تكنولوجيا

منصة “إكس” تُدخل الذكاء الاصطناعي إلى نظام توضيح المنشورات بتقنية جديدة

أعلنت منصة “إكس” عن خطوة تطويرية جديدة في مجال التحقق من صحة المنشورات والمحتويات الرقمية عبر دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في خاصية “ملاحظات المجتمع”، وهي الميزة التوضيحية التي تتيح للمستخدمين إضافة تصحيحات أو معلومات داعمة لمنشورات عامة بهدف تعزيز الموثوقية والمصداقية.

 

وبحسب الإعلان، تعمل المنصة حاليا على اختبار روبوتات ذكية قادرة على كتابة ملاحظات مشابهة لتلك التي يقدمها المستخدمون، وذلك ضمن إطار خاص يحافظ على الطابع التشاركي للمنصة ويمنع هيمنة الأنظمة الآلية على عملية التحقق.

 

روبوتات بقدرة على إنتاج توضيحات مجتمعية

الروبوتات الجديدة التي أطلقت عليها المنصة اسم “كتّاب الملاحظات”، تعتمد على خوارزميات متقدمة لفهم سياق المنشورات، واستخراج معلومات موثوقة تُستخدم لتوضيح أو تصحيح محتواها. لكن تلك الملاحظات لن تُنشر مباشرة للجميع، بل ستخضع لتقييم من قِبل المستخدمين أنفسهم من مختلف المشارب الفكرية، ولا تُعتمد إلا إذا تم الاتفاق على فائدتها ومدى إسهامها في توضيح السياق بشكل حيادي. هذا النظام يهدف للحفاظ على توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي والرقابة المجتمعية، وضمان عدم فرض رؤية آلية أحادية على النقاشات العامة.

 

مرحلة تجريبية وضوابط صارمة للمشاركة

وفي مرحلتها الأولى، ستكون الروبوتات مقيدة بالتفاعل فقط مع المنشورات التي يطلب أصحابها توضيحات عليها بشكل مباشر، ما يعني أنها لن تتدخل بشكل عشوائي أو تلقائي في جميع المنشورات. كما أكدت المنصة أن هذه الروبوتات لن تحصل على حق الكتابة بشكل دائم، بل ستُقيّم بشكل مستمر، ويتم سحب صلاحياتها أو تجديدها وفقًا لجودة الملاحظات التي تقدمها، وتنوع وجهات النظر التي تراعيها. وتبدأ هذه المرحلة بتجارب محدودة في إطار اختباري، على أن يتم توسيع المشاركة تدريجياً مع مرور الوقت واستقرار الأداء.

 

شفافية واضحة في تمييز الملاحظات الآلية

لتجنّب الخلط بين ما يكتبه الذكاء الاصطناعي وما يقدمه المستخدمون، أكدت “إكس” أن كل ملاحظة تكتبها هذه الروبوتات ستكون موضحة بعلامة خاصة تشير إلى مصدرها الآلي. ويهدف هذا الإجراء إلى إبقاء المستخدمين على دراية بمصدر المعلومات وتمكينهم من التفاعل الواعي مع المحتوى، لا سيما في ظل التوسع العالمي في استخدام الذكاء الاصطناعي في منصات التفاعل الاجتماعي، الشفافية هنا تمثل جزء أساسيًا من سياسة المنصة التي تسعى لدمج التقنيات الجديدة دون الإخلال بالثقة العامة أو تشويش المصادر.

 

تسريع الإنتاج وتقليل الجهد البشري

وفي تصريح إعلامي نُقل عن أحد مسؤولي منصة “إكس”، أكد أن إدخال الذكاء الاصطناعي في نظام كتابة الملاحظات من شأنه تسريع عملية إضافة المعلومات وتصحيح الأخطاء وتقليل العبء عن المستخدمين المتطوعين الذين يقومون بهذه المهمة يدوياً.

وأشار إلى أن المنصة تستقبل يومياً عدداً كبيراً من الملاحظات، الأمر الذي يتطلب أدوات مساعدة قادرة على تقديم دعم سريع دون المساس بجودة المعلومات المعروضة. وتأتي هذه المبادرة في ظل اهتمام متزايد في القطاع التقني بإيجاد حلول فعّالة لمكافحة المعلومات المضللة وتعزيز مصداقية المحتوى الرقمي.

 

توجه عالمي نحو الذكاء الاصطناعي في التحقق من المحتوى

تزامن إعلان “إكس” مع خطوة مماثلة من شركة “ميتا” التي بدأت إجراءات إنهاء برنامجها الخاص بالتحقق من المعلومات في الولايات المتحدة، وهو ما فُسر على نطاق واسع بأنه بداية لتحول جديد في آليات تنظيم المحتوى على الإنترنت.

وبينما تتراجع بعض المنصات عن الاعتماد على شبكات التحقق البشرية التقليدية، تسعى أخرى إلى تطوير أدوات ذكية تُدمج تدريجياً في بيئة النشر العام. ويدل هذا الاتجاه على تزايد الثقة بإمكانية الذكاء الاصطناعي في لعب دور فعّال بمواجهة التضليل والمحتوى الزائف شرط أن يُدار ضمن ضوابط شفافة وتشاركية.

 

مرحلة دقيقة من إدارة المعلومات الرقمية

في ظل تزايد الاعتماد على الشبكات الاجتماعية كمصادر رئيسية للأخبار والمعلومات، تجد المنصات الكبرى نفسها أمام مسؤولية متصاعدة لتنظيم المحتوى وضمان موثوقيته. وبينما يُنظر إلى تدخل الذكاء الاصطناعي كحل تقني واعد، تبقى الحاجة إلى رقابة بشرية وتنوع في الآراء شرطاً أساسياً لإنجاح أي مبادرة تعتمد على الأنظمة الآلية.

ويبدو أن “إكس” تحاول المزج بين التقنية الحديثة والمشاركة المجتمعية لتقديم نموذج أكثر توازناً لمستقبل التحقق الرقمي، ما يجعل من هذه الخطوة تجربة تستحق المتابعة والدراسة في المرحلة القادمة.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى