لك سيدتي

“نسيمة نقاز” مسؤولية قسم البرمجة بدار الثقافة زدور ابراهيم

المرأة التي تتقن فن الاتصال

تعتبر من أهم العناصر الناشطة بمديرية دار الثقافة “زدور ابراهيم” ببلدية وهران، فهي تسهر رفقة فريقها على تحديد البرامج وضبط مواقيت نشاطها والتنسيق مع الضيوف وأصحاب النشاطات الثقافية والفنية، إنها “نسيمة نقاز” رئيسة قسم البرمجة بدار الثقافة. 

 

نجاح التواصل ضمان نجاح العلاقات 

تركز “نسيمة” في علاقاتها على الاستعمال الجيد للغة الاتصال والتواصل، من خلال العمل على وضع الطرف الآخر في حالة راحة ومنحه مساحة أمان، تجعلها تدير الحديث بشكل جيد، وتوصل الفكرة بطريقة صحيحة، مما يخلق جسرا اتصاليا ناجحا، بينهما، غالبا ما ينتهي بالموافقة على البرنامج (توقيتا وتاريخا ومضمونا)، وذلك بالاختيار الدقيق للمناسبة وموافقتها لتوفر جمهورها لمنحه فرصة الحضور والاستمتاع.

وفي هذا الشأن، ترى “نسيمة نقاز” أن الاتصال الجيد يجب أن يتوفر في مختلف الفضاءات، لأن الفرد لا يمكنه العيش بمعزل عن الآخرين، ونجاح الأفكار هو ثمرة نجاح الاتصال، وتأدية الرسالة لهدفها، مثلما هو الحال داخل الأسرة، وقطاع الثقافة يعتبر أسرة كبيرة تضم مختلف المشارب و المستويات والدرجات والتوجهات الثقافية، التي تسمح بتلاقي وتلاقح الأفكار. مؤكدة أن نجاح العمل يرتكز على نجاح الاتصال والتواصل بين أفراد فريق العمل، الذي يشتغل في تكامل من خلال إبداء الرأي وفتح المجال لطرح الأفكار والاقتراحات ومناقشتها للخروج بنتيجة تخدم الجميع.

 

دار الثقافة نقطة تلاقي المثقفين وتلاقح الثقافات

وفيما يخص دار الثقافة “زدور ابراهيم”، فتراها “نسيمة نقاز” نقطة تلاقي المثقفين، لأنها تجمع مختلف الأشخاص الحاملين لأفكار مختلفة وتخلق جو النقاش والحوار، الذي يعزز المكاسب المعرفية.

وتعمل “دار الثقافة” تحت إشراف مديرها “فريحة بن يوسف”، على تنظيم مختلف النشاطات الثقافية التي تقدم إضافة للثقافة والمجتمع الوهراني، لاسيما تلك المتعلقة باستضافة نشاطات من خارج ولاية وهران، على غرار الأسابيع الثقافية الولائية بوهران، المدرسة ضمن فنون الثقافات الشعبية، والتي كانت ساحة دار الثقافة “زدور ابراهيم” بوسط مدينة وهران فضاء لها، جعلت الجمهور الوهراني وحتى زوار وهران يلتقون ممثلين عن مختلف الولايات التي كانت ضمن هذا البرنامج الثقافي، على غرار ولايات غرداية، باتنة والمغير. حيث اعتبرتها “نسيمة نقاز” من أهم النشاطات التي كان لها تأثير كبير على ساكن وهران وضيوفها، من خلال الاحتكاك المباشر مع الممثلين الثقافيين لتلك الولايات، خاصة العنصر النسوي، الذي خلق جوا حميميا وحماسيا رائعا، تحولت فيه ساحة دار الثقافة إلى ورشات مفتوحة لتبادل المعلومات والمعطيات حول مختلف المعروضات والنشاطات الفنية، على غرار أطباق الطعام التقليدي، اللباس التقليدي والعادات والتقاليد، وهو ما كشف عن زخم التنوع الثقافي الذي تمتاز به الجزائر والذي يؤكد ثراء روافدها التراثية والثقافية، كما كانت فرصة للفنانين والشعراء للالتقاء التعارف وتبادل المعارف وحتى الحديث عن إمكانية القيام بأعمال مشتركة.

 

للأطفال نصيبهم من برامج دار الثقافة “زدور ابراهيم”

ولأن الثقافة عنصر مهم في تكوين الفرد وتعزيز هويته، فتؤكد “نسيمة نقاز” مسؤولة قسم البرمجة لدار الثقافة زدور ابراهيم، أن هاته المؤسسة الثقافية تخصص مساحة مهمة من برامجها للتكفل بالطفل، من خلال برمجة ورشات ونشاطات تسمح له باكتشاف مواهبه وصقلها وإشباع شغفه.

حيث هناك مدرسة التكوين الموسيقي التي تشرف على إدارتها مستشارة ثقافية بذات دار الثقافة والإشراف الموسيقي لأستاذة مختصة تابعة المعهد الموسيقي، وهي مدرسة تعلم الأطفال المتمدرسين أصول وقواعد الموسيقى، مما يسهل عليهم ويساهم في تدريبهم وتكوينهم الموسيقي كإضافة لما يتلقونهم في المدرسة، وذلك تنفيذا لقرار وزارة الثقافة الفنون.

للإشارة فقد شهد شهر جويلية الفائت تخرج أول دفعة للأطفال ضمت 15 طفلة وطفل، حملت اسم “بارودي بن خدة”.

كما هناك ورشات خاصة للأطفال، تمنحهم الفرصة للكشف عن مواهبهم على غرار الرسم، التلوين، المسرح، أشغال يدوية…. وهي الورشات المفتوحة لكل الأطفال، حتى تمنح الفرصة للجميع، وتكون مساحة ليعبر فيها الطفل على ما يدور في مخيلته ويساهم في الترويح عن نفسه وتفريغ الطاقة السلبيات وفائض الطاقة الفكرية التي يخزنها عقله (التخيلات والتساؤلات)، ويمكنه الاختلاط لغيره وبناء جسر التواصل، بما يساهم في تكوين شخصيته ليكون فردا سويا ومتوازنا، يستطيع تحمل مسؤوليته والقيام بدوره في المجتمع مستقبلا لأنه الجيل الصاعد والمكون للأمة التي تسعى لفرض وجودها وإثبات ذاتها.

 

برامج ثقافية قارة ومناسباتية 

وبخصوص طريقة برمجة النشاطات، فقد أكدت “نسيمة نقاز” مسؤولة قسم البرمجة بدار الثقافة زدور ابراهيم، ليومية “البديل”، أن البرامج منها القارة ومنها المناسباتية، خاصة ما تعلق بالأعياد الوطنية وحتى الدينية.

ستسقبل دار الثقافة فعاليات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، المقررة يوم 6 سبتمبر الجاري، والذي سيكون فرصة للمواطنين من أجل حضور فعالياته، وهناك سيطلعون على عدة أطباق تقليدية تحضر بالمناسبة، وتختلف لاختلاف المناطق، إلى جانب الألبسة التقليدية التي يتزين بها الأطفال، هؤلاء الذين ستكون فرصتهم للقيام بالألعاب التي تنظم بالمناسبة مثل إشعال الشموع والغناء بترديد مدائح دينية تخص مدح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وعظمة ما جاء به إلى البشرية وهي رسالة الإسلام، التي أخرجت الأمة من الظلام إلى النور. فيما هناك ندوات فكرية مبرمجة على طول السنة، يلتقي فيها الأدباء والمثقفون، لتناول ما أنتجته الساحة الثقافية من مؤلفات وكتب، بالنقاش والحوار، والانفتاح على مختلف الأفكار في إطار الاحترام والنقد البناء، إلى جانب فتح باب لقاء المثقفين بجمهورهم، وغالبا ما تكون هذه النشاطات بإشراف جهات ثقافية، على غرار “بيت الشعر”، وهي كيان ثقافي يهتم بكل ما يعزز الشأن الثقافي، تسهر عضوه “سليمة عيدوني” على التنسيق مع دار الثقافة زدور ابراهيم لإحياء مختلف مناسباته الثقافية والفكرية، على غرار يوم 6 سبتمبر الجاري، حيث ستكون أمسية نسوية بامتياز، خصصت للشاعرة، الروائية والاستاذة الجامعية الجزائرية المقيمة بألمانيا “عائشة بوعبسي”، والتي ستكون فرصة للقاء جمهورها وأحبائها، وتمتيعهم بأشعار من تأليفها، كما تتبدل معهم وجهات النظر حول نظرتها الوضع الثقافي ودور المرأة في تعزيزه. بينما سيشهد يوم 8 سبتمبر الجاري، ورشات خاصة للنساء تزامنا مع مناسبة تتعلق بمحو الأمية، ستشرف عليها الرابطة الوطنية للكتاب ومحو الأمية، والتي ستعرف تنظيم معرض خاص وتكريمات لنساء كبيرات في السن، على تمكنهن من مراوغة الزمن وتعلم الكتابة و القراءة.

 

استقلالية المرأة جعلتها أكثر مسؤولية 

وبحديثها عن الدور المهم للمرأة في المجتمع، فقد اعتبرت “نسيمة نقاز” أن دور المرأة في المجتمع تقوّى بازدياد مسؤولياتها التي تتطور مع تطور العصر.

فقد أصبحت المرأة اليوم أكثر تحررا بفعل استقلاليتها الشخصية والمادية، وهو ما جعلها تتقمص مختلف الأدوار، التي تعزز مكاسبها وتجعلها في تكامل تام مع الرجل، من خلال ما اصبحت تحققها من مكاسب ميدانية، زادت من استقلالها ماديا، فبعدما كانت ترى حريتها في كسب المال فقط، تطورا اليوم وانتقلت إلى السكن، فأصبحت أكثر استقلالية، بما يتيح لها العيش وفق ما تراه مناسبات لها، لاسيما وأن المجتمع أصبح متقبلا للفكرة. فأصبحت المرأة تشتغل وتكسب بيتها الخاص، بما يجعلها تتخذ قراراتها بمفردها وتقوم بما يريحها، وهي الخطوة التي أصبح على العائلة مرافقتها فيها، من أجل استيعاب حجم المسؤولية في إدارة حياتها ضمانا لنجاحها واستمرارها في تحقيق مكاسب تعزز وجودها داخل المجتمع، لأن الحرية المطلقة لها ثمنها سواء للابن أو البنت.

 

العاملة المتزوجة أكثر إرهاقا من غيرها

وفيما يخص مدى توفيق المرأة بين مسؤوليتها العائلية ومهنتها، فترى “نسيمة” أنه لو طرح عليها هذا السؤال قبل 20 سنة، لقدمت عدة أعذار وشكاوى بالنظر للضغط الذي كانت تعانيه آنذاك، لصعوبة التوفيق بين تربية الأولاد، رعاية الزوج والنجاح في مهمتها بعملها.

أما اليوم فهي ترى أنها أكثر تفرغا لمهنتها، بعد الانتهاء من عناية التربية وتركيزها أكثر على المرافقة لابنها من أجل تخطيه لعراقيل الحياة بكل يسر ومسايرته للتطورات التي يشهدها المجتمع. غير أنها ترى أن المرأة الأكثر ضغطا، هي تلك التي لديها أولاد صغار يحتاجون إلى وجودها ورعايتها وضغط عملها الذي يفرض عليها تأديته على أكمل وجه، فلم يعد لها الوقت لا للراحة ولا للاهتمام بحياتها الخاصة، فلا يمكنها الإبداع ولا التفكير في تقديم الإضافة لتطوير مهنتها، وإنما كل وقتها منصب على مدى توفيرها لرعاية صحيحة لأولادها. وهي المسؤولية التي أصبحت تتهرب منها المرأة العازبة بالاكتفاء بحريتها حتى لا تتعرض إلى ضغوط الحياة، مما جعل المجتمع يعرف تراجعا في الزواج، هذا الأخير الذي حملت جزء من مسؤوليته للرجل، لأنه أصبح اتكاليا، لأن المرأة تعيل نفسها وهي من تربي الاولاد، فلم يعد يتحمل المسؤولية مثلما كان الرجل يفعل في سنوات سابقة.

 

ما يعيشه المجتمع الجزائري من تدهور تتحمله الأسرة

يعيش المجتمع الجزائري ظاهرة تشتت غريبة وانسلاخ فظيع، أمام انتشار الجريمة وانفلات الوضع الأسري، الذي جعل الشارع مأوى ومدرسة الأطفال والشباب.

وفي هذا الشأن، فقد حملت “نسيمة نقاز” مسؤولية ذلك التدهور إلى الأسرة، لأن الوالدين مسؤولين عن تربية أولادهم ومرافقتهم خلال حياتهم، وتوجه الأولاد إلى الشارع يعود إلى تخلي الأولياء عن دورهم وتنصلهم من مسؤوليتهم، من خلال عدم السؤال عنهم وعدم متابعتهم خلال الموسم الدراسي، وعدم التواصل مع أساتذتهم لمعرفة وضعهم ومستواهم الدراسي، ومرافقتهم خلال وجودهم بالبيت، عن طريقة معرفة ما يقومون به وأسباب إصرارهم على الخروج للشارع و البقاء لساعات متأخرة، والأهم من ذلك، عدم اهتمامهم بمعرفتهم لأصدقائهم ومن يخالطون في الشارع. وهو ما جعل الشباب والمراهقين يدخلون في متاهات غالبا ما تنتهي بهم إلى عالم المخدرات والجريمة، والدليل تلك الجرائم اليومية التي تكشف التحقيقات عن صغر سن مرتكبيها وقيامهم بها وهم غائبين عن الوعي بفعل تناولهم للمخدرات والمهلوسات.

 

التكنولوجيا سلاح ذو حدين

أصبحت التكنولوجيا تفرض نفسها على الجميع دون استثناء، ولهذا أصبح على الفرد استعمالها وفق ما يساعده على تلبية حاجته دون الإفراط في ذلك، لأنها سلاح ذو حدين.

تقول “نسيمة نقاز” أن اليوم هو زمن التكنولوجيا وقد أصبحت ضرورية وإجبارية في الوقت ذاته، لكنها تتطلب الحذر خاصة لدى الأطفال، من خلال مراقبة ومرافقة الأولياء لهم، حتى أولئك الذين يحضرون دروس الدعم من خلال التحاضر عن بعد، لمعرفة ما يقدمه الأستاذ لأولادهم من مادة معرفية، لأن الظروف أصبحت صعبة، والجرائم الالكترونية في ازدياد، وتطور التكنولوجيا، يستلزم التثبت منها، خاصة في ظل الانتشار الكبير لوسائط التواصل الاجتماعي التي أصبحت تربط الأفراد ببعضهم أكثر من أي وقت مضى. بينما لها فوائد لا تعد أيضا، فقد أصبحت تختصر الوقت والجهد وتبلغ الرسالة بأسرع وقت وتمس أكبر نسبة من الجمهور، على غرار الدعوات والاعلانات التي تقوم بها دار الثقافة زدور ابراهيم، على منصاتها الرقمية، والتي أصبحت أيضا مساحة للتواصل مع الجمهور مباشرة، حتى أنه أصبح يقدم ملاحظاته واقتراحاته عبرها، مما يجعل هاته المؤسسة الثقافية تتفاعل بكل سهولة مع جمهورها.

واختتمت “نسيمة نقاز” حديثها إلى جريدة البديل بالتأكيد على ضرورة تفاعل وتواصل وسائل الاعلام من أجل اكتمال الرسالة الثقافية وتبليغ ما تقوم به دار الثقافة زدور ابراهيم إلى الجمهور.

أعدته : ميمي قلان 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى