الثـقــافــة

نصوص في الذاكرة

الرواية المقامة "حديث عيسى بن هشام"

يعتبر “حديث عيسى بن هشام” – على غرار “الساق على الساق”-، من أول محاولات كتابة جنس “الرواية” في الأدب العربي الحديث، ويوصف أحيانا بأنه أبكر الأعمال التأسيسية للرواية العربية؛ إذ قدم نموذجا حداثيا لعمل قصصي طويل يجمع بين اللغة الكلاسيكية والنقد الاجتماعي. ويجمع “حديث عيسى بن هشام” بين فن وتقاليد المقامة القديم وملامح الرواية والسرد الحديثين، يقدمه المويلحي بأسلوب كلاسيكي مسجوع مستوحى من مقامات بديع الزمان الهمذاني.

يحكي الكتاب عن “الباشا” وهو “ناظر الجهادية”، “أحمد باشا المنكلي” الذي حارب مع “إبراهيم باشا الكبير بن محمد علي باشا”، وتنشق الأرض عن هذا “الدفين” ويعود إلى الحياة من عصر محمد علي باشا ليشاهد ما طرأ على مصر من تغيرات اجتماعية وسياسية وثقافية، ويسافر “الباشا الدفين” برفقة الراوي “عيسى بن هشام”، وينتقلان من القاهرة إلى باريس ليتيح للقارئ مقارنة الماضي والحاضر، والشرق والغرب، مع نقد لاذع للفساد الأخلاقي والإداري وظواهر مثل الرشوة، المحسوبية، خداع المحامين، الانحلال الأخلاقي والبذخ. كما يبرز التغيرات التي طرأت على بعض الطبقات الاجتماعية للمجتمع المصري أواخر القرن الـ19 بسبب التأثير الغربي.

وفي عمله، يعالج “المويلحي” التناقضات الأخلاقية والمظاهر السلبية في المجتمع المصري نتيجة التأثر بالحضارة الغربية، داعيا إلى مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية، ويمزج بين السجع الأدبي في السرد والأسلوب القصصي التصويري الحي في تقديم الأحداث، مع الاعتماد على الحوار والنبرة الساخرة لتطوير الشخصيات والأحداث.

ويجمع “الحديث” بين شخصيات من الماضي والحاضر في حوارات نقدية أشبه بالمسرحية، ويتكون من فصول مترابطة موضوعيا مثل “العبرة”، “الشرطة” و”المحامي الأهلي”، ما يقربه من الرواية ويبعده قليلا عن جنس المقامة الأدبية. ويتميز “الملوحي” بجمال اللغة وغرابة المفردات – بالنسبة لقراء عصرنا – مع الاستشهاد بالآيات القرآنية والأبيات الشعرية لفطاحل الأدب كالمتنبي والمعري.

ق.ث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى