تكنولوجيا

منصة “الإبداع التعليمية”

 نموذج للتحول الرقمي في المدارس الخاصة"

في عالم سريع التغير تسوده التكنولوجيا، برزت منصة “الإبداع التعليمية” كإحدى المبادرات الرائدة في الجزائر، بهدف رقمنة قطاع التعليم الخاص وتحسين جودته. هذه المنصة لم تكن وليدة الصدفة، بل هي نتاج رؤية طموحة لشاب جزائري من ولاية الجلفة، وهو أسامة، خريج ماستر في اللغة الإنجليزية من جامعة الجلفة.

منذ الصغر، كان شغفه بالتكنولوجيا والابتكار واضحا، خاصة في مجال برمجة الويب، وهو ما دفعه إلى استثمار جهوده لتحقيق تغيير إيجابي يخدم القطاع التعليمي في الجزائر.

 

بداية الرحلة: بين الشغف والرؤية

بدأ شغف أسامة بالتكنولوجيا منذ نعومة أظافره، حيث كان مفتونا بالابتكار وحل المشكلات التقنية. رغم أن دراسته الجامعية كانت في اللغة الإنجليزية، إلا أن هذا لم يمنعه من متابعة اهتمامه العميق ببرمجة الويب. بفضل هذا الشغف، قرر أسامة تطوير مهاراته التقنية بشكل ذاتي، فتعلم البرمجة خطوة بخطوة حتى أصبح قادرا على بناء موقع إلكتروني، حيث صرح أسامة للبديل، قائلا:” راودتني فكرة إنشاء منصة الإبداع التعليمية عندما لاحظت التحديات التي تواجه المدارس بشكل عام في الجزائر في إدارة شؤونها اليومية وتوفير بيئة تعليمية متميزة للطلاب. بصفتي شخصًا مهتمًا بالتكنولوجيا والتعليم، كنت أبحث دائمًا عن طرق يمكن أن تُسهم بها التقنيات الحديثة في تحسين العملية التعليمية. أثناء دراستي وتجربتي في برمجة الويب، أدركت أنني أملك الأدوات والمعرفة اللازمة لتقديم حلول مبتكرة تُساعد المدارس على تحسين الكفاءة، تسهيل التواصل بين جميع الأطراف، وتوفير موارد تعليمية تواكب العصر. وهكذا، بدأت رحلتي في تطوير المنصة، واضعًا نصب عيني رؤية تقديم خدمة تعليمية مبتكرة تخدم الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور على حد سواء.

 

تطوير المنصة: خطوة بخطوة نحو التميز

بدأ أسامة العمل على المشروع من خلال تطوير نموذج أولي، وهو ما يراه خطوة أساسية لضمان نجاح المنصة، حيث قال في هذا الصدد:” كنت بحاجة إلى التأكد من أن فكرتي قابلة للتنفيذ. لذلك طورت نموذجا أوليا واختبرته مع عدد محدود من المدارس. ملاحظاتهم كانت حاسمة لتحسين التصميم والميزات”.

 

ميزات منصة الإبداع التعليمية

تُقدم منصة الإبداع التعليمية خدمات متكاملة، وتتميز بكونها مخصصة لكل مدرسة بشكل فردي. ويوضح أسامة: “ما يميزنا أننا لا نقدم حلاً عامًا، بل نخصص نسخة من المنصة تحمل اسم المدرسة وهويتها، مما يجعلها جزءًا من هوية المؤسسة التعليمية. نحن نقدم حلولًا تتماشى مع الاحتياجات الفعلية للمدارس الجزائرية.”

كما أن خدمات هذه المنصة تشمل على: إدارة الطلاب: تسجيلهم ومتابعة أدائهم الدراسي – تنظيم الحصص الدراسية: إعداد الجداول وإدارة الوقت – التواصل بين الأطراف: تسهيل تبادل المعلومات بين المعلمين، أولياء الأمور، وإدارة المدرسة – أدوات تعليمية تفاعلية: تدعم اللغتين العربية والفرنسية.

 

التحديات الأولى

على الرغم من نجاح الفكرة، فإن تحويلها إلى مشروع لم يكن سهلا. ويشرح أسامة ذلك قائلا “أكبر تحد كان تجميع احتياجات المدارس وتحويلها إلى خطة عمل واضحة لبناء منصة شاملة. كنت بحاجة إلى تحديد الأولويات ووضع ميزات أساسية تلبي احتياجات المستخدمين بشكل عملي”.

 

النموذج المالي وخدمات البيع

حول نموذج العمل الخاص بالمنصة، يقول أسامة: “المنصة متاحة للبيع بشكل كامل، حيث يتم تخصيص نسخة لكل مدرسة تتوافق مع احتياجاتها. نقدم خدمة متكاملة تشمل الدعم الفني والصيانة الدورية. نحن لا نهدف إلى تقديم خدمات مجانية، بل نركز على تقديم قيمة حقيقية للمؤسسات التعليمية”.

 

مستقبل المنصة: الذكاء الاصطناعي في الطريق

رغم أن المنصة الحالية لا تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن أسامة لديه خطط طموحة لإدماجها مستقبلا. ويوضح رؤيته قائلا: “الذكاء الاصطناعي جزء من خططنا المستقبلية. نطمح لتطوير ميزات تحليل الأداء التعليمي للطلاب، تخصيص المحتوى بناء على احتياجاتهم، وتحسين إدارة الوقت والموارد”.

 

رؤية طموحة لمستقبل التعليم في الجزائر

يحلم “أسامة” بأن تصبح منصة الإبداع التعليمية الأداة الرقمية الأولى لرقمنة التعليم الخاص في الجزائر. يقول بثقة: “طموحي الأساسي هو أن تعتمد الدولة الجزائرية منصتنا كجزء من استراتيجيتها لرقمنة التعليم. أريد أن تساهم المنصة في تحسين العمليات الإدارية والتعليمية وتعزيز تجربة التعلم للطلاب والمعلمين على حد سواء”.

وفي رسالة موجهة للشباب الطموح، يقول “أسامة”: “ابدأ مشروعك بدراسة السوق المحلي وتحديد المشاكل التي يمكنك تقديم حلول فعالة لها. في الجزائر، هناك فرص هائلة لرقمنة مختلف القطاعات، خاصة التعليم. كن مبتكرًا، ولا تخف من مواجهة التحديات. الأهم هو أن تكون لديك رؤية واضحة وطموح مستمر”.

منصة “الإبداع التعليمية” ليست مجرد مشروع تقني، بل هي رؤية شاملة تسعى لتحسين التعليم في الجزائر باستخدام التكنولوجيا. بفضل التزامه وشغفه، يجسد أسامة نموذجًا يُحتذى به لشاب جزائري طموح يعمل بجد ليحدث تغييرًا إيجابيًا يخدم مجتمعه. مع خططه المستقبلية واستعداده المستمر للتطوير، يبدو أن منصة الإبداع التعليمية مهيأة لتكون جزءًا أساسيًا من مستقبل التعليم في الجزائر.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى