
نظارات الواقع المعزز .. في خضم تسارع ثورة الذكاء الاصطناعي وتطور تقنيات الواقع المعزز. تشهد صناعة التكنولوجيا تنافساً متزايداً بين عمالقة وادي السيليكون للسيطرة على شكل ومستقبل الأجهزة الذكية. تعد تلك المنافسة محاولة لإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا. وإعادة رسم خريطة الأجهزة التي سترافق المستخدمين في حياتهم اليومية. وفي هذا السياق. برزت رؤية جديدة تقدمها شركة “ميتا” بقيادة مارك زوكربيرغ. التي تراهن على الذكاء الفائق الشخصي ونظارات الواقع المعزز لتقديم تجربة تقنية تتجاوز حدود الهاتف الذكي التقليدي.
يشير تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” إلى أن الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” مارك زوكربيرغ لم يذكر اسم شركة “آبل” صراحةً في الأيام الماضية .عندما عرض رؤيته لدمج الذكاء الاصطناعي فائق القدرات مع أجهزته. لكنه كان يلمح إليها بوضوح.
زوكربيرغ أصبح أحدث وجوه وادي السيليكون الذين يستهدفون هيمنة هاتف “ايفون” باعتباره البوابة الرئيسية للعالم الرقمي. جاء ذلك في بيان مطوّل نشر خلال أسبوع كانت فيه الأنظار مركزة على نتائج “ميتا” وعملاق التكنولوجيا المنافسين لها. رئيس ميتا يراهن بوضوح على أن صعود الذكاء الاصطناعي المتقدم سيتيح أخيراً الانتقال إلى عالم ما بعد الهواتف الذكية.
وكتب في منشور له: “الأجهزة الشخصية مثل النظارات التي تدرك السياق المحيط بنا لأنها ترى ما نراه وتسمع ما نسمعه وتتفاعل معنا طوال اليوم ستصبح أجهزتنا الحاسوبية الأساسية”.
ووفق التقرير. فلطالما حلم زوكربيرغ بإزاحة “ابل” من موقعها كالجهاز الرئيسي لمستخدميه. سواء عبر هاتف ذكي خاص أو خوذ الواقع الافتراضي أو نظارات الواقع المعزز. لكنه فشل سابقاً في ذلك. والآن، ينفق بسخاء ويعرض حزم رواتب تصل إلى 100 مليون دولار لاستقطاب أبرز العقول في سباق تطوير وتسويق الذكاء الاصطناعي.
نظارات الواقع المعزز .. استقطاب الخبرات
في هذا السياق. وفيما يخص إنفاق ميتا على جذب العقول. يقول استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G\&K عاصم جلال. لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: شهدنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية نمطاً واضحاً من الاستحواذ العدواني الذي تمارسه شركة ميتا.
حيث قامت باستقطاب عدد من أبرز الخبرات والكوادر البشرية في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة من شركتي أوبين إيه آي وغوغل. بالإضافة إلى نخبة من المبرمجين والعلماء من مختلف قطاعات هذا المجال الحيوي.
هذا التحرك، في تقديري. يهدف إلى بناء فريق عالمي المستوى قادر على المنافسة القوية في مضمار الذكاء الاصطناعي المتقدم.
أثار ذلك ردود فعل لافتة. حيث علّق الرئيس التنفيذي لشركة “أوبين إيه آي” سام ألتمان. على هذا التوجه بوصفه “سلوكاً غير محبذ”. رغم اعترافه بأن العروض المالية التي قُدمت لهؤلاء المواهب كانت مغرية للغاية وتضمنت مبالغ بملايين الدولارات.
ويضيف:” ميتا لا تزال تتصدر بقوة في مجال نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر. وعلى رأسها سلسلة LLaMA، التي أصبحت أساساً للكثير من المشاريع والمبادرات الفردية والمؤسسية على حد سواء.
إذ تستخدم كنقطة انطلاق لتطوير نماذج مخصصة تخدم أغراضاً متعددة وتخصصات دقيقة. ما أسهم في إثراء بيئة الابتكار المفتوح في هذا القطاع”.
وعلى الجانب البحثي. يواصل العالم البارز يان لوكون، رئيس أبحاث الذكاء الاصطناعي في ميتا وأحد “الاباء المؤسسين” للذكاء الاصطناعي. لعب دور محوري في رسم الرؤية المستقبلية للشركة. ورغم تعيين مدير جديد لإدارة إنتاج الذكاء الاصطناعي. إلا أن لوكون يحتفظ بموقعه كمفكر استراتيجي وموجه علمي طويل الأمد.
نظارات الواقع المعزز .. الذكاء الفائق الشخصي
وبالعودة لتقرير “وول ستريت جورنال” فإنه يشير إلى أن:
(01)- زوكربيرغ أطلق على رؤيته اسم “الذكاء الفائق الشخصي”. ورسم طريقاً لتحقيق حلمه بتقديم تجربة شبيهة بتجربة “آبل” تجمع بين البرمجيات والأجهزة.
(02)- الحرب الباردة مع منافسه الأكبر قد تتحول إلى مواجهة ساخنة إذا نجح بالفعل في ما يخطط له. عبر تزويد نظاراته الذكية -التي يروّج لها منذ فترة كالجهاز الأمثل لمساعدي الذكاء الاصطناعي- بقدرات أوسع بكثير مما تقدمه حالياً.
(03)- كتب زوكربيرغ:” الذكاء الفائق الشخصي الذي يعرفنا بعمق. ويفهم أهدافنا، ويساعدنا على تحقيقها. سيكون بلا شك الأكثر فائدة”.
(04)- وزوكربيرغ ليس وحده الذي يرى أن الوقت مناسب لإعادة رسم خريطة ترتيب منصات التكنولوجيا. وما قد يترتب على ذلك من ثروات جديدة لمن ينجح في هذا السباق.
(05)- أبرمت “أمازون” صفقة للاستحواذ على شركة “بي” الناشئة في مجال الأجهزة القابلة للارتداء. والتي تقدم سوارًا يُسجّل أنشطة المستخدمين طوال اليوم. ليتولى الذكاء الاصطناعي لاحقًا إعداد قوائم مهام وتذكيرات ووظائف أخرى.
في الوقت نفسه، يتعاون سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـشركة وبن إيه آي، مع جوني ايف. كبير مصممي ابل السابق. لتطوير جهاز مادي جديد قائم على الذكاء الاصطناعي. لكنهما يتكتمان على شكله النهائي. ويريان فيه الجهاز الثالث المحوري بعد الحاسوب والهاتف الذكي.
أما مارك زوكربيرغ فيرى أن الشكل الفائز سيكون النظارات. حيث تبيع “ميتا” بالفعل ما يُعرف بـ “النظارات الذكية”. التي تبدو كالنظارات العادية لكنها تحتوي على كاميرا صغيرة وميكروفون ومكبر صوت يتيح التقاط الصور والفيديوهات وتسجيل الصوت.
لكن في يوم الخميس. سعى الرئيس التنفيذي لشركة “آبل”، تيم كوك إلى طمأنة “وول ستريت” بشأن وتيرة استثمارات الشركة. ودافع عن فكرة أن الذكاء الاصطناعي قد يقود إلى عالم يقل فيه الاعتماد على الأجهزة المعتمدة على الشاشات.
وقال كوك:” عندما تفكر في كل ما يمكن أن يفعله جهاز ايفون. من ربط الناس ببعضهم البعض، وإتاحة تجارب التطبيقات والألعاب. إلى التقاط الصور والفيديوهات، ومساعدة المستخدمين على استكشاف العالم وإدارة شؤونهم المالية ودفع الأموال. وغير ذلك الكثير، يصعب تصور عالم لا يوجد فيه الايفون”.