
كشف الباحث أحمد عقون من بلدية تيوت ولاية النعامة، عن “نقش صخري” جديد يضاف إلى رصيده في عملية البحث في هذا المجال، حيث يقول حول هذا الاكتشاف أنه بين “نقش صخري” يجسّد نمر الأطلس، ووثيقة محفوظة في أرشيف ما وراء البحار الفرنسي، تتشكل أمامنا صفحة نادرة من تاريخ الحياة البرية في المنطقة.
وفي قراءة سطحية لهذه الصورة الصخرية، فإنها حسب الباحث “أحمد عقون”، تعود إلى محطة من محطات الصخور المنقوشة الواقعة في جبال الأطلس الصحراوي، يرجع تاريخها إلى العصر الحجري الحديث. تم اكتشاف المحطة سنة 1935 على يد الملازم Ribaut، ونشر وصفا لها عالم ما قبل التاريخ الفرنسي فوفري سنة 1939.
يمثّل النقش نمرا منبسط الجسد في حالة ترصّد كأنه يتهيأ للانقضاض، بدقة طبيعية مدهشة جعلت منه من أروع النقوش الصخرية في الأطلس الصحراوي، ويُعتبر هذا الأثر البصري المادي من أقدم الأدلة على وجود النمر البربري أو الأطلسي في شمال إفريقيا منذ العصر الحجري الحديث.
لحسن الحظ، أن المحطة حاليا حسب الباحث “أ.عقون”، توجد تحت حراسة مشددة من قبل أحد الأصدقاء من البدو الرحل الذي تطوع لحراستها وتأمينها. وفي قراءة للوثيقة الأرشيفية الثانية والتي تعود إلى سنة 1888، محفوظة في السجل الصادر للحاكم الفرنسي لدائرة المشرية، موجّهة إلى قايد أولاد مسعود (من عرش الغياثرة). ونصها يبدأ: “عليك السلام، وبعد المراد منك أن توجه لنا إلى البرق المسمى الشيخ ولد جلول الذي قتل النمر لنمكن له جائزة. والسلام”.
ومن خلال هذه الوثيقة، حسب الباحث “أحمد عقون” يطلب العقيد حاكم دائرة المشرية، من قائد العرش أن يرسل إليه المدعو “الشيخ ولد جلول” الذي قتل نمرًا، قصد منحه مكافأة نظير ذلك، وتكشف هذه المراسلة أن النمر كان لا يزال يعيش في المنطقة سنة 1888، وهو على الأرجح النمر البربري أو نمر الأطلس (Panthera pardus panthera). الذي كان يُصنّف سابقا نوعا مستقلا للنمر، لكنه يُعتبر اليوم إحدى جمهرات النمر الإفريقي، فقد عاشت هذه الحيوانات تاريخيا في المنطقة، وشكلت جزء من توازنها البيئي.
إلا أن الوثيقة تُظهر بوضوح أن الإدارة الاستعمارية الفرنسية لم تكن تدرك قيمة هذا الحيوان في تلك الفترة ولم تسع لحمايته، بل اعتبرته تهديدا محتملا لمعمريها بدرجة أولى ولقطعان الماشية وللأهالي بدرجة ثانية، فشجّعت على القضاء عليه ومنحت مكافآت لمن يفعل ذلك.
ويختم “أحمد عقون” حديثه قائلا، هكذا يتجاور النقش الحجري من العصر الحجري الحديث مع وثيقة استعمارية من القرن الـ19 ، ليرسما معًا صورة عن تاريخ النمر البربري في الجنوب الغربي الجزائري الأعلى: من رمز مرسوم على الصخر بدقة فنان قديم، إلى حيوان يُطارَد وتُدفع الجوائز لقتله.
إبراهيم سلامي