
تعتبر المدرسة الوطنية العليا للذكاء الإصطناعي في الجزائر، مدرسة جديدة تتبع نظام المدارس النخبويّة، بتخريج مهندسين لهم دراية نظرية عالية بأسس وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فتحت أبوابها خلال السنة الدراسية 2021 – 2022 حيث تم إنشاؤها من طرف الدولة وبمرسوم رئاسي.
إن المدرسة الوطنية العليا للذكاء الإصطناعي هي مدرسة تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي الذي يعتبر أحد تخصصات الإعلام الآلي والرياضياتـ لكن بشكل خاص إضافة إلى الإختصاصين، فإنها تدرس الذكاء الإصطناعي قصد تنمية وترقية القطاع الاقتصادي وذلك باستغلال كل ما تعلق بتكنولوجيا المستقبل. وعليه فقد وفرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لهذه المدرسة كل الوسائل البشرية وأيضا المادية المتطورة، وفتحت الأبواب للطلبة لأكثر من ألف مقعد بيداغوجي للحاصلين على الرياضيات ثم العلوم والتقني الرياضي، المعدل الأدنى للإلتحاق في البكالوريا (16/ 20) في حين (15/ 20) في مادة الرياضيات. أما عن برامج الدراسة فهو بالمعايير العالمية ومقتبسا من الجامعات العالمية (أمريكا، بريطانيا، ألمانيا) أما فيما يخص الطاقم المؤطر (الأساتذة) كفاءات عالمية وطنية وأجنبية. أما محتوى الدروس (برمجة، أنظمة برمجة، هندسة الحاسوب، الرياضيات، الإحصاء، الإحتمالات، الجبر الخطي، تعلم الآلة Machine Learning، تعلم الألة العميق Deep Learning، معالجة اللغات الحية Computer Vision، Narural Language Processing… وغيرها من الدروس ذات الصلة بالتكنولوجيا الجديدة. وسيتم الدراسة باللغتين الإنجليزية والفرنسية.
وعينت الوزارة، فريق خبراء مرموقين، بمساهمة علماء الجالية الجزائرية بالخارج، عكف على إعداد برامج بيداغوجية (علم التربية) نوعية تستجيب للمعايير العالمية ومتطلبات سوق العمل. وكشفت عن مرافقة أجنبية لـ 5 بلدان في مرحلة أولى، وهي الصين والمملكة المتحدة واليابان وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، لجعل مستوى الجامعة -التي تدرّس باللغة الإنجليزية- عالميا. كما أن ظروف التكوين والتكفل الاجتماعي جدّ محفّزة للطلبة، معتبرين الانتساب إلى المدرسة العليا فرصة علمية ذهبية منحتها إياهم الدولة الجزائرية، وستجني ثمارها العملية قريبًا. وأشاروا إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس منتشرا في الجزائر مقارنة بدول أخرى، لذا يتمنّون أن تكون الجامعة الجديدة نقطة تحول لبلاده نحو تأهيل مهندسين متخصصين من ذوي الكفاءة العالية، وهو ما يشكل طموحًا مشتركًا يتقاسمه مع كل رفاقه. كما عبّروا عن تطلعاتهم الشخصية لابتكار تطبيقات لتسهيل التواصل المهني، على غرار تسيير العلاقة بين المريض وطبيبه.
تسجيل براءات اختراع وتطوير منتوج ومؤسسة ناشئة
من جهة أخرى، كشف مصدر مسؤول بقطاع التعليم العالي أنّ الجزائر طوّرت إستراتيجيتها الوطنية في الذكاء الاصطناعي (2020 – 2030)، والتي نصت ضمن برنامج طموح على إنشاء جامعة وطنية لتكوين مهندسين من المتفوقين في المرحلة الثانوية. وأوضح أن هذه الجامعة تتبع نظام المدارس النخبوية، بتخريج مهندسين لهم دراية نظرية عالية بأسس وتقنيات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى كفاءة في تطبيقاته، والقدرة على إيجاد حلول متطورة في كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بعد 5 سنوات من التعليم المتميز. وأكد أن البُعد الإنتاجي والابتكاري مدمج في برنامج التدريس، حتى يتعلم الطالب كيف يحلل محيطه ويعرف المسائل المعقّدة، لينتقل بعد ذلك إلى برمجة حلول ذكية لها، بتسجيل براءات اختراع، ثم إلى تطوير منتوج ومؤسسة ناشئة.
خزان هائل من الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي
وعن إمكانات الجامعة الجزائرية لتأطير هذا التخصص المعاصر والدقيق، شدد المصدر المطلع على أن الجزائر تملك خزانا هائلا من الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي، سواء داخل الوطن أو خارجه عبر أكبر الجامعات والشركات ومراكز البحوث العالمية. وصمّم القائمون على مشروع إنشاء المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي برنامجا تدريسيا على 5 سنوات، أدمج آخر تطورات فروعه المختلفة، بالإضافة إلى أسس متينة في الرياضيات والإعلام الآلي، ومساقات الأعمال والابتكار. وأضاف المصدر أن الطلبة سيقومون بتدريبات لدى شركات اقتصادية خلال مسارهم الهندسي، في حين وقع الاختيار على أساتذة من ذوي الكفاءة في طرق التدريس بهذا المجال. وستشاركهم في التدريس والدورات، حضوريا أو عن بعد، كفاءات علمية جزائرية وأجنبية مشهورة. وتعوّل الجزائر على هذه الجامعة النوعية أولاً، ثم على القطب التكنولوجي لاحقا، لإنشاء مدينة تكنولوجية تكون ركيزة لصناعة واقتصاد مبنيَين على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة، لتخرج نهائيا من التبعية لاقتصاد المحروقات، يقول المصدر للجزيرة نت.
تنمية الإقتصاد بما يناهز 80 مليار دولار
ومن جانبه، أكد البروفيسور محمد لمين خرفي، أن العالم يشهد حاليا تحولا عميقا في ظل الثورة الرقمية أو الثورة الصناعية “الرابعة”، ويمثل الذكاء الاصطناعي المحرك الجديد للاقتصاد العالمي. وتتوقع دراسات نمو الاقتصاد العالمي بحوالي 15 تريليون دولار خلال الـ 10 سنوات المقبلة بفضل الذكاء الاصطناعي، ولن تشد الجزائر عن هذه القاعدة، إذ يمكنها تنمية اقتصادها بما يناهز 80 مليار دولار، قياسا إلى مؤشر عدد السكان، بحسب خرفي. وأوضح أنّ أكثر من 150 دولة اعتمدت إستراتيجية وطنية في الذكاء الاصطناعي، منها من ذهبت إلى استحداث وزارة كاملة للقطاع، في حين زاد عدد المؤسسات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي عالميا بـ 270 بالمائة خلال 4 سنوات. وتشير تقارير إلى أن أكثر من 90 بالمائة من الشركات الرائدة استثمرت في الذكاء الاصطناعي من أجل زيادة الإنتاجية، حيث تُطبق في كل المجالات، من البترول والغاز إلى الزراعة، مرورا بجميع الصناعات وحتى السياحة. ولفت خرفي -أحد مهندسي مشروع الجامعة- إلى أن الجزائر حددت أولويات وطنية، هي الصحة والأمن الغذائي وأمن الطاقة، لربطها بالذكاء الاصطناعي، للتقليل من نفقات التنقيب عن البترول وتحقيق نمو معتبر في مجالات أخرى. وتسعى كذلك إلى الاستثمار في علم البيانات والذكاء الاصطناعي من أجل تحسين عمليات التخطيط والتنبؤ والخدمات الحكومية المقدمة للمواطن، على حد تعبيره. وبخصوص شروط الاستفادة الفعلية من هذه التجربة، قال خرفي إن الجزائر تعمل حاليا على توفير دراسة ذات مستوى عال واعتماد دراسة تطبيقية مع الشركات الاقتصادية. كما تعمل على توفير الجو الملائم لبقاء المتخرجين داخل الوطن والاستفادة من طاقاتهم، من خلال إنشاء مؤسسات جديدة ومشاريع حقيقية، من شأنها المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني وتحسين الخدمات العمومية وإيجاد حلول ناجعة لحاجيات المجتمع.
إطلاق أول دار للذكاء الاصطناعي بجامعة الجزائر
وفي سياق متصل، سبق لوزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، رفقة وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، ياسين المهدي وليد، في فبراير الماضي، على إطلاق أول دار للذكاء الاصطناعي بجامعة الجزائر1 (بن يوسف بن خدة)، في اطار تعميم هذه التجربة على جل المؤسسات الجامعية عبر الوطن. وقد أوضح السيد بداري أن تدشين أول دار للذكاء الاصطناعي يأتي تجسيدا لمبدأ تخصيص 2023 سنة للذكاء الاصطناعي وتعميم هذا المسعى على جل المؤسسات الجامعية، كما أشار الى أن دار الذكاء الاصطناعي ستساهم في تعزيز دور الجزائر في هذا المجال، مؤكدا على ضرورة إشراك الطلبة والمبدعين وأصحاب الابتكار في هذا المسعى. من جهته، شدد السيد ياسين المهدي وليد على أهمية تأطير حاملي الشهادات في مجال الذكاء الاصطناعي وتمكينهم من تجسيد مشاريعهم بما يعود بالمنفعة على الاقتصاد الوطني، داعيا الى تحفيز المفكرين والمبدعين من أًصحاب المشاريع. وجدد بنفس المناسبة استعداد وزارته لمرافقة وتشجيع أًصحاب المؤسسات الناشئة من خلال تأطيرهم عبر حاضنات الأعمال ومنحهم تسهيلات ضريبية لتمكينهم من الولوج إلى السوق. من جهته، ثمن رئيس جامعة الجزائر1، فارس مختاري، اطلاق أول دار للذكاء الاصطناعي التي تشهد مشاركة 13 جامعة وعرض 40 مشروعا.
حياة ميرهان