
شكل موضوع “الرقابة على حركة السلع كآلية لحماية الاقتصاد الوطني من الإجرام الجمركي وحتمية تبني الرقمنة”، محور فعاليات الملتقى الوطني الثاني من نوعه حول “الرقابة على حركة السلع كآلية لحماية الاقتصاد الوطني من الإجرام الجمركي وحتمية تبني الرقمنة”، المنظم من قبل معهد الحقوق والعلوم السياسية بالمركز الجامعي مغنية بالشراكة مع المديرية الجهوية للجمارك تلمسان والمنبثق عن اتفاقية تعاون والمبرمة بين الطرفـين، وفي إطار التكوين في الطور الثالث دكتوراه.
الملتقى الوطني الذي نظم برئاسة الدكتورة “مجـدوب نوال” واحتضنه مدرج المرحوم الدكتور “باعـزيز أحمد” بالمركز الجامعي مغنية، عرف حضور إطارات إدارة الجمارك يتقـدمهم “بودادي إسماعـيل” المراقب العام مدير الإشارة والأنظمة المعلوماتية بالمديرية العامة للجمارك الذي تطرق من خلال مداخلته إلى واقع وآفاق رقمنة قطاع الجمارك بالجزائر، والتي حملت شعار إدارة الجمارك الذكية مشروع 2030، إلى جانب المدير الجهوي للجمارك بتلمسان، وإطارات الأمن، والسلطات المحلية، حيث شهـد مشاركة نخبة من الباحثين والخبراء في هذا المجال وأيضا للمتعاملين الاقتصاديين، وطلبة الدكتوراه من مختلف التخصصات من المركز الجامعي مغنية ومن عـدة مؤسسات جامعية، وناقـش موضوعات مهمة تتعلق بالجهود الدولية والمحلية في مكافحة الجرائم الجمركية، ودور الرقابة والمصالحة الجمركية، بالإضافة إلى التحديات التي يفرضها التحول الرقمي على القطاع، وقـد وزع المتدخلون على جلسات حضورية وأخرى عن بعـد تناولت الجهود الدولية والجمركية للحد من الجرائم، مع معالجة إشكالية أطروحات الدكتوراه وتقديم حلول في هذا المجال.
هذا وأكد السيد “عـابد ثابـتي” المدير الفرعي للإعلام الآلي والاتصال بالمديرية الجهوية للجمارك تلمسان في تصريح خص به “البـديل”، أن الملتقى الذي جاء في إطار التنسيق والتعاون بين المديرية الجهوية للجمارك بتلمسان والمركز الجامعي بمغنية وفقا للاتفاقية المبرمة بين الطرفين في إطار مشروع المؤسسة الجامعية “تـداعـيات الجريمة الجمركية على الاقتصاد الوطني وسبل المكافحة”، جاء بهدف شرح وتعميم التسهيلات الجمركية الممنوحة للمتعاملين، وكذا النظام المعلوماتي الجديد للجمارك ALCES، حيث عرف مشاركة 19 جامعة ومركز جامعي بمشاركة 80 أستاذا وباحثا منهم 25 حضوريا و55 عن بعـد، أين تضمن 04 ورشات في اليوم الأول و03 ورشات في اليوم الثاني.
وقد ساهمت مصالح الجمارك الجزائرية بمداخلتين، الأولى حول “التسهيلات الجمركية الممنوحة للمتعاملين الاقتصاديين” التي قـدم من خلالها جملة التسهيلات الجمركية والامتيازات الجمركية التي تمنحها إدارة الجمارك الجزائرية للمتعاملين الاقتصادية على غرار الأنظمة الجمركية الاقتصادية والمتعامل الاقتصادي المعتمد والمزايا الجبائية المختلفة، والمداخلة الثانية حول “النظام المعلوماتي الجديد للجمارك” من تقديم مدير الإشارة ونظام المعلومات للجمارك، الذي قـدم من خلالها السيد المدير شرح مفصل للنظام المعلوماتي الجديد ALCES الذي تم إطلاقه منذ شهر نوفمبر 2023، حيث يهدف هذا النظام الجديد إلى تبسيط الإجراءات الجمركية وتسهيلها مع إضفاء المزيد من الشفافية في عمليات التجارة الخارجية، فضلا عن تعزيز فعالية آليات محاربة الغش والتهرب الجبائي وتأمين البيانات، كما تم خلال هذا الملتقى تقديم العديد من المداخلات من طرف أساتذة وباحثين حول مواضيع مهمة منها الجهود الدولية للحد من الجرائم الجمركية، الرقابة الجمركية اللاحقة في إطار التوجيهات الخاصة بالمنظمة العالمية للجمارك، وكذا المصالحة الجمركية كآلية لتسوية النزاعات بعيدا عن ساحات القضاء، الموانئ الذكية ودورها في تعزيز الرقابة الجمركية على عملية نقل البضائع عبر البحر، دور الرقمنة في تطوير قطاع الجمارك، رقمنة قطاع الجمارك ـ نحو عصرنة الخدمات وتعزيز الفعالية-، دور التحول الرقمي في مكافحة الجريمة الجمركية وحماية الاقتصاد الوطني، دور المنظمة العالمية للجمارك في التحول الرقمي للإدارات الجمركية.
من جهته، البروفـيسور “تربش محمد” المدير المساعـد المكلف بالتنمية والاستشراف بالمركز الجامعي مغنية، ثمن تنظيم هذا الملتقى الوطني والذي جاء ـ حسبه ـ في وقـتـه، خاصة وان الجزائر في طريق الانفـتاح حول التجارة الخارجية”، مؤكدا بذلك أنه لابد من عصرنة قطاع الجمارك، وهذا حتى يكون بالمرصاد للتجاوزات أو السلوكيات الغير مشروعة اتجاه التجارة الجزائرية، طبعا وهذا حماية للاقتصاد الوطني وحماية للقدرة الشرائية للمواطن، مشيرا في ذات السياق أن هناك العـديد من الأساتذة في مجال تخصصهم يعملون في المالية العامة أو في قطاع الضرائب، أين كان لهم حقيقة الأمر أرض خصبة للتعرف على مختلف الرسوم والضرائب الخاصة بعملية التصدير أو الاستيراد وما هي الوسائل والتسهيلات التي أصبحت تقدم إلى المتعاملين الاقتصاديين في سبيل تسريع وسيلة التصدير أو الاستيراد، وهذا عملا بمبدأ السرعة في المبادلات التجارية أو هذا من سمات الاقتصاد الحديث أو ما يعرف بالاقتصاد المعاصر، وهذا ما تسمو إليه جميع الدول، طبعا حتى الجزائر هي الأخرى أصبحت لها مكانتها الخاصة في الرفع من وتيرة هذه الإجراءات واختصار واخـتـزال الزمن، وضرورة الاستفادة من التكنولوجية الحديثة لكـبح ومحاربة عملية التهريب أو عمليات غير المشروعة للحد من نخر الاقتصاد الجزائري.
هذا، ودعـا المشاركون في ختام أشغال هذا الملتقى الوطني إلى القيام بالحملات التحسيسية والندوات والأيام الدراسية لفائدة المتعاملين الاقتصاديين مع إدارة الجمارك، لتوضيح الخدمات الجمركية الالكترونية ومراحل الحصول عليها، مع السعي إلى تشجيع مؤسسات الأعمال على استخدام التقنيات المعلوماتية من أجل الرفع من إنتاجياتها، فضلا عن مضاعفة عمليات تأمين الأنظمة المعلوماتية والبرامج الرقمية من أخطار القرصنة وتفعيل دور المركز الوطني للإشارة ونظام المعلومات للجمارك في تأمين استعمال تكنولوجية الإعلام والاتصال، لأن تطوير الأنظمة الرقمية الآمنة وحماية البيانات أصبحت قضية ومطلوبة أكثر من أي وقت.
كما دعا القائمين على أشغال هذا الملتقى، إلى ضرورة الاستفادة من التكنولوجية الحديثة بشكل كبير في حماية الاقتصاد الوطني من الجرائم الجمركية، من خلال إتباع أنظمة ذكية لإدارة المخزون، فهي تساعد في تتبع حركة البضائع بدقة، مما يجعل من الصعب تهريب البضائع أو إخفاء قيمتها الحقيقية، كما يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات هائلة من البيانات الجمركية، إلى جانب هذا من الضروري إعادة النظر في الترسانة القانونية المنوط بها تنظيم الجريمة الجمركية وبخاصة من حيث مقدار العقوبة، بحيث يجب أن تتوافق العقوبة مع خطورة الجريمة الجمركية كجريمة اقتصادية، ومن الضروري أيضا تعزيز التعاون الدولي لحماية الاقتصاد الوطني من الجرائم الجمركية، من خلال تبادل المعلومات الاستخبارتية التي تساهم في الكشف عن الشبكات الإجرامية العابرة للحدود وتتبع تحركاتها، كما يتيح التنسيق بين الأجهزة الجمركية في مختلف الدول تتبع البضائع المشبوهة وتوقيفها قبل وصولها إلى وجهتها النهائية، وكذا تبني المصالحة كآلية لفض المنازعات الجمركية، لأن الجزاء الجنائي لا يحقق الغاية المطلوبة، وهي فرض الرسوم على حركة السلع وعلى الاستيراد والتصدير.
ومن التوصيات التي جاء بها أيضا أشغال هذا الملتقى الوطني، ضرورة إنشاء نظام رقمي مشترك بين قطاع العدالة والجمارك عن طريق إنشاء منصة إلكترونية موحدة لتبادل المعلومات والبيانات المتعلقة بالقضايا الجمركية مثل المحاضر الجمركية (محضر الحجز ومحضر المعاينة) والمستندات القانونية، إلى جانب تحديد المرات المسموح به للإدارة الجمركية بالتصالح مع الجناة، وإذا تعدها هؤلاء، تكون الإدارة الجمركية مرغمة على إحالة القضية إلى القضاء مع تقليص زمن المصالحة الجمركية، إضافة إلى التحسيس للجمركة الإلكترونية عن طريق تفعيل التصريح الرقمي، والدفع الالكتروني، مع تبني تقنيات تتبع البضائع بطريقة فعالة، ومن الضروري أيضا توفير الموارد البشرية المؤهلة والمتقنة لفنيات وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، مع القيام بدورات تدريبية لدى خبراء منظمة الجمارك الدولية والاستفادة من خبرات الإدارة الجمركية على المستوى العالمي، فضلا عن ربط النظام المعلوماتي لإدارة الجمارك مع أنظمة الإدارات المعنية بالاستثمارات الأجنبية خاصة المؤسسات البنكية، وأخيرا ما ورد ضمن التوصيات توفير البنية التحتية لتوسيع العمل في شتى القطاعات بما في ذلك قطاع الجمارك.
أمير. ع