الجهوي‎

مواكب الأعراس في تيارت..

عندما يتحول الفرح إلى مأساة....حوادث مرور ...قتلى و جرحى

في ظل ما تشهده شوارع الجزائر عامة و تيارت خاصة من مظاهر احتفالية صاخبة خلال مواكب الأعراس. تبرز تساؤلات حول التحول الخطير الذي طال هذه المناسبات. فلم تعد تعبر عن الفرح البريء.بل أصبحت مشهدا للتهور واللامبالاة. حيث تتحول الطرق إلى حلبات للاستعراضات المميتة، وتزهق أرواح أبرياء تحت عجلات السرعة الجنونية.  

 

تشير أرقام المندوبية الوطنية للأمن في الطرق إلى أن نسبة كبيرة من الحوادث القاتلة تحدث خلال مواكب الزفاف. بسبب المناورات الخطيرة والسرعة المفرطة.

خاصة بين فئة الشباب الذين يتحولون إلى خطر يهدد أنفسهم والمحيطين بهم. وهو ما يكشف عن أزمة قيم وسلوكيات تحتاج إلى وقفة جادة من المجتمع بأسره.

من الناحية النفسية. يرى خبراء الاجتماع أن هذه التصرفات تعكس رغبة مكبوتة لدى الشباب في إثبات الذات. نتيجة ضغوط الحياة اليومية وغياب البدائل الإيجابية.

كما أن التقليد الأعمى والرغبة في لفت الانتباه تلعب دورا كبيرا في تفاقم الظاهرة.حيث يتحول الشارع إلى مسرح للمغامرات غير المحسوبة، دون أي اعتبار للعواقب الوخيمة.

لكن الأكثر إثارة للقلق هو التناقض الصارخ بين هذه الممارسات وتعاليم الدين الإسلامي. الذي يحث على الفرح في إطار الاعتدال والمسؤولية.

ففي الوقت الذي يذكّرنا فيه الحديث النبوي “لا ضرر ولا ضرار” بضرورة تجنب إلحاق الأذى بالآخرين. نجد أن بعض الشباب يتجاهلون هذه المبادئ، ويقدمون على تصرفات تهدد السلامة العامة.

 

ولا يمكن إغفال دور الأسرة والمؤسسات التربوية في هذه المعضلة. فغياب التوجيه السليم وتراجع الوازع الديني يساهمان في انتشار السلوكيات الهدامة.

كما أن المؤسسات الدينية والتعليمية مطالبة ببذل جهد أكبر في توعية الشباب. وتقديم نماذج إيجابية تحترم الحياة وتحافظ على القيم.

من جهة أخرى. تؤكد الدراسات أن هذه الظاهرة ليست مجرد مشكلة مرورية. بل هي انعكاس لاختلالات أعمق في التربية والتنشئة الاجتماعية.

فالشجاعة الحقيقية لا تكمن في المخاطرة بالحياة، بل في القدرة على ضبط النفس واختيار الطرق الآمنة للتعبير عن الفرح.

أمام هذا الواقع. تبرز الحاجة إلى تدخل عاجل يشمل تعزيز الرقابة الأمنية، وتكثيف الحملات التوعوية. وإشراك وسائل الإعلام في نشر ثقافة الاحتفال المسؤول.

كما أن على الأسر أن تتحمل مسؤوليتها في مراقبة أبنائها وتوجيههم نحو السلوكيات الإيجابية.

ختاما. فإن إحياء القيم الأصيلة والوعي الجماعي هو السبيل الوحيد لتحويل مواكب الأعراس من مناسبات للخوف والترقب إلى احتفالات امنة تعكس جمال التقاليد الجزائرية وروح الإسلام السمحة.

فالحياة أمانة، والفرح الحقيقي لا يكون على حساب الأرواح.

ج.غزالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى