيق أداء عالٍ باستخدام موارد حوسبة محدودة يعد مؤشراً على اقتراب مرحلة جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي. حيث لا تقتصر الريادة على من يملك أقوى العتاد وإنما على من يبتكر نماذج أكثر ذكاءً في توزيع المهام وتقليل استهلاك الطاقة.

 

نموذج مفتوح في وجه المطورين

واحدة من أكثر الميزات التي قد تغيّر قواعد اللعبة هي أن النموذج الجديد سيكون متاحا للمطورين بشكل مجاني. حيث أعلنت الشركة عن فتح الكود البرمجي للنموذج مما يتيح للباحثين والشركات الصغيرة استخدامه وتطويره بحرية.

وهو ما قد يسهم في خلق بيئة تنافسية أشد ويُعيد رسم خريطة السيطرة التقنية التي ظلت لعقود متركزة في الغرب.

وفي الوقت الذي تتقاضى فيه بعض النماذج المنافسة مبالغ مرتفعة لقاء معالجة البيانات. فإن الشركة الصينية خفضت الأسعار إلى ما يقارب النصف مقارنة بأحد أبرز النماذج الموجودة.

ويشمل هذا التخفيض كلا من تكاليف إدخال البيانات ومعالجتها. مما يمنح هذا النموذج أفضلية اقتصادية قد تدفع الكثير من الشركات إلى اعتماده كخيار بديل.

ويأتي هذا التطور في ظل موجة من النماذج الجديدة التي بدأت بالظهور من شركات صينية أخرى مدعومة من كبار المستثمرين المحليين. من بينها منصة أطلقتها شركة “مون شوت”. والتي تدّعي بدورها أن لديها قدرات تتفوق في مجالات البرمجة على النماذج الغربية الرائدة.

ومع ذلك تشير هذه التحركات إلى أن الصين تتخذ مسارا موازيا يهدف إلى تحقيق الاكتفاء التقني بعيدا عن التبعية للحلول المستوردة.

 

دعم سياسي ومالي يعزز من الحضور الصيني

يلاحظ أن جزء كبيرا من النجاحات التي تحققها الشركات الناشئة الصينية يعود إلى الدعم الاستثماري الواسع من مؤسسات كبرى. سواء كانت مملوكة للدولة أو لصناديق تنموية محلية.

حيث أظهرت بيانات الاستثمارات أن شركة “زد إيه اي” جمعت أكثر من مليار ونصف مليار دولار من مستثمرين كبار. من ضمنهم مؤسسات عملاقة في عالم التكنولوجيا والطاقة، بالإضافة إلى صناديق تمويل تابعة لمدن صينية كبرى.

ويعطي هذا التمويل الضخم لهذه الشركات مرونة في التوسع والتجريب دون القلق بشأن المخاطر التجارية المعتادة. بالاضافة الى أن الدعم السياسي والإعلامي يسهم في رفع مستوى الثقة المحلية والعالمية بهذه المنتجات الصينية.

كذلك فانه قد لا يمر وقت طويل قبل أن تصبح بعض هذه النماذج متاحة في الأسواق العالمية كمنافس جاد للمنتجات الغربية الراسخة.

وفي ضوء هذه التطورات، تطرح تساؤلات جادة حول مدى قدرة النماذج الغربية على الحفاظ على ريادتها التقنية وسط طوفان من الابتكارات الشرقية التي تبدو أكثر كفاءة وأقل كلفة. ومن المرجح أن يزداد الضغط على الشركات العالمية لتخفيض أسعار خدماتها وتحسين جودة نواتجها.

مما يجعلنا أمام مرحلة جديدة من المنافسة التكنولوجية لا تحكمها فقط المعايير التقليدية وإنما تنفتح فيها أبواب الريادة لمن يمتلك العقل الأكثر مرونة والموارد الأكثر فعالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى