
تعد الدكتور “العالية بوشعيب”، طبيبة مستشارة بالصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، بتيارت، نموذجا للنساء العاملات المتميزات والناحجات، حيث أنها وفقت في الجمع بين المهنية والإنسانية في عصر الرقمنة.
تخرجت الدكتورة “بوشعيب”، من كلية الطب كطبيبة عامة سنوات التسعينات، بينما كانت الظروف التي يعيشها الوطن صعبة للغاية، وعملت بقسم الانعاش وشهدت على مرحلة مرعبة، كانت نتائجها السلبية تقع أول ما تقع بين أيدي الأطباء الذين كانوا مجبرين على رؤية أبشع المناظر. كانت البداية صعبة، لكنها رغم صعوبتها ساهمت في صقل شخصية الطبيبة، وهي في أول مشوارها المهني، حيث تحتسب الخبرة المهنية بأضعاف مدتها، ثم كلفت برئاسة مصلحة تصفية الدم والقصور الكلوي، وهي التي يحتاج مرضاها إلى معاملة خاصة فكانت الإنسانية التي قد نمت بداخلها خلال الفترة السابقة، عاملا فعالا في تمكنها من النجاح في القيام بهذه المهمة، لتتابع تكوينا متخصصا ليزيد من مهاراتها، ونسجت علاقات مع المرضى، وفأكسبها ذلك احترامهم وتقديرهم لدرجة أنهم أصبحوا يفتقدونها بمجرد مغادرتها للمصلحة، وطالبوا بعودتها عند المغادرة. مرت الدكتورة “بوشعيب” بفترة من الفراغ، بعد اكتسابها لتلك الخبرة الميدانية. حيث غادرت قطاع الصحة لأسباب موضوعية، ثم التحقت بالصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية، بولاية تيارت، وهي تحمل في جعبتها تلك الخبرة المهنية الممزوجة بالإنسانية، حيث أنها كانت من قبل لا تقدر على أكثر من توجيه المريض أو وصف الدواء له، وانتماؤها إلى الكناس أتاح لها فرصة تقديم خدمة التكفل بالمريض على أحسن الأوجه كطبيبة مستشارة، بل ربما تعيد توجيهه إلى العلاج الصحيح نتيجة اطلاعها على ملفه الطبي، وكان لدخول مجال “الرقمنة” دور فعال جدا في تسهيل مهمة الطبيبة، وزملائها في الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، الذي يعد أول قطاع أدخل “الرقمنة” في تعاملاته مع المؤمن لهم اجتماعيا وأرباب العمل ومهني الصحة. وكان لتميز ذات الطبيبة في العمل، الفضل في توليها مهام طبيبة مستشارة مكلفة بالتعاقد مع كل من أصحاب النقل الصحي، والعيادات الخاصة المتخصصة في الولادة وأمراض النساء وعيادات تصفية الدم والجمعيات التي تتكفل بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يتم التعامل معهم عن بعد، من خلال البوابة الرقمية التي بلغت مرحلة متطورة بهذه المصلحة، حيث أنه يتم معالجة الملفات في ظرف قياسي وبضغط زر عن طريق استعمال تطبيقات خاصة، يحملها مهنيو الصحة المذكورين متصلة مباشرة بالصندوق، والتي تجنب المؤمن لهم وأصحاب النقل والعيادات والجمعيات التنقل وتقتصد الوقت والتكاليف وتتفادى بها الوكالات الطوابير. ويقول مدير وكالة تيارت “محمد براكة”، أن الدكتورة “العالية بوشعيب”، أثبتت تميزها في العمل ليس كطبيبة فقط، ولكن أيضا كمسيرة، تحرص على تقديم الخدمة المؤمن لهم اجتماعيا، وعلى تحقيق التوازن المالي الذي يضمن استمرارية الصندوق ، إن العمل التي تقدمه لا يقتصر على القيام بالمهام الموكلة لها، لكنها دائما تقدم المزيد من المجهود الإضافي، الذي يعتبر قيمة مضافة للصندوق ونوعية الخدمة المقدمة، إنها تعمل بمهنية منقطعة النظير وبضمير حي، والإنسانية المطلوبة للتعامل مع المرضى، وكانت دائما محل إشادة من اللجان الموفدة من المديرية العامة أو الوزارة الوصية، التي تعترف أن عمل الدكتورة “بوشعيب” عمل يضاهي الإتقان والتميز. وتقول الدكتور “بوشعيب”، التي وجدناها ذات روح مرحة مع زملائها، ومع المؤمن لهم من المرضى أو ذويهم أو مع الأطباء التابعين العيادات المتعاقد معهم، أو أصحاب النقل الصحي الذي زروها أو اتصلوا بها عبر هاتفها الشخصي في أثناء حضور جريدة ” البديل”، حيث أنها توجههم وتوضح لهم الطرق السليمة التي تمكنهم من الاستفادة من خدمات الصندوق، وهي تقول: “كل المتعاقدون يتصلون بي عبر هاتفي الشخصي، المفتوح 24 ساعة و7 أيام، حيث أعالج الملفات عبر تطبيق خاص عبر الهاتف، لاسيما الحالات الاستعجالية، وهو نفسه التطبيق المحمل عبر هواتف هؤلاء المتعاقدون الذين تصلهم إجابة الصندوق بعد معالجة الملفات، من خلال إشعارات عبر هواتفهم، هذا بالإضافة إلى البرنامج المحمل عبر الحواسيب بمقراتهم الإدارية من طرف الصندوق”، وتشير أنها مكنتهم من تكوين خاص حول رقمنة مختلف مجالات تخصصهم. وتضيف ذات المتحدثة أنها خلال معالجة الملفات الخاصة بالمرضى من المصابين بالسرطان، والمحتاجين إلى التأهيل الفيزيائي أو تصفية الدم أو الاشعة أو المصابين بأمراض، لا يوجد تخصصها بولاية تيارت، والذين يحتاجون إلى النقل الصحي إلى المؤسسات والمراكز الاستشفائية العمومية، تطلع على الطلب والملف المرسل من طرف الناقل المتعاقد، وفي حالة نقص المعلومات تفتح الملف الخاص بالمؤمن له من خلال رقم تأمينه، للاطلاع على تاريخه المرضي، ومن ثم يتم اتخاذ القرار بالايجاب أو الرفض، مع مراعاة حالة المريض، حيث أن “الرقمنة لا تتنافى مع الإنسانية والعمل بضمير مهني”. وأفادت الطبيبة “بوشعيب”، أن “العمل الميداني بالإضافة إلى الخدمة بالصندوق أكسبها خبرة ومهارة، مكنتها من التعامل بالشكل الصحيح مع كل الملفات، منها تنبيه الأطباء في حال وصف أدوية قد تلحق الضرر بالمريض، نتيجة عدم إخبار طبيبه ببعض الأمراض التي يعاني منها، خاصة منها وصف مضادات الالتهاب التي تسبب القصور الكلوي أو ارتفاع الضغط أو غيرها، لأن المعلومات متوفرة لدى الصندوق في ملفات مرقمنة”. مشيرة إلى مراقبة الجمعيات المختصة بالتكفل بذوي الاحتياجات الخاصة، وهم مرضى التوحد والتريزوميا والأطفال المتأخرين ذهنيا أو المصابين بالشلل الدماغي، والتي يدفع لهم الصندوق منحا يومية عن كل مريض، تتم عن طريق البوابة الرقمية، وذلك بعد المراقبة المباشرة الطبية والإدارية، حيث يتم التعامل بصرامة مع هذه الجمعيات، لإجبارها على تقديم خدمات ذات نوعية من ناحية المأكل والتعليم والتكفل النفسي لهذه الفئة المتكفل بها من طرف الصندوق، وذلك طيلة السنة الدراسية. وتقول الدكتور “العالية بوشعيب”: “نبذل مجهودات بالتعاون مع جميع الزملاء لرفع الغبن على المريض، وتحقيق الرضى الذاتي ورضى المؤمن لهم اجتماعيا، وعندما تواجهنا مشكلة عويصة لمريض يعاني من مشاكل صحية، ونتمكن من حلها ومساعدته وتقديم الخدمة التي يطلبها، خاصة إذا كان مريضا معدما ومصابا بمرض مستعصي، حيث أن الصندوق يوفر التغطية الاجتماعية للفئات من دون دخل المصابين بالأمراض المزمنة، تكون فرحتنا تضاهي فرحة ذلك المريض الذي فقد الأمل، وجاء ليطلب استعادته، وراحة نفسية منقطعة نظير تنسينا ذلك الجهد البدني أو الذهني الذي بذلناه”.
استغلت الدكتورة “العالية بوشعيب” فرصة حديثها لجريدة “البديل”، لتهنئ كل نساء الجزائر بعيدهن العالمي، خاصة العاملات في الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء عبر الوطن وبولاية تيارت، والمؤمن لهن اجتماعيا بذات الولاية، مؤكدة أن عملها بالصندوق مكنها من مزاولة مهنة تجمع بين المهنية ومساعدة الآخرين بطريقة فعالة تعكس الإنسانية الموجودة داخلها، وكذا تعزيز شعورها بالرضا الداخلي.
جمال غزالي