
استعاد أكثر من عشرين شخصاً القدرة على القراءة مرة أخرى بعد سنوات من فقدان البصر بسبب مرض الضمور البقعي المرتبط بتقدم العمر.جاءت هذه النتائج المذهلة بفضل زراعة جهاز إلكتروني متطور يتصل بنظارة ذكية مزودة بكاميرا خاصة.أجريت هذه التجربة الثورية ضمن دراسة طبية شملت ثمانية وثلاثين مريضاً تجاوزوا سن الستين.
يعتبر مرض الضمور البقعي من الأمراض التي تصيب العين مع التقدم في العمر ويؤدي إلى تلف الخلايا المسؤولة عن الرؤية المركزية.يتسبب هذا المرض في موت الشبكية بشكل تدريجي على المدى الطويل وهو من الأمراض المستعصية التي لا يمكن إيقاف تطورها.تمكن المشاركون في الدراسة من تجاوز هذه الإعاقة البصرية عبر نظام تقني متكامل يعتمد على أجهزة صغيرة الحجم.
تقنية ثورية تتحدى العمى
اعتمدت الدراسة على أجهزة طبية مصغرة لا يتجاوز حجمها اثنين في اثنين مليمتراً مصنوعة من ألواح شمسية ضوئية بالغة الصغر.تم زرع هذه الأجهزة المتطورة تحت عيون المرضى المشاركين في التجربة الطبية.ارتدى جميع المشاركين في البحث نظارات ذكية متصلة بكاميرات متطورة قادرة على التقاط الصور والمشاهد البصرية.
يعمل النظام الجديد على نقل الصور التي تلتقطها كاميرا النظارة الذكية مباشرة إلى العصب البصري عبر الجهاز المزروع تحت العين.يحاكي هذا الجهاز الإلكتروني دور الخلايا البصرية الطبيعية التي تلفت بسبب المرض.تمكن النظام المتكامل من استعادة الرؤية الجزئية لثمانين بالمائة من المشاركين في الدراسة.أصبح هؤلاء المرضى قادرين على قراءة الصحف والنصوص بالأبيض والأسود بعد سنوات من الحرمان من هذه المهارة الأساسية.
نتائج مبهرة وتفاؤل حذر
يؤكد الخبراء أن هذه النتائج تمثل إنجازاً طبياً مذهلاً يفتح آفاقاً جديدة لعلاج أمراض العيون المستعصية.يشير الأطباء إلى أن القدرة على استعادة وظيفة القراءة تعتبر نقطة تحول كبيرة في حياة المرضى المسنين.رغم أن النظام الحالي يمكن المرضى من الرؤية بالأبيض والأسود فقط إلا أن هذه خطوة تاريخية في مجال طب العيون.
يعتبر مرض الضمور البقعي من أكثر أسباب فقدان البصر شيوعاً بين كبار السن حول العالم.كان المرضى يعانون سابقاً من تدهور مستمر في الرؤية دون وجود أي أمل في التحسن.تشكل هذه التقنية الجديدة أملاً حقيقياً للملايين من المصابين بهذا المرض في مختلف أنحاء العالم.تمثل القدرة على القراءة مرة أخرى حلمياً يراود كل من فقد نعمة البصر بسبب هذا المرض المستعصي.
نظارة ذكية .. رحلة التطوير والابتكار
تعود جذور هذه التقنية الثورية إلى شركة فرنسية متخصصة في الأجهزة الطبية كانت تعمل على تطوير عين إلكترونية.واجهت الشركة الفرنسية صعوبات مالية أدت إلى توقفها عن العمل في عام ألفين وأربعة وعشرين.تمكنت شركة تقنية متخصصة من الاستحواذ على هذه التقنية الواعدة وتطويرها بشكل أكبر.
يقود عملية التطوير حالياً رئيس إحدى الشركات التقنية الذي يعد أيضاً من المؤسسين المشاركين لشركة متخصصة في تطوير الشرائح الدماغية.يشكل هذا المشروع جزءاً من مسيرة علمية طويلة تهدف إلى دمج التقنية المتطورة مع الطب الحديث.تمكن الفريق البحثي من تحويل فكرة كانت تبدو خيالية إلى واقع ملموس يحقق نتائج إيجابية على أرض الواقع.
تشكل هذه التجربة نجاحاً مبهراً في مجال الطب التقني الذي يشهد تطورات متسارعة في الآونة الأخيرة.تمهد هذه النتائج الطريق أمام علاجات أكثر تطوراً لأمراض العيون المختلفة في المستقبل القريب.يعمل الباحثون حالياً على تطوير النظام لتحسين جودة الصور وتوسيع نطاق الرؤية للمرضى.قد تشهد السنوات القليلة المقبلة تحسينات كبيرة في هذه التقنية تجعلها متاحة لعدد أكبر من المرضى حول العالم.
رغم أن النظام الحالي لا يزال في مراحله التجريبية إلا أن النتائج المشجعة تبعث على التفاؤل بمستقبل أفضل لمرضى الضمور البقعي.ستكون الخطوة القادمة هي توسيع نطاق التجارب ليشمل عدداً أكبر من المرضى وتحسين أداء النظام.تمثل هذه الثورة التقنية الطبية أملاً جديداً للملايين من المسنين الذين يعانون من فقدان البصر التدريجي.ستغير هذه التقنية حتماً من مفهوم علاج أمراض العيون المستعصية وطريقة تعامل الأطباء مع حالات الضمور الشبكي.
بن عبد الله ياقوت زهرة القدس