تكنولوجيا

“مونشوت” الصينية تعود بقوة إلى مشهد الذكاء الاصطناعي

في ظل السباق المتصاعد بين شركات التكنولوجيا في ميدان الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة “مونشوت” الصينية الناشئة عن إطلاق نموذج جديد مفتوح المصدر، ساعية إلى استعادة موطئ قدمها في السوق المحلية التي أصبحت شديدة التنافس، وتزايد فيها اعتماد التقنيات الذكية المتقدمة كأداة رئيسية للتطور.

 

 العودة بنموذج “Kimi K2” وميزات مبرمجة بعناية

كشفت “مونشوت” يوم الجمعة عن نموذجها الجديد الذي أطلقت عليه اسم “Kimi K2″، وهو نسخة محسّنة ومفتوحة المصدر، تم تصميمها بقدرات مطورة للبرمجة وتنفيذ المهام المعقدة، حيث يمتلك هذا النموذج قدرة عالية على تقسيم المهام الكبرى إلى خطوات صغيرة منظمة، ما يجعله مناسبًا لوظائف الوكلاء الذكيين والتكامل مع الأدوات التقنية المختلفة.

واعتبرت الشركة أن النموذج الجديد يتجاوز في كفاءته العديد من النماذج المنافسة، سواء من داخل الصين أو من خارجها، مشيرة إلى أن أداء “Kimi K2” يتفوق في مهام محددة، على غرار النماذج التي طورتها شركة “ديب سيك” ونماذج أخرى أمريكية، خاصة في مجال البرمجة وحل المشكلات متعددة المراحل.

 

نحو مواجهة الهيمنة التكنولوجية الأمريكية

تأتي هذه الخطوة في وقت تتجه فيه كبرى الشركات الصينية إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، في إطار مواجهة السياسات الأمريكية التي تحاول الحد من تقدم الصين في هذا القطاع، فبينما تفضل الشركات الأمريكية الكبرى، مثل تلك التي تطور “شات جي بي تي”، الاحتفاظ بنماذجها المتقدمة ضمن أنظمة مغلقة، اختارت شركات صينية كثيرة المسار المعاكس، ساعية إلى فتح المجال أمام المجتمعات البرمجية لتطويرها وتعزيز تأثيرها.

وقد انضمت “مونشوت” إلى ركب هذه الشركات، إلى جانب أسماء بارزة مثل “علي بابا” و”بايدو” و”تينسنت”، الذين أطلقوا بدورهم نماذج مماثلة، ما يساهم في نشر ثقافة المصدر المفتوح وتعزيز التعاون التكنولوجي، خاصة في صفوف المطورين الشبان وخريجي الجامعات التقنية.

وترى جهات تحليلية أن الانفتاح على المصدر المفتوح لا يمنح هذه الشركات فقط فرصًا لتطوير نماذجها بسرعة أكبر، بل يساعدها أيضًا في تجاوز بعض القيود التجارية والسياسية، التي تفرضها المنافسة الشرسة مع نظيراتها الأمريكية.

 

رحلة “مونشوت” من الصعود إلى التراجع ثم التحدي الجديد

تأسست شركة “مونشوت” عام 2023 على يد الشاب الصيني “يانغ تشي لين”، وهو أحد خريجي جامعة تسينغهوا المرموقة، وسرعان ما وجدت لها مكانًا بين الشركات الصاعدة في الصين، بدعم من كبار الفاعلين في قطاع الإنترنت، وفي مقدمتهم مجموعة “علي بابا” التي ساهمت في تعزيز حضورها المالي والتقني.

وقد اشتهرت الشركة خلال عام 2024 بفضل منصتها التفاعلية التي جذبت عددًا هائلًا من المستخدمين، نظرًا لما توفره من قدرات فائقة في تحليل النصوص الطويلة، إضافة إلى وظائف بحث متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لكن مع حلول عام 2025، بدأت الشركة تفقد جزء من بريقها بسبب دخول منافسين جدد للسوق.

وكان من أبرز هذه التحديات ما قامت به شركة “ديب سيك” حين طرحت نموذجًا منخفض التكلفة تحت اسم “R1″، الذي أحدث تأثيرًا واسعًا وأعاد ترتيب أوراق سوق الذكاء الاصطناعي في الصين، لتبدأ “مونشوت” مرحلة جديدة من التحدي ومحاولة استعادة موقعها ضمن الكبار. وقد تراجع تطبيق “Kimi” التابع للشركة من المركز الثالث إلى السابع من حيث عدد المستخدمين النشطين شهريًا بين أوت وجوان، بحسب بيانات موقع متخصص في تتبع أداء نماذج الذكاء الاصطناعي في الصين، وهو ما يعكس صعوبة المنافسة وضرورة تجديد الآليات والاستراتيجيات باستمرار.

واليوم، تعوّل “مونشوت” على نموذجها الجديد لإثبات قدرتها على الابتكار والمنافسة، ساعية إلى استعادة ثقة المستخدمين وتحقيق انتشار أوسع لنموذج “Kimi K2″، خاصة في مجالات البرمجة والاستخدامات المتقدمة، مما قد يمنحها دفعة قوية نحو الأمام في الأشهر القادمة.

وفي وقتٍ تعصف فيه التغيرات بسوق الذكاء الاصطناعي العالمي، يبدو أن الرهان الصيني على المصدر المفتوح بات استراتيجية واضحة، لا تعكس فقط رغبة في التطوير المحلي، بل تمثل أيضًا رسالة سياسية واقتصادية موجهة نحو الغرب، مفادها أن السباق ما يزال مفتوحًا أمام الجميع.

بن عبد الله ياقوت زهرة القدس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى