محلي

من التاريخ إلى الابتكار

معرض طلابي يتنفس المستقبل

بعيدًا عن الطابع الاحتفالي التقليدي، أظهرت جامعة وهران 1 وجهًا آخر ليوم الطالب، من خلال معرض طلابي متنوع جمع مشاريع تخرج، وأفكارًا مبتكرة، ومنتجات محلية الصنع تمثل ثمرة جهود طلاب من مختلف التخصصات العلمية. هذا المعرض لم يكن مجرد فضاء عرض، بل كان تعبيرًا حيًا عن تمسك الجيل الجديد بقيم البناء والإبداع، مع التطلع إلى المستقبل بثقة.


ولعلّ أبرز ما ميز هذه المبادرات هو الانسجام الواضح بين الطابع الأكاديمي والبعد الاقتصادي والاجتماعي، حيث تحوّلت مذكرات التخرج من بحوث نظرية إلى مشاريع ناشئة حقيقية، قابلة للتجسيد الميداني والمساهمة في الدورة الاقتصادية الوطنية، ما يكشف عن تحول في الذهنية الطلابية نحو روح الريادة والابتكار.

من ضمن الأجنحة التي لفتت الانتباه، برز مشروع طلابي يقوم على استغلال خلية النحل في إنتاج مواد طبيعية موجهة للتجميل والعناية، شملت ماسكات، سيرومات، صابون، وزيوتا طبيعية. هذا المشروع لم يكن مجرد عرض تجاري، بل مشاركة أكاديمية ضمن تأطير مشروع تخرج، حيث سعت المجموعة الطلابية من خلاله إلى الدمج بين المعرفة البيولوجية والتطبيق العملي من جهة، وبين متطلبات السوق وحاجيات المستهلك من جهة أخرى، مع الالتزام الكامل بمقاييس السلامة والجودة.

من كلية البيولوجيا، التغذية وعلوم الأمراض، برزت الطالبة “نجادي أحلام”، التي عرضت منتجًا غذائيًا مبتكرًا يتمثل في “بودرة البانكيك الصحية”، الخالية من السكر والغلوتين، والغنية بالبروتين والألياف. يتم تحضيرها فقط بإضافة الماء، ما يجعلها منتجًا عمليًا وسريع التحضير، يناسب نمط الحياة العصري. وقد أكدت “أحلام” أن قاعدة هذا المنتج هي دقيق الكينوا ودقيق جوز الهند، وأنه يمثل مشروع تخرج ضمن شركة ناشئة تم إنشاؤها لهذا الغرض، ما يعكس توجهًا طلابيًا جديدًا نحو الاستثمار في الغذاء الصحي.

رئيسة نادي “ميديكيس”، “غوراديا رانيا”، طالبة الطب، قدّمت تجربة فريدة من نوعها، حيث يُعد النادي الوحيد في كلية الطب الذي يعتمد على اللغة الإنجليزية في نشاطاته. وقد شارك النادي في المعرض من خلال مبادرات مبتكرة، أبرزها ألعاب تعليمية لتسهيل تعلم اللغة الإنجليزية، فضلا عن حملة توعوية حول المكياج السليم والصحي، في إطار الحرص على التجميل الآمن.

وقد شددت “رانيا” على أن الطب لا يقتصر على الجانب العلاجي فقط، بل يشمل أبعادًا ثقافية، تجميلية، لغوية وحتى تكنولوجية، مؤكدة أن الطالب في كلية الطب هو كيان متعدد الأوجه، قادر على المبادرة والتعبير في مختلف المجالات، لا سيما حين يتاح له الفضاء المناسب لذلك.

من كلية الصيدلة، قدّمت الطالبة “صابرينة”، سنة خامسة، مشروعها حول تحضير كريم طبيعي مضاد للالتهابات وآخر لمعالجة آثار الجروح الجلدية، ضمن مسعى يجمع بين التكوين الأكاديمي والبعد العملي. المشروع لم يتوقف عند الجانب التحضيري فقط، بل امتد إلى إطلاق تطبيق إلكتروني يحمل اسم “لور دو سابوا”، سيكون متاحًا للتحميل عبر منصة “بلاي ستور” خلال عشرة أيام. هذا التطبيق سيوفر معلومات دقيقة عن المنتجات، مكوناتها، استخداماتها، ومزاياها الصحية، في خطوة تهدف إلى توظيف التكنولوجيا في تسويق منتجات طبية طبيعية بأيدي طلابية.

الجامعة كحاضنة وطنية ومخبر للمواطنة

يظهر من خلال مختلف المشاركات أن الجامعة الجزائرية، ورغم التحديات، بدأت تتبلور بوصفها حاضنة وطنية حقيقية، ومجالًا خصبًا لترجمة روح المبادرة والابتكار، لا فقط في البحوث والمخابر، بل في الواقع الميداني.

فالمشاريع المقدمة لم تكن بعيدة عن هموم المجتمع، بل جاءت كأجوبة علمية ملموسة لمشكلات استهلاكية وصحية وحتى لغوية، وهو ما يؤشر إلى مدى نضج الوعي الطلابي الجديد، ومدى استعداد هذا الجيل للإسهام في بناء اقتصاد وطني مبني على المعرفة والمنتوج المحلي.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى