تكنولوجيا

منافسة قوية في عالم روبوتات الدردشة الذكية:

صعود "غروك" و"جيميناي" يتحدى هيمنة "تشات جي بي تي"

يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي تحولات كبيرة في مجال روبوتات الدردشة الذكية، حيث لم يعد “تشات جي بي تي” المنصة الوحيدة المهيمنة على السوق. فقد ظهرت مؤخراً منصات منافسة تسجل نمواً لافتاً في عدد المستخدمين، أبرزها روبوت “غروك” التابع لشركة “إكس إيه آي” المملوكة لإيلون ماسك، والذي حقق قفزة كبيرة في عدد المستخدمين بلغت 800 بالمائة خلال فترة زمنية قصيرة، مما يجعله أحد أسرع المنصات نمواً في هذا المجال.

تشير أحدث البيانات الصادرة عن شركات التحليل التقني إلى أن المنافسة على المراكز المتقدمة في هذا القطاع أصبحت أكثر شراسة من أي وقت مضى، فبينما يحافظ “تشات جي بي تي” على صدارته بأكثر من 500 مليون مستخدم نشط أسبوعياً، تظهر الأرقام أن منصات مثل “جيميناي” التابعة لـ”غوغل” و”كوبايلوت” المدعوم من “مايكروسوفت” و”كلود” التابع لشركة “أنثروبيك” تسجل نمواً ملحوظاً في عدد الزيارات اليومية.

وصل متوسط الزيارات اليومية لـ”جيميناي” إلى 10.9 مليون زيارة في شهر مارس الماضي، مسجلاً زيادة بنسبة 7.4 بالمائة عن شهر فبراير. بينما حقق “كوبايلوت” 2.4 مليون زيارة يومية بزيادة قدرها 2.1 بالمائة. أما منصة “كلود” فقد سجلت متوسط 3.3 مليون زيارة يومية، في حين تجاوز الروبوت الصيني “ديب سيك” حاجز 16.5 مليون زيارة يومية.

يبرز أداء روبوت “غروك” كأحد أكثر النتائج إثارة للاهتمام، حيث حقق نفس عدد الزيارات اليومية التي سجلها “ديب سيك” رغم كونه جديداً في السوق.

هذا النمو الهائل الذي وصل إلى 800 بالمائة شهرياً يجعل “غروك” من أبرز المنافسين في هذا القطاع، خاصة مع الدعم الذي يتلقاه من إيلون ماسك وشركته “إكس إيه آي”.

يعزو الخبراء هذا النمو الكبير إلى عدة عوامل رئيسية، يأتي في مقدمتها إطلاق نماذج ذكاء اصطناعي أكثر تطوراً، مثل “كلود 3.7″ من أنثروبيك الذي ساهم في زيادة عدد مستخدمي المنصة بنسبة 21 بالمائة خلال أسبوع واحد فقط، و”جيميني 2.0” من غوغل الذي أدى إلى ارتفاع عدد المستخدمين النشطين أسبوعياً بنسبة 42 بالمائة.

كما لعبت الإضافات والتحديثات الجديدة دوراً مهماً في جذب المزيد من المستخدمين، فقد أضافت غوغل أداة “كانفاس” إلى منصة “جيميناي” التي تتيح للمستخدمين معاينة نتائج البرمجة بشكل تفاعلي، بينما واصلت أنثروبيك تحسيناتها المستمرة على منصة “كلود” بإضافة دعم للملفات الطويلة وتحسين دقة الإجابات.

يضاف إلى ذلك العامل الأهم وهو الاهتمام العالمي المتزايد بالذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، مما شجع المزيد من المستخدمين على تجربة مختلف المنصات المتاحة. هذا الاهتمام المتزايد يخلق بيئة تنافسية صحية تدفع الشركات المطورة إلى تقديم منتجات أفضل وأكثر تطوراً.

رغم هذا النمو الكبير للمنافسين، لا يزال “تشات جي بي تي” يحتفظ بمكانته كرائد في هذا المجال، حيث يفوق عدد مستخدميه أعداد جميع المنافسين مجتمعين. ومع ذلك، فإن وتيرة النمو السريعة التي تظهرها المنصات المنافسة، وخاصة “غروك”، تشير إلى أن السوق قد يشهد تحولات كبيرة في المستقبل القريب.

يتوقع الخبراء أن تشهد الفترة المقبلة زيادة في الاستثمارات الموجهة لتطوير روبوتات الدردشة الذكية، مع اتجاه واضح لدمج الذكاء الاصطناعي مع خدمات أخرى مثل الترجمة الفورية والبرمجة. كما تتجه المنافسة إلى مزيد من الشراسة بين الشركات الكبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وأوبن إيه آي، مع احتمال دخول لاعبين جدد إلى السوق.

في النهاية، يبدو أن المستفيد الأكبر من هذه المنافسة المحتدمة هو المستخدم النهائي، الذي سيحصل على أدوات أكثر تطورا وسرعة ودقة.

فمع تزايد الخيارات المتاحة، ستضطر الشركات إلى تقديم ميزات أفضل وأسعار أكثر تنافسية، مما سيدفع عجلة الابتكار إلى الأمام. بينما يحتفظ “تشات جي بي تي” بمكانته كرائد في هذا المجال، فإن الصعود السريع لمنصات مثل “غروك” و”جيميناي” يثبت أن السوق ما زال مفتوحاً للمفاجآت والتحولات الكبرى.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى